آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » من كتاب “قدّيس ضد أسد..يوحنا كرونشتاد وليف تولستوي: قصّة عداء”

من كتاب “قدّيس ضد أسد..يوحنا كرونشتاد وليف تولستوي: قصّة عداء”

 

 

 

د.ابراهيم استنبولي

 

 

ما هو رهاب أرزاماس عند تولستوي؟

كان الكاتب العظيم ليف تولستوي يعاني في فترة من الفترات من رهاب مع نوبات خوف استحواذي. وهذا سر معرفته بتفاصيل الأعراض في هذا المرض، والتي وصفها في روايته “موت إيفان ايلييتش”.

هذا الإنسان الذي كان مُتهمًا بالعجرفة، كان مصابا برهاب الانفراد Autophobia، أو رهاب الذات، وهو خوف تولستوي المرضي من نفسه، عندما يصبح وحيدًا بصورة مفاجئة.

كان تولستوي قد قرأ عام 1869 إعلانًا في الصحيفة حول عزبة معروضة للبيع في إقليم بِنزا. وقد أثار اهتمامه السعر المنخفض للأرض المعروضة للبيع، لا سيما وأنه كان قد حصل في ذلك الوقت على مكافأة مالية محرزة من الناشر م. ن. كاتكوف لقاء روايته “الحرب والسلم”. فسافر مع خادمه أربوزوف لكي يعرف تفاصيل الصفقة. وعندئذ اجتاحه ذلك “الرهاب” أثناء الليل، وهو في الفندق، في أرزاماس.

لا يوجد أدنى شك في أنَّ تولستوي أصيب في تلك الليلة بهلع شديد. وقد كتب عن ذلك في رسالة بعثها إلى زوجته وهو في الطريق:

“كيف حالك وحال الأطفال؟ ألم يحدث لكم مكروه؟ فأنا لليوم الثاني على التوالي أعاني من قلق شديد. وفي اليوم الثالث كنت نائمًا في فندق في أرزاماس، وإذ بإحساس غريب يجتاحني. كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل، كنتُ متعبًا إلى درجة كبيرة وأردتُ أن أنام، ولم أكن أشعر بأي ألم أو توعك. وفجأة انتابني شعور بالحزن مع خوف، رعب لم يسبق لي أن شعرت بمثله أبدًا في حياتي. سوف أروى لك تفاصيل هذا الشعور فيما بعد. لكني لم أشعر قط بمثل هذا الشعور المؤلم من قبل، وأتمنى ألا يشعر به أحد آخر، لا قدّر الله. قفزت من السرير، وطلبت الاستعداد للمغادرة. وبينما كانوا يجهزّون الأغراض للرحيل، غفوتُ وأستيقظتُ بكامل العافية. أمس عاد إلي ذلك الشعور أثناء سفرنا ولكن بدرجة أخف، لكني كنتُ مستعدًّا ولم أستسلم له، لا سيما وأنه كان أضعف. وأنا الآن أشعر بنفسي سليمًا ومرِحًا، بالقدر الذي أستطيع أن أكون عليه بعيدًا عن العائلة”.

لا داعي لأن يكون المرء اختصاصيًّا كبيرًا في علم النفس لكي يلاحظ هنا ثلاث علامات من رهاب الذات: المباغتة التي يظهر معها الخوف غير المبرر، والرغبة بالهروب إلى مكان ما لا على التعيين، وتراجع حدّة الألم بشكل كبير في المرة التالية، حين يكون المرء مستعدًّا له. من المرجّح أنَّ هذه الواقعة ما كانت لتعني أي شيء بالنسبة لكتّاب سيرة تولستوي، لو لم يقم الكاتب نفسه بعد مرور حوالي عشر سنوات بالإشارة إليها في “مذكرات مجنون”. لقد كانت تلك المذكرات أول كتاب لتولستوي في فترة الانقلاب الروحي، والذي كان مرتبطًا، كما هو معروف، بالخوف من الموت. وقد أوضح في “مذكرات مجنون” أنَّ “رهاب أرزاماس” كان ناجمًا عن الخوف من الموت بالتحديد، مع أنه لم يقل شيئًا عن ذلك في رسالته إلى زوجته عام 1869.

“- ولكن، ما هذه الحماقة؟ – قلتُ في نفسي – إلامَ أتوق ومِمَّ أخاف؟

– مني – أجابني الموت بصوت خافت – ها أنذا هنا”.

 

من كتاب “قدّيس ضد أسد. يوحنا كرونشتاد وليف تولستوي: قصّة عداء”

الكتاب متوفر في معرض أربيل الذي بدأ أعماله امس في ١٧ نيسان، في جناح دار المدى المميزة.

(سيرياهوم نيوز ٣-صفحة الدكتور المترجم)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أحمد السقا يوجه رسالة مؤثرة لزميله كريم عبد العزيز ونجيب ساويرس يشارك في التعليق

أثار منشور الممثل المصري أحمد السقا على حساباته على فيسبوك و”إكس”، والذي وجه فيه رسالة إلى زميله الفنان كريم عبد العزيز، موجة من التعليقات والانتشار ...