آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » مسؤولية الفشل!!

مسؤولية الفشل!!

 

 

بقلم:علي نصر الله

الفشل بمعنى الإخفاق، وليس الضعف، حالةٌ تقع على الطرف المُقابل للنجاح، وهي كحالة تُمثّل أحد احتمالين في السياسة والإدارة والرياضة والمدرسة و .. و .. الخ، لكن إذا كان النجاح كحالة هو الأصل في الأشياء كما الحلال في الدين، وكما المسموح في القانون، فإنّ الناس تتجه للبحث عن جهة تجعلها تتحمل مسؤولية الفشل غير أنّها لا تهتم غالباً للبحث في الذين هيؤوا للنجاح.

 

قائمة المسموح في القانون أطول وأشمل وأكبر بمرات ومرات من قائمة الممنوع، وفي الدين كل شيء مُباح وحلال إلّا أشياء محدودة مُحددة يمكن إدراجها في قائمة المُحرمات، وعلى الأعم الأغلب تكون الممنوعات في القانون مُبررة مُعللة بمنطق علمي وعملي، وتكون المُحرمات كذلك أيضاً، ويتحمل المرء مباشرة مسؤولية التطاول هنا وهناك، فهل تُوجد معايير مُحترمة تُحدد الجهة التي تتحمل مسؤولية الفشل في السياسة؟ وهل هناك جهة ذات مرجعية يُمكنها محاسبة هذه الجهة على تسببها بالفشل؟

 

في الدراسة والمدرسة، في الرياضة على تعدد مجالاتها، وفي الإدارة والاقتصاد، مروحة المسؤولية عن الفشل لا ترسم طيفاً واسعاً، ويمكن الوقوف على الأسباب والعوامل والجهات التي تتحمل هذه المسؤولية عن الفشل، فهل ينسحب الأمر ذاته على السياسة؟ أم أن الأمر فيها أكثر تعقيداً، ولماذا؟

 

أميركا في مسلسل حروبها المُمتد فشلت مرات ومرات، وفي مسلسلات الأمم المتحدة ومجلس الأمن أفشلت الكثير من الجهود ومشروعات القرارات، بل أفشلت حتى تنفيذ العديد من القرارات المُلزمة التي جرى اتخاذها، فلماذا يعجز العالم عن تحميلها مسؤولية إفشاله؟ ولماذا يتحاشى المجتمع الدولي – الذي لا نؤمن بوجوده – الجهر بمسؤوليتها عن جعله ومؤسساته وهيئاته فاشلاً؟ لماذا لا يدافع عن كيانات هذه المؤسسات ونظامها؟ ولماذا لا تدفع الدول الأعضاء عن نفسها تهمة الفشل والتخاذل سواء بالتبرؤ من هذه المؤسسات والانسحاب منها، أم بقول الحقيقة؟ وفي أضعف الإيمان لماذا لا تُهدد بإعلان الانسحاب وقول الحقيقة؟

 

المثال الأبرز، والحالة الصارخة الماثلة التي تُدلل على عجز العالم وهيئاته عن النُطق بكلمة حق، وعن الإتيان بفعل مؤثر كإعلان الانسحاب الجماعي من هذه المؤسسات والهيئات كرد فعل على تعمّد الولايات المتحدة العمل على إفشاله بمؤسساته، تتجسد باستمرار الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وتتجلى بتعطيلها قرارات واضحة صريحة اتخذها مجلس الأمن الدولي قبل عشرات السنين؟!

 

الإرهاب والتطرف الذي ينتشر ويضرب في أربع جهات الأرض حالياً، من يتحمل مسؤولية الفشل في مكافحته واجتثاثه غير أميركا؟ وإذا كان العالم لا يريد الدخول في معترك إثبات أنّ الولايات المتحدة هي مصنع الإرهاب وداعمه ومستثمره الأول، فعلى الأقل يُمكنه بالوقائع والأدلة أن يُثبت أنّها هي من يتسبب بانتشاره وتعظيم قوته بدعمها له ولمُنتجيه من حلفائها ومجموعة أدواتها في المنطقة والعالم، وهي من يُعطّل مكافحته واقتلاعه، وبالتالي هي وحدها من يتحمل المسؤولية عن الفشل والتبعات!.

 

يمتلك العالم الكثير من المعلومات، وفي جعبة الحكومات وأجهزة الاستخبارات وثائق وأدلة تُجرّم أميركا ولا تكتفي بإدانتها في أغلبية الملفات والحروب والأزمات الدولية، لكنّ السؤال الذي يبقى مطروحاً هو ليس الاستفهام عن عدم إظهار الحكومات المعلومات والوثائق والامتناع عن تداولها، وإنّما الاستفهام عن حرصها على إخفاء الأدلة والوثائق والمعلومات، والقبول بتحمّل مسؤولية الفشل بمعالجتها وحلها؟ لتكون أميركا في المُحصّلة ربما ناجحة في الهيمنة على العالم، ويكون العالم فاشلاً في التحرر من هيمنتها وناجحاً بتحمّل المسؤولية عنها في كل حالات الفشل التي تتحملها وحدها!!.

(سيرياهوم نيوز-الثورة10-4-2021)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ماذا وراء سحب الإدارة الأمريكية مشروع قانون مناهضة التطبيع مع سورية؟.

    أحمد رفعت يوسف   بشكل مفاجئ، وغير متوقع، سحب الرئيس الأميركي جو بايدن، قانون “مناهضة التطبيع مع النظام السوري” من التداول، وجمد إجراءات ...