الدكتور خيام الزعبي
رأينا في الأسابيع القليلة الماضية أن سورية التي انفتحت أمامها الأبواب العربية والإقليمية تجد نفسها أكثر انتعاشاً بعد أن تحولت إلى عاصمة العالم تطرق أبوابها قوى الشرق والغرب، هي من ترسم المعادلات، وهي من تقرر التحالفات، وهي من تقود المعارك على الأرض لترسم خارطة المنطقة من جديد.
هناك انفراجات تُحقّق قفزات سياسية في سورية خلال العام2024 ، حيث عينت المملكة العربية السعودية أول سفير لها لدى سورية منذ قطع العلاقات مع دمشق منذ 12 عاماً، مما يمثل تحسناً مستمراً في العلاقات منذ إعادة انضمام الدولة التي مزقتها الحرب إلى جامعة الدول العربية قبل أكثر من عام، بالإضافة الى التحول الأمريكي في الملف السوري من خلال إبطال مفعول قانون قيصر وتخفيف العقوبات المفروضة على دمشق الذي أقره الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب واعتمدته الإدارة الأمريكية منذ 2020، وقد تسبب بأزمة اقتصادية خانقة داخل البلد الذي انهكته الحرب.
يضاف إلى ذلك ما يقال عن تشجيع عراقي لتركيا للدخول بتفاوض جدي مع سورية لحل المشاكل العالقة تمهيداً للمصالحة التي تعيد العلاقة بينهما إلى ما قبل عام 2011 ، فضلاً عن وجود مؤشرات عن رضاء خليجي على مشروع هذه المصالحة، هذا يؤدي الى إيجاد بوابات وفتحات أمام بعض الدول للتعاون مع سورية وإيجاد صيغة للتواصل معها.
في جانب أخر لا يخلو من الأهمية الاقتصادية، فقد شاهدنا انفتاحاً عربيا أردنياً إمارتياً على دمشق، فضلاً عن المساعي الروسية-الإيرانية لجهة تعزيز الاقتصاد السوري، عبر التشاركية بين المؤسسات في سورية وروسيا وإيران، وربط ذلك بمسارات اقتصادية إقليمية ودولية، فضلاً عن فتح معبر القائم-البوكمال الحدودي بين العراق وسورية للتجارة والأفراد، والذي يعد ثروة حيوية كبيرة للطرفين والذي يعمل على توسيع التجارة وتعزيز الافتصاد السوري الاقتصادي.
ولا شكك أن هناك إنجازات سياسية وعسكرية كبيرة، حيث نجح الجيش السوري في بسط سيطرته شبه الكاملة على مختلف المناطق والمدن السورية وتحريرها من قبضة الجماعات المسلحة والمتطرفة، في وقت سادت فيه حالة من الارتباك والقلق لدى الأطراف الداعمة لتلك الجماعات وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل الارهابية.
وإستكمالاً لكل ما سبق نقول: إن كل هذه المعطيات تشير إلى أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كثيرة، ما يعني نتائج جديدة وإيجابية لبعض دول الإقليم في المنطقة وعلى الأخص سورية، فبالتوازي بين الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة السورية في الداخل، وبين الحراك الإقليمي والدولي الجديد تجاه سورية، ثمة معادلة اقتصادية جديدة في سورية، قوامها انفراجات اقتصادية قادمة، وعودة الحياة للاقتصاد السوري، فضلاً عن تواجد سورية، في غالبية المشاريع الاقتصادية الإقليمية، لا سيما خط الغاز العربي، والذي سيكون بوابة اقتصادية دمشقية، ستُعيد للدولة السورية ألقها الاقتصادي.
مجملاً.. الكل يبذل الجهود في المشاورات والمباحثات الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي في سورية، لذلك أرى أن هناك تحول كبير بالساحة السورية وتطورات كبيرة تعمل على تضييق الأزمة السورية، خاصة أن هناك دول غربية بدأت تعيد حساباتها وتغير موقفها تجاه الأزمة السورية.
وأختم مقالي بالقول: عادت سورية الى دورها ومكانتها في الاقليم مرة أخرى، لتقول كلمتها في المنطقة ولكي تصبح الرقم الأهم في المعادلة الإقليمية، فسورية باقية في مكانها تتحرك وتنتقل لتعلو، لذلك كل الدول العربية تعود وتناقش دمشق، لأنه لا سلام بدون سورية ولا تقاد المنطقة إلا من سورية، لذلك عصفت بسورية أشرس حرب عرفها التاريخ لفرض الاستسلام مع الكيان الصهيوني لكن وعي الشعب السوري وادراكه للدور التاريخي الملقى على عاتقه أفشل كل المؤامرات التي كانت تحلك ضده.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم