آخر الأخبار
الرئيسية » مختارات من الصحافة » “هآرتس”: واشنطن سئمت من نتنياهو.. وتصريحاتها ستتحول إلى أفعال

“هآرتس”: واشنطن سئمت من نتنياهو.. وتصريحاتها ستتحول إلى أفعال

|

الانهماك ببنيامين نتنياهو تحوّل في غضون شهرين إلى مصدر إزعاج وعبء على البيت الأبيض، كون أولويات الولايات المتحدة واضحة وهي أوكرانيا – روسيا في المدى القصير والمتوسط.

نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية مقالاً للكاتب والمستشار السياسي ألون بينكاس، تحدث فيه التذمر الأميركي من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والإجراءات التي يتبعها في “إسرائيل”.

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

عنصران مثُلا في صلبي الانتقاد الأميركي المتزايد لبنيامين نتنياهو، الأول سياسي – استراتيجي والثاني قيمي – أيديولوجي، من ناحية سياسية، الانهماك ببنيامين نتنياهو تحوّل في غضون شهرين إلى مصدر إزعاج وعبء على البيت الأبيض. أولويات الولايات المتحدة واضحة: أوكرانيا – روسيا في المدى القصير والمتوسط، منافسة ومواجهة محتملة مع الصين في المدى الطويل. كلاهما يفرضان تخصيص وقتٍ وموارد ورأسمالٍ دبلوماسي عزيز في تعزيز وإدارة أحلاف ومخاطر.

الانهماك بـ”إسرائيل” – سواء أكان جبل الهيكل [الحرم القدسي]، أو حوارة، أو المستوطنات، أو بند التغلب [على المحكمة العليا] وتعديل قوانين أساس – هو تحويل أنظار وفرض حضورٍ ضاغط على جدول الأعمال الأميركي.

من ناحية قيمية وأيديولوجية، “إسرائيل” يُنظر إليها كدولة في عملية تراجع عن الديمقراطية الليبرالية، إلى نظامٍ شمولي ويبدو في نظرهم انها تترك قاعدة أساس العلاقات مع الولايات المتحدة: “قيم مشتركة”، الأساس للمظلة الدبلوماسية التي تمنحها الولايات المتحدة لـ”إسرائيل” منذ سبعينات القرن الماضي. عندما تجري هذه العملية لدى حليفة قريبة، الولايات المتحدة ترد. ربما ببطء ومع بعض التردد، لكنها ترد وستواصل الرد بقوة أكبر كلما مضت حكومة نتنياهو في خطواتها.

الامتناع عن دعوة نتنياهو إلى واشنطن – الأول من بين آخر 13 رئيس حكومة إسرائيلية الذي لم يتلقّ دعوة أو زيارة واشنطن خلال شهرين من أدائه اليمين، فيما تحوّل إلى حملة تتويج غير رسمية لكل حكومة – يدل أكثر من كل شيء على توبيخ أو إعلانٍ أميركي. لسنا بعد في “إعادة تقييم العلاقات” من إدارة فورد في سنة 1975، ولا “اتصلوا بنا عندما تكونون جاهزين” من جايمس بايكر في سنة 1991، لكن الحالتين كانتا في عصرٍ آخر وكانتا حول نقاط خلافٍ نقطوية. اليوم الحديث عن عملية تآكل نهايتها ليست قريبة.

استدعاء السفير في الولايات المتحدة إلى محادثة “توضيح وتوبيخ” ليس دراما بحد ذاته. نفس العمل هو رمزي في جوهره، ورغم أنه غير لطيف، بالتأكيد بين حليفتين، إنه يدل على الحاجة المُلحة في نظر واشنطن للقيام بخطوة احتجاج علنية – بعد أن اقتنعوا بأن التوجهات الهادئة لا يُستجاب لها أو تحظى باهتمام. لكن نفس الخطوة ليست قائمة بحد ذاتها وليست حدثًا وحيدًا في مسار الزمن. إنها مرحلة ضمن تبلور كتلة حرجة سلبية وسامّة من الانتقاد وعدم الرضا والخيبة.

هذه الخطوة تعكس صورة: الولايات المتحدة اتخذت موقفاً واضحاً ولم تعد تعفي نفسها بقول إنها “شؤون داخلية لدولة أخرى”. الميزة الأهم في المقاربة الأميركية هي أنهم يرون في المجريات في “إسرائيل” إنها رزمة واحدة. من ناحية غياب الصبر والتسامح، ليس هناك فصل بين البُعد التشريعي – السياسي ومحاولة انقلاب نتنياهو على النظام، وبين السياسة تجاه الفلسطينيين. أحدهما مرتبط بالآخر، وكل بُعدٍ منهما يهدف للتمكين من تطبيق الثاني.

ستة مراحل كانت لغاية الآن في تبلور الكتلة الحرجة هذه. أولًا، بعد الانتخابات، وقبل إقامة الائتلاف، أعربت الولايات المتحدة عن “قلق” ونصحت نتنياهو كصديق بعدم إقامة حكومة يمين متطرف.

في الواقع، نتنياهو لم تكن لديه حقيقةً خيارات سياسية والنصيحة تحولت إلى تحذير: الامتناع عن تعيين شركاء من اليمين المتطرف في مناصب حساسة. نتنياهو تجاهل، وعين سموتريتش وزيراً للمالية ووزيراً في وزارة الأمن مع مسؤولية عن الإدارة المدنية، وبن غفير وزيراً للأمن الداخلي، صفة رُقّيت إلى “وزير الأمن القومي”، لا أقل، مع مسؤولية أكبر عن الشرطة وتفعيل سرايا حرس الحدود في الضفة الغربية. لسببٍ ما، بعد أكثر من 30 سنة من تجربة العمل مع نتنياهو، بدا لجزءٍ من الأميركيين أنه بمثابة يمين “معتدل” يمكن الحديث معه وإنجاز أعمال. إنه نوع من سيناتور جمهوري من القدس الغربية، كمن نعرف كيف نتعامل معهم. المشكلة هي بداهةً مع نماذج مثل سموتريتش وبن غفير.

مع إقامة الائتلاف، الإدارة أعلنت بتواضعٍ واعتدال أنها “لن نحكم وفق تصريحات بل أفعال”. لكن هذه بدأت تتراكم إلى “أفعال” وجاءت المرحلة الثانية التي جاء فيها وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، في زيارة من دون هدف أو سياق دبلوماسي ما، ووقف إلى جانب نتنياهو وحذّر من تغييرات تشريعية عميقة دون توافق. كما أثنى على “منظمات المجتمع المدني”، أي الاحتجاج، على وقوفها الشجاع من أجل الديمقراطية وحذّر من سياسة غير مسؤولة في المناطق [الفلسطينية المحتلة – الضفة].

وفي المرحلة الثالثة، الرئيس جو بايدن تفرّغ للإجابة على بريد كاتب النيويورك تايمز، توم فريدمان، وحذّر نتنياهو من ترك مبادئ ديمقراطية أساسية في فصل السلطات واستقلالية الذراع القضائية.

في سنة 2019، عندما أعلن رسمياً عن ترشحه للرئاسة، قال بايدن ان الدافع الحاسم في قراره هو ان يكون جزءاً من “المعركة على روح أميركا”. الشبه السياسي بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، في الخطاب، في الأسلوب، في لعب دور الضحية والهجوم المنفلت العقال على التوازنات والقيود لم يغب عن عيني بايدن. بالنسبة له، وعلى الرغم من الفارق الكبير في الظروف (ترامب خسر الانتخابات بينما نتنياهو فاز)، نتنياهو يفعل بإسرائيل ما حاول ترامب فعله بأميركا: الإعلان عن حربٍ كبرى على بلده، على مؤسساتها وقيمها.

في المرحلة الرابعة وُقّعت رسالتين من أعضاء كونغرس، وكلهم ديمقراطيون. الأولى 92 توقيعاً ودعت إلى الحذر والاعتدال، والثانية، التي وقّع عليها 16 نائباً يهودياً، كانت أكثر عاطفية وتوجهت إلى إسرائيل كـ “من يهود ليهود”.

بعد عدة بيانات شجب من الناطق باسم الخارجية الأميركية، التي شكّلت المرحلة الخامسة، الرئيس بايدن اتصل بنتنياهو، وكانت هذه المرحلة السادسة في تصعيد الرد الأميركي. المقارنة بين البيانين للإعلام [حول المكالمة الأخيرة] يمكن ان تقنع القارئ بأن الأمر لا يتعلق بتاتاً بنفس المكالمة، وربما لن تجريا أصلاً في نفس السنة.

من ناحية نتنياهو، كانت مكالمة مهمة حول النووي الإيراني وطرق كبحه، وبحسب بايدن أعرب على مدى 46 دقيقة عن قلقه من ترك الديمقراطية و”القيم المشتركة” بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

على فرضٍ معقول بأن الحكومة ستستمر في المسار القائم، سواء فيما خص التغييرات التشريعية أو فيما خص الفلسطينيين، وعلى فرضٍ معقول بأن يمضي الوزراء في “محو حوارة”، والعودة إلى حومِش، والصعود إلى جبل الهيكل [الحرم القدسي] والتشدّق بعبارات التفوق اليهودي، وعلى فرضٍ معقول بأن الاحتجاج ضد الحكومة سيستمر وسيزداد – يمكن توقّع تفاقم الانتقاد الأميركي وخطوات إضافية، بما في ذلك في مجلس الأمن الدولي.

“يبدو لي اننا نبدو ضعفاء جداً عندما نُصدر مراراً وتكراراً بيانات دون تبعات”، قال أول أمس السيناتور كريس فان هولن، ديمقراطي من ولاية ميرلاند. يجدر الإصغاء له.

 

سيرياهوم نيوز3 – الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هآرتس: دول عربية دعمت إسرائيل في حربها على غزة وهجومها على ايران تواجه صعوبة في تبرير موقفها لشعوبها

توقع جاك خوري محرر الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن تواجه دول عربية قال إنها اصطفت إلى جانب إسرائيل في حربها على غزة وكذلك ...