هاجم الوزير بمجلس الحرب الإسرائيلي غادي أيزنكوت، الأربعاء، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، معتبرا أنه “يزرع الوهم الكاذب” بوعوده أن الجيش سيحل بعض الكتائب المسلحة في محافظة رفح جنوبي قطاع غزة ويعيد المختطفين.
جاء ذلك في كلمة أدلى بها أيزنكوت خلال مؤتمر “مئير داغان حول الأمن والاستراتيجية” الذي تنظمه كلية نتانيا الأكاديمية بمدينة نتانيا (وسط).
وقال أيزنكوت مهاجما نتنياهو: “من المستحيل تسويق شعار النصر المطلق”، الذي وصفه بـ”الجذاب”.
وأضاف: “من يزرع الوعود بأننا سنحل بعض الكتائب في رفح ثم نعيد المختطفين، فهو يزرع الوهم الكاذب”.
وفي أكثر من مناسبة مؤخرا تعهد نتنياهو بحل ما أسماه بـ”كتائب حماس الأربعة” في رفح، وإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة عبر العمل العسكري.
وينتمي أيزنكوت إلى حزب “معسكر الدولة”، الذي يقوده الوزير بمجلس الحرب بيني غانتس، وفقد ابنه في الحرب الحالية على غزة.
وفي كلمته خلال المؤتمر ذاته، اعتبر أيزنكوت، أن واجبه يحتم عليه “قول الحقيقة كما هي”.
وقال موضحا: “الشعارات الطنانة يتلقاها بعض الناس بآذان صاغية؛ لأنهم يريدون أن يؤمنوا بها في الأوقات الصعبة”.
وادعى أيزنكوت أن “القضاء على حركة حماس سيستغرق سنوات، وبعد ذلك (نحتاج إلى) سنوات عديدة أخرى لبناء بديل لحماس”.
واعتبر أن هدف إسرائيل من تلك الحرب في نهاية المطاف “يجب أن يكون نزع سلاح غزة”.
وأكد أيزنكوت، أن نتنياهو، “فشل في كل الأهداف الفائقة التي وضعها لنفسه بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة”.
وشهدت إسرائيل آخر انتخابات تشريعية في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أسفرت عن تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو من أقصى اليمين الديني والقومي، والتي وصفها مسؤولون، بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، بأنها “الأكثر تطرفا” في تاريخها.
وتابع أيزنكوت موضحا: “الهدف الأول (الذي سوقه نتنياهو) كان وقف البرنامج النووي الإيراني، ولا تحتاج إلى أن تكون مطلعا على التقارير الاستخباراتية لتعرف أن إيران الآن هي المكان الأكثر تقدما وتهديدا (لإسرائيل) منذ أن بدأت هذا البرنامج”.
وأردف: “الهدف الثاني كان السعي لتحقيق السلام مع السعودية، وبدا أننا كنا على بعد خطوة، واليوم يبدو الأمر بعيدا جدا”.
وقبل أن تشن إسرائيل الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول تزايد حديث مسؤولين إسرائيليين عن قرب تطبيع العلاقات مع السعودية، لكن الرياض أكدت في أكثر من مناسبة أن ذلك لن يحدث إلا بعد التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتابع أيزنكوت: “الهدف الثالث الذي فشل فيه نتنياهو هو الحفاظ على الاقتصاد وخفض تكاليف المعيشة”.
وأضاف: “من الواضح أن مؤشرات الاقتصاد الإسرائلية سلبية الآن، والمستقبل المتوقع له ليس مزدهرا”.
وقال أيزنكوت: “كان الهدف الرابع هو استعادة الأمن” في الجنوب والشمال.
واعتبر أن الحكومة “فشلت فشلا ذريعا في هذا أيضا”.
ولفت إلى أن هناك سؤالا مطروحا في هذا الصدد وهو “كيف يمكن إنهاء هذه الحرب بشكل صحيح؟”
وأجاب على ذلك، قائلا إنه “يجب محاولة بناء جواب لإنجاز عملياتي في الجنوب (جبهة غزة)، يشمل عودة المختطفين؛ ما يسمح بالتسوية في الشمال (جبهة لبنان)، والدخول في مفاوضات مع السعودية” من أجل التطبيع معها.
