آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » وحي اليقين: روسيا باقية ولاتهتز .. فاغنر وهديتها المحرجة لبوتين ..

وحي اليقين: روسيا باقية ولاتهتز .. فاغنر وهديتها المحرجة لبوتين ..

| نارام سرجون

 

تذكرت منذ أيام يقيني الذي عاش معي ويعيش معي بأن الحرب الكونية علينا لن تنتصر .. اليقين في القلب لاتفسير له حتى لو عاند المنطق .. فالمنطق كان يقول ان نسبة نجاة البلاد في الحرب التي شنها الغرب علينا تكاد تكون صفرا .. لأن الدنيا انفجرت في وجوهنا .. وكل الغرب .. وكل العرب .. وكل الخونة وكل المرتزقة وكل الارهابيين وكل الانتهازيين .. وأغرقتنا فيضانات الاخبار لتيئيسنا والتي لم تتوقف عن التدفق مثل الكوابيس .. وكانت الحيرة تضرب الشعب الذي تاه بين أن يصدق الجزيرة او ان يصدق مايراه من حقيقة .. أمام هذا المشهد كانت غرف اللقاءات الديبلوماسية الغربية تشبه مؤتمر يالطة حيث كان الحلفاء يقتسمون ألمانيا ويحددون الحصص والمكاسب والاقاليم التي سيحتلها كل طرف .. وكانت الشوارع والاحياء تقسم بين الحلفاء ويقرر الخبراء في أي شارع ستكون حدود اميريكا وحدود السوفييت وعلى اي مبنى سيرفع علم اميريكا او علم روسيا .. كل هذا في يالطا وقبل سقوط برلين لأن الحلفاء كانوا على يقين من النصر بنسبة 100% .. وكذلك الامر في سورية كان أحفاد سايكس بيكو يقسمون شوارع دمشق وحدود القوات الامريكية والبريطانية والاسرائيلية .. ويقسمون المحتفظات السورية .. وطبعا لم يكن هناك أي مكان للجيش التركي لأن الحلفاء لايريدون العثمانيين الجدد ولاالقدامى .. وكانوا يستخدمون الاتراك لتفكيك سورية واضعافها لتدخل قوات الغرب مثل ليبيا والعراق وتترك تركيا مثل الكلبة خارج الوليمة تشم رائحة الوليمة والشواء وتلعق بلسانها سفاهها ولاتقدر ان تدخل الوليمة .. وكان دور تركيا مثل دور العرب في الحرب العالمية الأولى .. ارباك العثمانيين لتسهيل دخول الانكليز والفرنسيين الى بلاد الشام .. وطبعا بعد الحرب لم ينل العرب الا عظاما من من تلك الوليمة التي حصل عليها الغرب في بلاد الشام .. فقد عوملوا معالمة الكلاب خارج الوليمة ..

 

رغم كل ذلك المنطق في الحرب الكونية على سورية في ان النجاة من الهزيمة تشبه النجاة من الموت اذا سقط أحدنا في فوهة بركان .. الا ان اليقين قي قلوبنا النقية كان يهزأ من هذا المنطق بطريقة تصل الى حد الدهشة من ثقته بنفسه .. وكان هذا اليقين يسخر من حسابات الجمع والطرح والضرب والقسمة .. ومع اننا كنا لأول مرة في تاريخ البشر نحارب في 2000 نقطة احتكاك مبعثرة ونحارب هجينا من الحروب المتمثلة بجيوش مدربة نظامية وبتنظيمات ارهابية واعمال عصابات ونشاط مدنيين عملاء في طابور خامس .. الا ان اليقين كان مثل الوحي في أرواحنا يقول لنا وبصوت قوي: (لاأمل لهؤلاء في كسب الحرب علينا .. يقيننا في قلوبنا ..ويقيننا في أوراحنا .. ويقيننا في دمائنا) .. وكان مثل يقين النبي الذي قال: والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري فلن أترك هذا الامر .. وبعض اليقين الذي لاينطق عن الهوى فينا كان يرى المنطق المدفون تحت ركام الدعاية والحرب النفسية .. فقد كنا ندرك ان الرئيس الأسد كان يتمتع بصدقية ومحبة بين جموع الشباب وأنه يمسك بأوراق قوية باما أنجزه في المواجهة مع الاميريكيين والاسرائيلييين في العراق ولبنان .. وكنا ندرك ان الاختراق الشعبي لم يكن عميقا في شرائح الشعب .. وان غباء وتهور المعارضة جعلها منبوذة ومحتقرة وهي تبحث عن التدخل الخارجي وتحرض على احتلال وطنها وأن لدينا حلفاء وقفنا معهم باخلاص وسيقفون معنا باخلاص .. وكنا ندرك ان موقع سورية الفريد سيجعل مهمة الغرب صعبة للغاية فهناك قوى في العالم سيقلقها ان يعيد الغرب استقراره في كل الشرق .. وانه سيوقف هذا الجشع حفاظا على مصالحه ..

