| مايا سلامي
صدر عن وزارة الثقافة- الهيئة العامة للكتاب وضمن المشروع الوطني للترجمة كتاب بعنوان: «تابو اسمه الزهايمر»، تأليف هوغويت دريرا وباتريس بروكر، ترجمة الدكتور غسان بديع السيد، يقع الكتاب في 343 صفحة من القطع الكبير ويهدف إلى مرافقة أقارب مرضى الزهايمر في هذه المعاناة اليومية ومساعدتهم في فهم طبيعة هذا المرض ومراحل تطوره، والاستعداد الدائم للتعامل مع أي شيء غير متوقع يمكن أن يظهر على سلوك المريض. كما يقدم نصيحة أساسية هي التعامل بحب مع مريض الزهايمر ومرافقته حتى آخر لحظة من حياته ومحاولة فهمه وفهم أن التصرفات الغريبة التي يمكن أن تصدر عنه ليس مسؤولاً عنها، لأنه لا يسيطر على ذاكرته.
شرح مبسط
ويستهل المؤلف كتابه بشرح مبسط لمرض الزهايمر، فيقول: «إن مرض الزهايمر يصيب مناطق الدماغ المسؤولة عن مراقبة التفكير والذاكرة واللغة بشكل عام، ويعود هذا الخلل إلى الموت البطيء لبعض الخلايا الدماغية التي لا يمكن تعويضها لكن هذه الاضطرابات لا تحصل كلها في وقت واحد ولا ضمن نظام محدد ولا بطريقة انتظامية، يضاف إلى ذلك أنها تختلف بين مرض وآخر».
إن كريبلان الطبيب النفسي الألماني هو الذي سمى هذا الشكل من الخلل مرضاً وصفه بالزهايمر، ويقدَّر أن نسبة مرض الزهايمر في عمر الخامسة والستين خمسة بالمئة تقريباً لتصل إلى 11% و15% في عمر الثمانين، ويبدو أن عامل الخطورة الأساسي لمرض الزهايمر هو العمر.
كما يشير إلى العلامات العشر المنذرة بمرض الزهايمر، وهي: ظهور حديث لفقدان الذاكرة الذي يمكن أن يعيق العمل المهني أو أمور الحياة اليومية، صعوبات في إتمام الأعمال المنزلية، اضطرابات في الكلام، اضطراب في معرفة الزمان والمكان، اضطرابات في الأحكام، صعوبات في حل مسائل مجردة، الأغراض الضائعة بصورة متكررة، تغير في المزاج أو السلوك، تغيرات واضحة في الشخصية، فقدان روح المبادرة.
مشكلات يومية
ويشير الكاتب إلى كيفية إدارة المشكلات اليومية التي تواجه أقارب مرضى الزهايمر في عدة نواح، فيذكر أبرزها: «الحمام والصحة، إذا رفض المريض أخذ حمامه المعتاد فلا تعانده إذ يمكن بعد وقت قصير أن ينسى رفضه ويوافق على الاستحمام، وإذا شعرت أنه يتشبث برأيه فإنه من المهم تغيير الموضوع من أجل العودة إليه لاحقاً. وفي ارتداء الملابس قد ينسى المريض طريقة ارتداء اللباس ولاسيما النظام الذي يجب أن يضع فيه الملابس لذلك يجب تحضير ملابسه وفق النظام الذي سيرتديها فيه وتجنب وضع ملابس بفتحات معقدة جداً في الفتح أو الإغلاق، ويجب أن تكون الحركات هي نفسها دائماً وتجري وفق النظام نفسه وبطريقة تكرارية من أجل المحافظة على استقلال المريض».
ويؤكد على أنه من غير المفيد توجيه الملاحظات للمريض عن أخطائه أو عدم قدرته وقد يدفع هذا دون فائدة إلى جعله يبكي أو يمكن أن يصبح عدوانياً، كما يجب تجنب خلق الصراعات لكونها تسبب الاضطراب للمريض الذي لا يفهم ما الذي فعله لكنه سيفهم أن ما فعله لا يعجبك.
ويكشف المؤلف عن أفضل طريق للعلاج وهو الحفاظ على روح الدعابة والضحك مع المريض قدر الإمكان لكن ليس عن طريق السخرية إذا كان الأمر يتعلق به لأن ذلك سيكون مزعجاً وسيشعر به.
نوعية الحياة
وفي هذا الجانب يتناول الكاتب جانبي تعبير «نوعية الحياة» وهما: جانب موضوعي وجانب ذاتي. حيث يركز الجانب الموضوعي على ظروف وجود الشخص والجوانب المختلفة لبيئته وثقافته والثروات المادية التي يمتلكها وكذلك موقعه الاجتماعي، أنه يستنجد بمفهومات الاستقلال والثروة والزمن والمكان ويتعلق الأمر هنا بالنظر إلى الحالة الموضوعية لصحته.
أما الجانب الذاتي فيركز على العلاقة مع الحاجات الوجودية الأساسية ويشكك بالتقويم الشخصي لظروف الحياة المختلفة وجوانب الحياة الإنسانية الأخرى التي تعد كلاً واحداً.
وتقوم نوعية الحياة على احترام الشخص مهما كانت حالته وحريته فيما يخص الأكل والأوقات والإحساس بالثقة مع أفراد الفريق الذي يعتني به، وهناك أربعة عناصر رئيسية يجب أخذها بالحسبان وهي: حالة الصحة النفسية، حالة الصحة الجسدية، القدرات الوظيفية، وجود علاقات مع الأصدقاء والأسرة.
الوسائل القانونية
ويستعرض الكتاب الوسائل القانونية لمرضى الزهايمر، ففي الحقيقة أن العمل على حماية إنسان راشد مصاب بمرض الزهايمر يطرح بالضرورة مشكلة أخلاقية وعاطفية ومسؤولية في الوقت نفسه، وسيكون من المرغوب فيه في هذا المجال أن تتغير تعبيرات اللغة وألا نستمع إلى قول: «لقد وضعت هذا الشخص تحت الوصاية»، فهذه الطريقة من التعبير تعطي انطباعاً سيئاً بأننا نقود أشخاصاً راشدين إلى المسلخ ما يزيد من اضطراب ذهن المريض الذي هو في الأصل مشوّش.
وينوه الكاتب إلى أن القانون يمنح مرضى الزهايمر الوسائل للحماية الذاتية وإسماع صوتهم حين تحدث المشكلات حتى وإن كانت قدراتهم على اتخاذ القرارات منخفضة، مشيراً إلى ثلاث نقاط وهي: يكوّن القانون صورة عن الشخصية الإنسانية تقوم على مفهومات الحرية والمسؤولية أي تقوم على الاستقلالية، توجد مجموعة من وسائل الحماية القانونية التي تسمح في تقديم المساعدة إلى أشخاص مجردين من استقلاليتهم، توجد أيضاً وسائل خاصة يمكن أن تحل محل إجراءات الوصاية حين يفقد الشخص استقلاليته.
(سيرياهوم نيوز3-الوطن7-8-2022)