الرئيسية » عربي و دولي » السودان | اكتمال مشروع التسوية: أيُّ مكاسب للعسكر؟

السودان | اكتمال مشروع التسوية: أيُّ مكاسب للعسكر؟

| مي علي

يبدو أن التسوية بين العسكر و«قوى الحرية والتغيير»، قد اكتمل نضوجها بدفْع من قوى إقليمية ودولية، فيما من المتوقّع الإعلان عنها رسمياً في الـ15 من الجاري. وإذ لا يزال شكل هذه التسوية، المفترَض استنادها إلى مشروع الدستور الانتقالي الذي صاغتْه اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، غير واضح تماماً على رغم تَبيّن خطوطها العريضة، فإن الحدّ الأدنى الذي ستحصل عليه القيادات العسكرية هو الحصانة من الملاحقة القضائية، فيما «حصّتها» والأجنحة السياسية المُوالية لها، من الحُكم، تظلّ مبهَمة، وإنْ حرصت المعارضة على نفيها تماماً

الخرطوم | على رغم أن قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، لم يُعلن صراحة، في كلمته الأخيرة أمام جنوده في منطقة بحري شمال الخرطوم، موافقته على التسوية السياسية مع «قوى الحرية والتغيير»، إلّا أن تصريحاته تلك فُهمت على أنها إشارة إلى اكتمال نضوج هذه التسوية. وجاء كلام البرهان، في وقت واصلت فيه الآلية الثُلاثية (الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد) عقْد لقاءات مع قطاعات واسعة من القوى السياسية والمدنية بغرَض شرْح العملية السياسية الجارية بين العسكر والمعارضة، والتي يُفترض أن تفضي إلى إعادة السلطة للمدنيين. وبحسب مصدر مطّلع تحدّث إلى «الأخبار»، فإن الاتفاق بات في مراحله النهائية، ومن المُتوقّع الإعلان عنه رسمياً في 15 تشرين الثاني الجاري، بعدما حصلت القيادات العسكرية على ضمانات بالحصانة من الملاحقة الجنائية، وفق رأْي مراقبين، عزّزه إعلان «الحرية والتغيير»، في بيان، أن «مسألة حصول العسكر على حصانات من عدمه لن يتمّ حسمها من دون تشاور وقبول واسع مِن قِبل أهل المصلحة»، ما يشير إلى أنها قابلة للتَحقّق.

في المقابل، يبدو أن الضغوط الإقليمية والدولية أفلحت في إقناع قيادة الجيش بشكلٍ ما من أشكال تسليم السلطة، من دون أن تتّضح ماهيّته إلى الآن، فيما تبدو المعارضة مُفرطةَ التفاؤل في نتائجه. وفي هذا الإطار، يقول حمد عبد الحكم، رئيس القطاع الإعلامي لـ«التجمّع الاتحادي» – أحد أذرع «الحرية والتغيير» -، إن «العملية السياسية التي تجري مع قيادات السلطة الانقلابية تمضي بخطى حثيثة نحو تحقيق أهداف استعادة الحُكم المدني، مستندةً إلى مشروع الدستور الانتقالي الذي صاغتْه اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين»، مضيفاً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «مشروع الدستور هذا حدّد بكلّ وضوح هياكل مدنية كاملة للسلطة التنفيذية، من دون تدخّل من المؤسّسة العسكرية، وباختيارات تُحدّدها قوى الثورة لرئيس الدولة المدني، فيما رئيس الوزراء المدني يتمّ اختياره بالتشاور مع قوى الثورة».

بدا لافتاً تبرّؤ البرهان، في حديثه الأخير، من التيّار الإسلامي

من ناحية ثانية، بدا لافتاً تبرّؤ البرهان، في حديثه الأخير، من التيّار الإسلامي، وتوجيهه انتقاداً مباشراً إلى قادة حزب «المؤتمر الوطني» المنحلّ، ونداءً بأنْ «يرفعوا أيديهم عن الجيش»، وتأكيداً أنهم «لن يعودوا إلى السلطة مرّة أخرى مُمتطين ظهْر القوات المسلّحة»، التي هي، بحسبه، «قوّات لكلّ السودان وليست لحزب أو جهة ما». وقرأ بعض المراقبين في تصريحات قائد الجيش تلك، تلميحاً إلى أن الحركة الإسلامية بدأت ترتّب لمرحلة ما بعد البرهان، وتستعدّ ربّما لإطاحته والبحث عن بديل له، بعدما برزت إرهاصات انخراطه في تسوية مع مَن تُسمّيهم الحركة «العلمانيين وعملاء السفارات». وكانت قيادات «المؤتمر الوطني» رسمت خططها على أساس استمرار سيطرة الجيش على السلطة، وصولاً إلى انتخابات مبكرة بدأ الحزب، بالفعل، تجميع صفوفه واستعادة معظم قياداته من الخارج، للاستعداد لخوْضها.
ويرى عبد الحكم أن «تصريحات البرهان تحتوي على رسائل داخلية إلى أتباع النظام البائد بالابتعاد عن المؤسّسة العسكرية، في ردّ صريح على الأحاديث عن سيطرة تنظيم الإخوان المسلمين على الجيش»، مضيفاً أن قائد الانقلاب «أراد أيضاً دحض الإشاعات التي تتحدّث عن مساعي أطراف العملية السياسية لتفكيك الجيش». وإذ يَلفت إلى أن «هذه العملية تهدف إلى بناء جيش قومي مهني موحّد، يتمّ فيه دمْج كافة القوّات المسلّحة الأخرى»، فهو يعتقد أن «اكتمال العملية السياسية عبر الآلية الثلاثية واللجنة الرباعية يعني عودة عناصر نظام البشير إلى جحورهم مرّة أخرى». لكن من غير الواضح كيف سيتحقّق ذلك في ظلّ ما قام به البرهان، منذ انقلابه، من إعادة مفصولي الحركة الإسلامية إلى وظائفهم، وإرجاع ممتلكاتهم التي كانت تمّت مصادرتها، وفتْح حساباتهم البنكية المغلَقة بأمْر من «لجنة إزالة التمكين»، بالإضافة إلى إطلاق سراح العديد من أفراد التنظيم. ومن هنا، ذهب البعض في تفسير حديث البرهان إلى أنه مُوجَّه إلى الخارج أكثر منه إلى الداخل، وهو ما لا يُنكره عبد الحكم الذي يَعتبر أن «رسائل قائد الجيش إلى المحيط الإقليمي والدولي هدفها التأكيد أن النظام البائد غير مسموح له بالعودة على أكتاف القوّات المسلّحة، لا سيما أن عدداً من الدول في الإقليم تصنّف جماعة الإخوان المسلمين على أنها تنظيم إرهابي».

سيرياهوم نيوز3 – الأخبار
x

‎قد يُعجبك أيضاً

عائداً من “قمة العشرين” في البرازيل.. الرئيس الصيني يجري أول زيارة إلى المغرب

      غادر الرئيس الصيني، شي جين بينغ، المغرب، بعد ظهر يوم الجمعة، في ختام زيارة قصيرة له إلى البلاد.   وزار الرئيس الصيني، ...