هذا اليقين هو الذي كان يصوب أعصابنا .. ويصوب عيوننا .. ويحقن قلوبنا بالمهدئات والثقة بالنفس .. وهو نفس اليقين القوي الذي كان يحدثني عندما تناقلت الدنيا خبر محاولة انقلاب في روسيا .. يقودها متمرد هو قائد مجموعة فاغنر ..

 

حاولت ان أحس بالقلق لأن روسيا هي المظلة الحديدية التي نستظل بها في هذه الحرب .. وهي التي قاتلت معنا ديبلوماسيا واعلاميا وأخلاقيا .. وهي التي قاتلت معنا على الارض .. وهزيمتها ستنعكس علينا كما كان لهزيمتها دور في نهاية العراق .. ولغيابها دور في هزيمة لييبا .. وشئنا ام أبينا فان الجيش السوري حارب بشكل اسطوري .. ولكنه كان يتلقى السلاح والدعم من الجيش الروسي .. مما جعل امكانية صموده أفضل وخسائره أقل .. وجعل المواجهة محصورة بالتنظيمات الارهابية والدعم الللوجستي التركي والناتوي .. ولكن الناتو تجنب الانخراط المباشر هذه المرة ولم يدخل مباشرة لأن الحلفاء كان من المحتمل ان يدخل بعضهم في المواجهة الى جانبنا .. فالغرب لم يكن يعلم كيف سيتصرف حزب الله .. ولاكيف ستتصرف ايران .. ولا كيف ستتصرف روسيا .. فكل هؤلاء يعرفون ان خسارة الجيش السوري ستجلب كارثة عليهم .. ومن المحتمل ان تدخل هذه الجيوش الحرب مما رفع توقعات الحرب العالمية على الارض السورية وخارجها اذا تفجرت المواجهة المباشرة مع الناتو .. وهذه الحسابات لم تكن في حالة غزو العراق ولا في غزو ليبيا ..

ولكن ورغم كل النشاط الدعائي الغربي لتصوير الامر على انه نهاية روسيا ونهاية عصر بوتين والبوتينية .. الا ان ذلك اليقين في القلب تحرك وأمسك بأعصاب القلب ومنعها من الانجذاب نحو القلق .. واصر ذلك اليقين على ان لايكترث وأن يتوقع انتصارا روسيا ساحقا ..على التمرد .. وخاصة ان المتمردين كانوا بلا غطاء جوي .. وكان يمكن سحق قوافلهم على الطرقات كما فعل الطيران الاميريكي في طريق الموت في الكويت عندما هاجم قوافل الجيش العراقي المنسحبة من الكويت رغم الاتفاق على الانسحاب دون التعرض للقوات ..

علاوة على ذلك كان من الواضح ان حركة التمرد منبوذة ومرفوضة شعبيا ولم تحتفل بها الاوساط الشعبية الروسية حتى في وسائل التواصل .. لأن شعبية بوتين ووطنيته كانت محط احترام الشعب الروسي الذي اذا كان يشك في صحة قرار الحرب في اوكرانيا فانه رأى بأم العين ان اوكرانيا في الحقيقة هي رأس حربة الناتو في خاصرة روسيا .. وأن الناتو يخوض الحرب بنفسه علنا .. مما يعني ان بوتين كان على صواب من أن الحرب الوقائية هي الافضل من انتظار اوكرانيا كي تصبح اقوى وعضوا في الناتو ..

 

بوتين اليوم أقوى بعد هذا التمرد الخاطف الذي خطف الابصار ولكنه تلاشى كالبرق .. وهذا الانهيار السريع للتمرد سيقدم رسالة لكل من يفكر بأن يثير اي تمرد ان فاغنر القوية والشرسة حاولت وفشلت بسرعة .. وسبب الفشل ليس لأنها لاتملك قوات جوية بل لأن قائد فاجنر ووجه بتمرد داخلي وامتعاض .. كما انه تنبه الى ان الحماس في الشارع محدمد جدا .. ولاحظ ان حركته لم تقدر ان تجذب اي عسكري او ضابط روسي رفيع في اي مكان ليعلن انشقاقه وتأييده .. وكان يتوقع ان مجرد اعلان التمرد فانه سيسمع بتردد صداه في كل روسيا . وسيضطر بوتين الى الاستماع اليه .. لأنه لم يعد صوتا منعزلا بل يمثل تيارا منتشرا ..

 

ماحدث سيحسم الحرب وسيجعل بوتين وقد اضاف شرعية جديدة وتفويضا اضافيا .. وربما سيستمع الى اقتراح المعارضين له في الجيش الذين يعترضون على النعومة في ضرب اوكرانيا وابقاء مؤسسات الحكم والمقر الرئاسي لزيلينسكي دون ضرب .. وترك مطارات اوكرانيا تستقبل الغربيين وطائراتهم .. وهؤلاء يريدون ان يكونوا أميريكيين في طريقة الضرب حيث لارحمة ولاحسابات الا للنصر السريع دون اي حرج او اعتبار لاي انتقاد .. أي احراق كل شيء .. رغم ان بوتين يريد الحفاط على بعض الود مع الشعب الاوكراني لأنه يرى ان ماحدث في اكرانيا هو يشبه ماحدث في سورية .. ولذلك نلاحظ ضآلة الخسائر في أرواح المدنيين الاوكران والاقتصار على خسائر الجيش والبنى التحتية للجيش ودعمه اللوجستي .. لأن هناك شريحة كبيرة من الاوكران لاتزال تميل الى روسيا مع انها ليست روسية بل اوكرانيا .. وهناك شريحة نازية اوكرانية برعاية امريكية تشبه النازيين الاسلاميين الذين شنوا الحرب على سورية تحت رعاية امريكية .. ولكن نازيي اوكرانيا افلحوا في الوصول الى السلطة وشرعوا في اثارة النعرات الاهلية بين الروس والاوكران فور وصولهم تماما كما حاول النازيون الاسلاميون اثارة الصراع الطائفي حيثما حلوا في سورية والعراق .. وبوتين يرى الصراع مع اوكرانيا اشبه بالحرب الاهلية او الحرب بين الاقاليم الروسية .. وهو يريد ان يتبع الاسلوب السوري في استيعاب المغرر بهم والضالين .. والواهمين .. من الاوكرانيين .. واوكرانيا لروسيا مثل لبنان لسوريا .. ففي لبنان أذناب امريكية وعائلات ذنبية متعلقة باميريكا ولكن في لبنان قوى وطنية وحية وتحررية .. وقد حدث انقلاب في لبنان عام 2005 .. مما سمح لعملاء اميريما ان يمكونوا في السلطة مثلما وصل زيلينسكي .. وكما شاركت الحثالات اللبنانية في الحرب على سورية منذ لحظة الانقلاب عام 2005 .. فان حثالات الاوكرانيين النازيين اشتغلوا على الحرب منذ عام الانقلاب الاوكراني عام 2014 ..

 

ماحدث سيقوي شوكة المتطرفين القوميين الروس الذي يريدون ان يبتعد بوتين عن نظرته الى الحرب ومحاولته الابقاء على تلك الشعرة مع الاوكران .. وسيطلبون منه استعمال النار القصوى لانهاك الاوكران وفرض الاستسلام عليهم ولو كلف ذلك تحطيم المدن والمدنيين .. وهم يرون ان الغرب سيركع لأنه لن يدخل الحرب النووية التي يخشاها الجميع .. ولكنه يقف بعيدا عن الحريق .. ولذلك فان النار يجب تشتد كي تحسم الحرب ..

ومن حيث لايدري فان قائد فاغنر أهدى بوتين سيفا من نار .. وأعطى المتطرفين الروس قوة ممنوعة عنهم .. وبالفعل فان قبل فاغنر لن يشبه مابعدها .. وبوتين المحرج لن يبقى محرجا .. بعد ماقدمته له فاغنر ..

(سيرياهوم نيوز3-مدونة سرجون)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الثورة الطلابية الثانية…..(الجزء الاول)…..

  باسل الخطيب المظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية ليست حدثاً عادياً البتة…. هذه المظاهرات سببها الاحتجاج على السياسة الأمريكية الداعمة للعدوان الصهيوني على غزة، و ...