وتتحدث تل أبيب عن وجود 121 من مواطنيها أسرى لدى الفصائل في غزة، فيما تؤكد “حماس” مقتل عشرات منهم بغارات إسرائيلية على القطاع، وتشدد على أن تل أبيب لن تستعيد أسراها إلا عبر التفاوض.
والأربعاء الماضي، أقر رئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل تساحي هنغبي، خلال اجتماع للجنة الأمن والخارجية بالكنيست (البرلمان)، بالإخفاق في تحقيق كل أهداف الحرب، بما يشمل إعادة الأسرى، أو القضاء على “حماس”، أو إعادة المستوطنين إلى منازلهم بأمان جنوبي البلاد.
من جانبه، رد حزب “الليكود” بقيادة نتنياهو، على تصريحات أيزنكوت، مدعيا أن الأخير والوزير غانتس، “يبحثان عن أعذار لإنهاء الحرب دون تحقيق أهدافها، والانسحاب من الحكومة في خضم الحرب”.
وأضاف الحزب، في بيان: “بدلا من انخراط أيزنكوت وغانتس، في السعي لتحقيق النصر، ينخرطان في سياسات ضيقة”.
فيما رد حزب “معسكر الدولة” في بيان: “بدلاً من أن يقود نتنياهو، إلى إنجازات بعد المناورة في ساحة المعركة، يناور بين الألغام السياسية ويتجنب اتخاذ القرارات من أجل الوطن. الحروب لا تُربح بالشعارات”.
وفي 18 مايو/ أيار الجاري، أمهل غانتس، نتنياهو، حتى الثامن من يونيو/ حزيران المقبل، لوضع إستراتيجية واضحة للحرب وما بعدها وإلا سينسحب من الحكومة.
ومع اندلاع الحرب ضد قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرى توسيع حكومة نتنياهو تحت اسم “حكومة الطوارئ” وتشكيل ما سُمي بـ”مجلس الحرب”.
من جهتة اخرى، قال مسؤول أمني إسرائيلي بارز الأربعاء إن الحرب ضد حماس في قطاع غزة يمكن أن تستمر “سبعة أشهر أخرى” لتحقيق هدف “القضاء” على الحركة الفلسطينية.
وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي في مقابلة مع هيئة الإذاعة الإسرائيلية العامة (كان) “ربما أمامنا سبعة أشهر أخرى من القتال لتعزيز نجاحنا وتحقيق أهدافنا، أي تدمير سلطة حماس وقدراتها العسكرية”.
وأضاف هنغبي الذي تحدث خلال تواجده في قبرص “النصر بالنسبة لنا يعني تدمير القدرات العسكرية لحماس وإعادة جميع الرهائن وأن نضمن مع نهاية الحرب أن لن يكون هناك المزيد من التهديدات من غزة”.
واستدرك “بعبارة أخرى، عدم وجود جيوش إرهابية تمولها إيران على حدودنا”.
وبحسب المسؤول الأمني فإن المباحثات جارية بشأن مستقبل غزة بعد الحرب.
وأشار “نحن نحاول التخطيط لما سيحدث بعد الحرب حتى يكون الفلسطينيون مسؤولين عن حياتهم”.
وأضاف تساحي هنغبي “سنكون مسؤولين عن أمن إسرائيل لكننا لا نريد أن نحكم غزة”.
تواجه إسرائيل بعد ثمانية أشهر من اندلاع الحرب الأكثر دموية في قطاع غزة، دعوات دولية لإنهاء القتال إلى جانب قضايا أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية التابعتين للأمم المتحدة.
لكن يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مصر على استمرار القتال والوفاء بتعهده “القضاء” على حماس.
اندلعت الحرب في قطاع غزة مع شنّ حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أحدث البيانات الإسرائيلية الرسمية.
واحتُجز خلال الهجوم 252 رهينة ونقلوا إلى غزة. وبعد هدنة في تشرين الثاني/نوفمبر سمحت بالإفراج عن نحو مئة منهم، لا يزال 121 رهينة محتجزين في القطاع، بينهم 37 لقوا حتفهم، بحسب الجيش.
وتشن إسرائيل منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36171 شهيدا، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم