آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » هل بإمكان كامالا هاريس نجدة حملة بايدن؟

هل بإمكان كامالا هاريس نجدة حملة بايدن؟

 

من بين أبرز التحديات التي تعانيها حملة المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن صدقية صاحبها وأهليته، فضلاً عن انحسار تأييده بين أهم قطاعين للحزب، وهما قطاعا المرأة والسود، أو الأفارقة الأميركيين، اللذين يُؤمل زيادة إقبالهما على مراكز الاقتراع.

الاعتبارات التي أدت لاختيار بايدن لكمالا هاريس نائبة له متعددة، وخصوصاً أنها انتقدته بشدة خلال المرحلة التمهيدية من الانتخابات، مسلّطة الضوء على سجلّه في معارضة “نقل طلبة المدارس السود بالباصات إلى أخرى ميسورة وأفضل علماً”، ومتحدثة عن تجربتها الشخصية كطفلة في المدارس الابتدائية. علاوة على ذلك، فإن ذكريات سجلّه في محاباة خيارات المؤسسة الحاكمة على حساب مصالح الأقليات ما زالت غضة عند المتضررين من قراراته آنذاك، من خلال إهمال اتهامات التحرش الجنسي التي ساقتها المتدربة في السلك القضائي أنيتا هيل ضد المرشح لعضوية المحكمة العليا كلارينس توماس. بايدن كان يرأس اللجنة القانونية ورفض الاستماع إلى شهادة السيدة هيل في مجلس الشيوخ آنذاك.

أقطاب الحزب الديمقراطي وقادته رحّبوا بشدة باختيار هاريس، مروّجين لخبرتها في مجال “تطبيق القانون” كمدّعية عامة لولاية كاليفورنيا، التي يؤمل استثمارها لأبعد الحدود لقطع الطريق على اتهامات الخصم الجمهوري بأنه غير جاد في تطبيق القانون.

وقابلها التيار الليبرالي والتقدمي، ولا سيّما أنصار المرشح السابق بيرني ساندرز، بالريبة والحذر من انحيازها المطلق إلى جانب أجهزة الشرطة والأمن، وارتفاع أعداد المعتقلين من الأقليات والسود خلال ولايتها لنحو 200 ألف اكتظّت بهم السجون والمعتقلات، ولدورها المحوري في تقديم “اعتراض قانوني” ضد قرار قاضٍ عدّ “عقوبة الإعدام غير دستورية”، في مفارقة ادعائها أنها تعارض عقوبة الإعدام.

وسائل الإعلام الرئيسيّة، المرئية والمقروءة على نحو خاص، احتفت بها من خلال تناول مزاياها الشخصية كامرأة سوداء، خطيبة مفوّهة ومُناظِرة قوية يعوّل عليها قادة الحزب في التصدي لنائب الرئيس مايك بنس. كما يتطلّع أولئك القادة إلى استثمار دورها في مجلس الشيوخ من خلال براعة استجوابها مرشحَي الرئيس ترامب، بريت كافانو للمحكمة العليا، وجيف سشينس لوزارة العدل.

أثبتت هاريس أيضاً قدرتها على جمع التبرعات من كبار المموّلين، خلال حملتها الانتخابية القصيرة، وعلى دعم “وول ستريت” لها، على قاعدة أنها تمثّل “يسار الوسط والأكثر اعتدالاً بين المرشحين الآخرين”، الذين أعربوا عن نيتهم فرض قيود جديدة على حركة تبادل الأسهم ورؤوس الأموال.

تبلغ هاريس من العمر 55 عاماً، وتصغر المرشح الرئاسي جو بايدن بنحو 22 عام، آتية من الساحل الغربي للولايات المتحدة، ما يعزّز سردية الحزب الديمقراطي بأن المرشحيْن يكملان بعضهما بعضاً ليس من الناحية الجغرافية فحسب، بل لاعتبارات تنوع العرق وحداثة العمر وتقارب التوجهات السياسية أيضاً، ما يضعها في بؤرة أكبر مراكز القوى حساسية ونفوذاً.

يراهن الحزب الديموقراطي على استثمار أصولها الهندية والجامايكية لتحفيز الأقليات على المشاركة بأعداد كبيرة، وإقناع الناخبين بانفتاح الحزب واعتداله مقابل تصلّب الحزب الجمهوري وعنصريته ضد الأقليات التي شرّعها الرئيس ترامب.

بايدن من ناحيته كان يميل إلى اختيار امرأة أخرى، من البيض والمؤثّرين في بلورة سياسات الحزب الديموقراطي، حاكمة ولاية ميشيغان غريتشن ويتمر، التي نالت غضب الرئيس ترامب لإصرارها على التمسك بإرشادات المراجع العلمية والطبية بارتداء الأقنعة في عموم الولاية، ما دفع الرئيس ترامب إلى حشد مؤيديه مدجّجين بالأسلحة والتظاهر أمام مقر حاكم الولاية.

ولاية ميشيغان تعد ضمن قائمة الولايات الحاسمة في الانتخابات، واختيار حاكمتها لو قُدّر لبايدن ذلك لكان سيعود بفوائد جمّة على نتائج الانتخابات، علاوة على تأييد ولايات محورية أخرى لها كجارتها ويسكونسن.

بايدن وقادة الحزب الديموقراطي، وخصوصاً الرئيس السابق باراك أوباما، ابتعدوا عن اختيار ويتمر لاعتبارات سياسية صرفة، إذ تميل في توجهاتها إلى التيار الليبرالي والتقدمي مقابل شروط الحزب لعنصر يضمن استمرارية سياسات المؤسسة الأمّ بعيداً من “مطالب القوى التقدمية باعتماد سياسات أقرب إلى القوى المتضررة” من سياسات العولمة التي ينشدها الحزب، بقطبيه بيرني ساندرز، وإليزابيث ووران.

أشدّ ما يخشاه الحزب الجمهوري هو تراجع الحالة الذهنية للمرشح جو بايدن، ما يتطلب تفعيل المادة الـ25 من تعديلات الدستور بإعلانه “غير قادر على ممارسة مهمّاته”، وهو الشرط المنوط بنائب الرئيس، وتولّي كامالا هاريس منصب الرئيس رسمياً. إفشال ذلك أو إلغاؤه يتطلب موافقة (ثلثي) 2/3 أعضاء مجلسَي الكونغرس.

قلق الجمهوريين له ما يبرره، وخصوصاً لتولي امرأة “ملونة” وليبرالية منصب الرئاسة، في تحدّ صارخ للمعايير السائدة منذ ولادة الكيان السياسي الأميركي بحصر مركز الرئاسة برجل أبيض من أصول بريطانية يدين بمذهب البروتستانت، White Anglo-Saxon Protestant، يشاطرهم في ذلك تيار لا بأس به من المحافظين في الحزب الديموقراطي.

قادة الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، يتقاطعان في رؤيتهما لمستقبل جو بايدن بناء على تراجع أهليته الذهنية، والذي قد يضطر للتخلي عن المنصب قبل الانتخابات المقررة في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، أو قبل مراسم التنصيب في 21 كانون الثاني/ يناير 2021، ما سيعيد الحسابات مرة أخرى بإبقاء هاريس مرشحة للحزب أو استبدالها بشخصية أخرى.

(سيرياهوم نيوز-الميادين21-8-2020)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ليلة وقف النار… ليلة القدر

    نبيه البرجي   ايلون ماسك، الرجل الذي قد نراه قريباً يختال على سطح المريخ، هدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بـاحراق شاربيه من الفضاء. ...