انعكس كلام النائب جبران باسيل، أول من أمس، عن العلاقة مع حزب الله تبريداً للأجواء الساخنة بين الطرفين. وتلقّى الحزب ما قاله باسيل بتقدير للتوضيح الذي أزال التباساً حول ما اعتبر إساءة إلى أمينه العام السيد حسن نصرالله. إلا أنه توقف عند جوهر المواقف التي أطلقها رئيس التيار الوطني الحر من الاستحقاقات الداخلية، لناحية تمسكه بخياراته. ومع أن باسيل حسم، للمرة الأولى، الجدل بأنه لا يفضل ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فإن الإشكالات المتعلقة بالملفات الداخلية تنتظر استئناف الحوار بين الطرفين، وهو ما لا يبدو أنه سيحدث خلال أيام قليلة.
وقد غادر باسيل أمس إلى قطر حيث سيغيب لأسبوع على الأقل، فيما دخلت البلاد عملياً في عطلة الأعياد. أما الاستحقاق الداهم الآن فهو مصير جلسة الحوار التي دعا إليها الرئيس نبيه بري الخميس المقبل، والتي تنتظر الموقف النهائي لكتلتي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، خصوصاً أن الأمر لم يعد يحتمل مغامرات، ولا يريد بري أي «دعسة ناقصة» في ظل التشنج الداخلي.
في غضون ذلك، حاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ترميم ما اهتز عند قواعد مسيحية لناحية تجاوزه الحدود في مصادرة صلاحيات رئاسة الجمهورية من خلال إصراره على جمع مجلس الوزراء ولو ناقصاً. وقد قصد ميقاتي البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي لم يدخل في معركة إلى جانب التيار الوطني الحر، لكنه نصح ميقاتي بعدم معاودة الكرة من دون التشاور المسبق والسعي إلى الحصول على موافقة جميع المكونات قبل عقد أي جلسة جديدة للحكومة. وقد وعده ميقاتي بعقد جلسات تشاور مع الوزراء خلال المرحلة المقبلة لتسيير أمور الدولة قبل اللجوء إلى دعوة مجلس الوزراء. وقالت مصادر رئيس الحكومة إنه أوضح للراعي «الالتباس بشأن جلسة مجلس الوزراء الأخيرة وشرح وجهة نظره في هذا الأمر»، لافتة إلى أنه «أكد للراعي أنه لن يدعو لجلسة أخرى إلا بعدَ الاتفاق مع جميع الأطراف، وأن أي اجتماع مقبل سيكون تشاورياً مع الوزراء المشاركين في الحكومة».
وبمعزل عن لائحة المدعوين، منقوصة كانت أم مُكتملة، فإن الرأي الغالب ليس متفائلاً بقدرة الحوار النيابي على إحداث ثغرة في المأزق الرئاسي، بسبب الشروط التي حددتها القوى السياسية ويُصعب معها بلوغ تسويات في الوقت الحالي، وأبرزها موقف باسيل الرافض بشكل حاسم لأي من المرشحيْن الجدييْن غير المعلن عنهما بشكل رسمي، فرنجية وعون.
القطريون أبلغوا عون أنه الحصان الدولي – العربي للاستحقاق الرئاسي
وفيما استبعدت أوساط سياسية بارزة تعديل أطراف الحوار شروطهم تحت وطأة المأزق السياسي – الدستوري وهدير الانهيار الاقتصادي – الاجتماعي، تنتظر البلاد المفعول العملي للتطورات الخارجية التي تمثلت بفتح أبواب الرياض أمام رئيس الحكومة بمسعى فرنسي، وأبواب الدوحة أمام قائد الجيش. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مطلعة أن «القطريين الذين عقدوا لقاءات طويلة مع عون في زيارته الأخيرة أبلغوه بأنه الحصان الدولي – الإقليمي (العربي) للاستحقاق الرئاسي»، كاشفة أنهم «بدأوا جدياً الحديث مع عدد من القوى السياسية الداخلية التي تدور في فلك هذا المحور لتسويق قائد الجيش». وأشارت المصادر إلى أن «المشكلة العالقة مع القطريين الذين يتحركون بغطاء أميركي إلى جانب الفرنسيين، هي مع باسيل الذي يرفض خيار عون»، علماً أنهم «دخلوا في إمكانية إبرام تسوية بين عون وباسيل في التفاصيل المتعلقة بكل استحقاقات العهد الجديد»، وترافق ذلك مع معلومات تشير إلى أن «أمير قطر تميم بن حمد وعد بتفعيل مبادرة بلاده، وفقَ الهامش المعطى لها، مطلع السنة الجديدة».