علّقت المملكة العربية السعودية محادثات التطبيع مع إسرائيل على خلفية الحرب الدائرة بين الدولة العبرية وحركة حماس في قطاع غزة، على ما أفاد مصدر مقرب من الحكومة السعودية السبت قبل لقاء وزير الخارجية الأميركي بالمسؤولين السعوديين.
وقال المسؤول السعوديّ المطلع على المفاوضات إنّ “المملكة العربية السعودية قررت تعليق المحادثات حول التطبيع المحتمل (مع إسرائيل) وأبلغت ذلك للمسؤولين الأميركيين” الذين يقومون برعاية المباحثات.
وجاء الإعلان عن تعليق مفاوضات التطبيع قبيل لقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نظيره السعودي في الرياض، في زيارة تأتي ضمن جولة إقليمية تشمل ستّ دول عربية.
وبعد الاجتماع، دعت وزارة الخارجية السعودية في بيان الى “وقف فوري لإطلاق النار في غزة ومحيطها”، و”العمل على ضمان دخول المساعدات الإنسانية الملحّة من غذاءٍ ودواء”.
لم تعترف السعودية بإسرائيل ولم تنضم لاتفاقيات أبراهام الموقعة في عام 2020 برعاية أميركية بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
وتدفع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن منذ أشهر لوضع السعودية على هذا المسار.
وقدمت السعودية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مطالبها بضمانات أمنية من الولايات المتحدة والمساعدة على تطوير برنامج نووي مدني.
والشهر الماضي، أبلغ ولي العهد النافذ محطة “فوكس نيوز” أنّ التطبيع بين السعودية وإسرائيل “يقترب كلّ يوم أكثر فأكثر”.
وأعرب عن أمله في أن تؤدي المفاوضات مع إسرائيل “إلى نتيجة تجعل الحياة أسهل للفلسطينيين”.
من جانبه، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من على منبر الأمم المتحدة أنّ بلاده على “عتبة” إقامة علاقات مع السعودية.
واعتبر العديد من المحللين أن الاتفاق بعيد المنال حتى قبل بدء الحرب.
وقال المحلل السعودي هشام الغنام إن “التطبيع بين المملكة وإسرائيل هو مبادرة ومشروع أميركي رحبت به المملكة في حال تمكنت الولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاق يعالج الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين – اتفاق سيقبله الفلسطينيون”.
وتابع “في الواقع، لم تكن إسرائيل مستعدة حقاً للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين يمنحهم الحد الأدنى من احتياجاتهم”.
وقال جوست هيلترمان، مدير قسم الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، إنه “من المستحيل أن تتمكن أي دولة عربية من التعامل بجدية مع إسرائيل بشأن تطبيع العلاقات عندما يرى شعبها ما يحدث في غزة”.
– “وضع مثير للقلق” –
ومنذ شنّت حماس هجومها السبت الماضي، ندّدت السعودية في عدة بيانات بالسياسة الإسرائيلية التي أدت لاندلاع المواجهة. كما أعربت عن قلقها حيال وضع المدنيين مع شنّ الدولة العبرية آلاف الغارات الجوية وتوجيه إنذار إلى السكان يدعوهم إلى مغادرة شمال غزة ما دفع بآلاف منهم للنزوح في اتجاه الجنوب في غياب ممر آمن.
وفي بيان هو الأشد لهجة منذ اندلاع الحرب، عبرت الرياض الجمعة عن رفضها الإنذار الإسرائيلي بإخلاء شمال غزة واستهداف المدنيين.
وأكّدت وزارة الخارجية السعودية على الرفض “القاطع لدعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة، وإدانتها لاستمرار استهداف المدنيين العزّل هناك”.
بالمثل، شجب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان سقوط ضحايا من المدنيين بعد اجتماعه مع بلينكن السبت.
وقال “إنه وضع مثير للقلق. إنه وضع صعب للغاية. وكما تعلمون، فإن المتضرر الرئيسي من هذا الوضع هم المدنيون والسكان المدنيون على كلا الجانبين”.
وتابع أنّ “الأولوية الآن يجب أن تكون وقف المزيد من معاناة المدنيين، وهنا نحتاج إلى إيجاد طريقة لتهدئة الوضع بسرعة لإعادة السلام بسرعة – على الأقل وقف الأعمال القتالية – ثم العمل على معالجة التحديات الإنسانية أيضا”.
من جهته، سلّط بلينكن الضوء على الجهود المبذولة لإنشاء “مناطق آمنة” في غزة بالإضافة إلى “ممر حتى تتمكن المساعدات الإنسانية من الوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها”. وصرّح “لا أحد يريد أن يرى معاناة المدنيين من أي جانب، سواء كان ذلك في إسرائيل، أو في غزة، أو في أي مكان آخر، ونحن نعمل سويا لبذل قصارى جهدنا لحمايتهم”.
وفي وقت سابق السبت، اتفقت مصر وإسرائيل على السماح للمواطنين الأميركيين بمغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح السبت لبضع ساعات، على ما أفاد مسؤول يرافق وزير الخارجية أنتوني بلينكن في جولته الإقليمية.
لكنّ المسؤول عاد وقال إنّه ليس من الواضح إذا كان “المواطنون الأميركيون تمكنوا من المغادرة أم لا بسبب سيطرة حركة حماس على المعبر”.
وعملت الدبلوماسية السعودية على “وقف التصعيد الجاري” من خلال اتصالات أجراها ولي العهد ووزير الخارجية السعودي مع قادة المنطقة والعالم.
وأكّد ولي العهد السعودي الثلاثاء للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن “المملكة مستمرة في وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني”، موضحا أنه يعمل على منع “اتّساع” نطاق النزاع.
والخميس، بحث وليّ العهد السعودي “التصعيد العسكري الجاري حالياً في غزة ومحيطها” مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في أول اتصال بين الزعيمين منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين برعاية الصين في آذار/مارس الفائت.
وقتل أكثر من 1300 شخص في إسرائيل معظمهم مدنيون منذ بدء الهجوم، وبينهم 258 جنديًا، وفق آخر حصيلة للجيش، ووصل عدد الجرحى إلى أكثر من 3200، وبلغ عدد الرهائن الذين ثبت أنهم محتجزون حوالى 120.
في القطاع المحاصر، استشهد أكثر من 2000 فلسطيني بينهم 614 طفلا وجرح أكثر من 7696 مواطنا جراء القصف الإسرائيلي المكثف رداً على العملية، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس الجمعة.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم