| علي حيدر
أظهرت ردود الفعل الإسرائيلية على حادثة استهداف ناقلة النفط «زيركون» قبالة سواحل عُمان، مخاوف كبيرة من أن تكون إيران قد عادت إلى تفعيل خيار المواجهة البحرية، سعياً لفرض معادلة موسّعة جديدة، سواء ربطاً بالاعتداءات الإسرائيلية على الساحة السورية، أو بالدور الذي يقوم به الكيان في الاضطرابات التي تضرب الداخل الإيراني. ومهما يكن، فالأكيد أن الرسالة وصلت إلى المؤسّسة السياسية والأمنية في تل أبيب بعيداً عن التقديرات والتقارير المشوَّهة التي تَصدر من هنا أو هناك، وأن المعنيين سواء في إسرائيل أو الولايات المتحدة بدأوا البحث في كيفية التعامل مع هذا التطور، وخصوصاً أن إيران أفهمت هؤلاء أنها مستعدّة للذهاب بعيداً في الردّ على ما تتعرّض له
أظهرت ردود الفعل السياسية والإعلامية في تل أبيب، على استهداف ناقلة النفط «زيركون»، والتي تعود ملكيّة جزء منها إلى رجل أعمال إسرائيلي، أن المؤسّستَين السياسية والأمنية فوجئتا بالحدث وتوقيته وساحته. والظاهر أن مردّ التفاجؤ ذاك، هو استبعاد الإسرائيليين أن تلجأ إيران إلى خطوة كهذه، في ظلّ ما تُواجهه من تحدّيات داخلية وحملات عالمية، وبعدما سبق أن نجحت في فرْض معادلة بحرية العام الماضي، عبر الردّ على استهداف السفن التي تنقل النفط إلى سوريا، باستهداف ناقلات تعود بشكل أو بآخر إلى مالكين إسرائيليين. إلّا أنه وفقاً لفرضية مسؤولية إيران عن العملية، على أساس ما اتّهمتها به إسرائيل والولايات المتحدة، فإن تلك «الحادثة أثارت مروحة تساؤلات في تل أبيب حول السبب الذي دفع إيران إلى الإقدام عليها، وتحديداً في هذا التوقيت وعبر استهداف ناقلة نفط بحرية»، بحسب صحيفة «هآرتس». كذلك، دارت تساؤلات حول أهداف الهجوم ورسائله، في ما يتعلّق بتوجّهات إيران العملياتية، وتقديراتها إزاء ردود الفعل التي يمكن أن تُلاقيها.
القرار الإسرائيلي تؤثّر فيه العديد من العوامل الداخلية والخارجية، وعلى رأسها موقف الولايات المتحدة وأولوياتها
من جهة أخرى، تشكّل العملية حدثاً كاشفاً إضافياً بالنسبة إلى جهات التقدير والقرار في كيان العدو، عن نتائج تراجُع فعالية قوّة الردع الأميركية، ما يجعل إيران أكثر اندفاعاً وتوثّباً للمبادرة الى خطوات من هذا النوع. وفي حال توسيع دائرة الأبعاد التي تتداخل فيها التقديرات مع المخاوف، ثمّة ترقّب في تل أبيب لِما إنْ كان تطوّر العلاقات مع موسكو وبكين، سيدفع طهران نحو خيارات أبعد مدى ويوسِّع هامشها الإقليمي. وبالاستناد إلى ما تَقدّم، يصبح ما نقلته صحيفة «هآرتس» عن المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، من وصْفها للحادثة بأنها «خطأ استراتيجي»، بعيداً جداً عن الواقع، حتى مع استغلال الواقعة على المستوى الإعلامي؛ إذ إن ما جرى أتى في توقيت وسياق أكثر ملاءمة لإيران من أيّ حدث سابق، حتى عندما فعّلت الأخيرة خيار الردّ على الاستهدافات الإسرائيلية للسفن الإيرانية السنة الماضية، وأدّى ذلك في نهاية المطاف إلى انكفاء إسرائيل عن هذه الاستراتيجية التي أقرّت بفشلها.
في كلّ الأحوال، المؤكّد، مع افتراض صحّة الاتهامات الإسرائيلية، أن الرسالة الإيرانية وصلت إلى المؤسّسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، ومِن خلفها واشنطن أيضاً. وفي ضوء ذلك، فإن على الإسرائيليين والأميركيين أن يُحدّدوا خياراتهم وقراراتهم المضادّة: هل سيتمّ ستجاوز هذا الاستهداف، والتسليم بمضمون الرسالة التي يدركونها جيداً؟ أم سيبادرون إلى ردّ على الردّ، ومن ثمّ يعود الطرفان إلى سياسة الاستهداف المتبادل للناقلات والسفن في البحر، لكن مع إضافة جديدة هذه المرّة، هي أن إيران لديها الكثير من الأسباب للذهاب أبعد في هذا المسار؟ الأكيد أن القرار الإسرائيلي تؤثّر فيه العديد من العوامل الداخلية والخارجية، وعلى رأسها موقف الولايات المتحدة وأولوياتها، وأمن الطاقة العالمي الذي يواجه تحدّيات تجعله أكثر حساسية إزاء أيّ حدث أمني في البحار.