في الوقت الذي كان المنشدون يصدحون بالمدائح النبوية في احتفال مصر بالمولد النبوي الشريف بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كانت القذائف تتساقط على أحياء غزة مواصلة القتل والتخريب في مشاهد يشيب لهولها الولدان.
الرئيس السيسي ألقى كلمة – هتف قبلها أحد مؤيديه قائلا: سر على بركة الله.. سدد الله خطاك- جاء فيها: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ﴾ نجتمع اليوم لنحتفل؛ والأمة الإسلامية، بذكرى ميلاد خاتم الأنبياء والمرسلين، صلوات الله وسلامه عليه هذا اليوم المبارك؛ الذي أذن الله تعالى فيه، لشمس الهداية النبوية أن تشرق على الدنيا بمولده ﴿صلى الله عليه وسلم﴾.
ويطيب لي، في هذه المناسبة الكريمة العطرة، أن أتوجه بالتهنئة لشعب مصر الكريم، ولكافة الشعوب العربية والإسلامية.. سائلًا الله العلي القدير، أن يعيدها على الشعب المصري؛ وعلى الأمتين العربية والإسلامية؛ وعلى العالم أجمع، بالخير واليمن والبركات.
السيدات والسادة،
إن الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف، يبعث في قلوبنا، معاني الإنسانية الحقيقية؛ إذ كان مولده ﴿صلوات الله وسلامه عليه﴾ إحياء للإنسانية، وتكريماً لها.
ولعل احتفالنا اليوم، يمثل فرصة للاطلاع على سيرته العظيمة ﴿صلى الله عليه وسلم﴾، وتعزيز مفاهيم رسالة الإسلام في أذهاننـا، التـي بلغـــــت بالإنســـــانية أعـــــــلى درجـــــــاتها.. فرسمت للبشرية طريق المحبة والإخاء، من خلال منظومة أخلاقية؛ من شأنها أن تجمع ولا تفرق، وتبني ولا تهدم.. فهي رسالة تدعو إلى التعايش والبناء والتنمية، حيث بينت
آيات القرآن الكريم، أن من أسمى غايات الخلق، بناء الإنسان بناءً قويماً، ليؤدي مهمته التي كلفه الله تعالى بها، ألا وهي إعمار الكون وتنميته.”.
وتابع قائلا: ” ولا شك أن مهمة بناء الإنسان وتكوينه وإعداده، مسئولية تضامنية وتكاملية، تحتاج إلى تضافر جهود المؤسسات الدينية والعلمية والثقافية والشبابية والإعلامية، ومن قبل كل ذلك الأسرة.. لنبني معاً إنساناً قوياً واعياً رشيداً، يبني وطنه في مختلف المجالات، ليكون قدوة ونموذجاً حسناً لتعاليم دينه..
إنساناً صاحب شخصية قوية سوية؛ قادرة على تخطي الصعاب ومواجهة التحديات؛ وبناء التقدم والحضارة والعمران.
السيدات والسادة،
إن قول رسولنا الكريم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، لهو دعوة لنا جميعاً، أن نتحلى بالأخلاق الحميدة في جميع مجالات حياتنا.. متطلعين في هذا الصدد، إلى مزيد
من الجهود في بناء الإنسان؛ بناء أخلاقياً، وعلمياً، وثقافياً، ومعرفياً، ونوعياً، من خلال استخدام جميع الوسائل الحديثة، والأساليب المتطورة التي تتســق مــع طبيعـــة العصـــر ومسـتجداته.. لينطلق الإنسان في تعامله مع غيره، من خلال مبادئ سامية؛ يعمها الخير والنفع، والرفق والشفقة والرحمة بجميع الناس، لتعيش كل الشعوب في أجواء من السلام والأمان، ويكون منهجها عند الاختلاف، قائماً على أساس من الحوار والإقناع
دون إكراه أو إساءة.
واختتم السيسي كلمته قائلا:
“وفي الختام، أؤكد أننا في حاجة ماسة، لمضاعفة الجهود التي تقوم بها جميع مؤسسات الدولة، وخاصة المؤسسات الدينية في مجالات بناء الإنسان، وترسيخ القيم، ونشر الفكر الوسطي المستنير، ومواجهة الأفكار المتطرفة والهدامة.. كما أؤكد أن الدولة المصرية؛ لا تدخر جهداً في توفير كل الدعم، وتهيئة المناخ المناسب لإنجاح تلك الجهود.
أشكركم..
وكل عام وأنتم بخير، ومصرنا والأمة الإسلامية، والإنسانية كافة، في خير وأمان ورخاء..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
التساؤل الذي فرض نفسه:
لماذا آثر السيسي عدم ذكر الحرب في غزة؟
اللافت في الاحتفال كانت كلمة شيخ الأزهر الذي بدا حزينا.
الطيب ذكّر الحضور والأمة- بنظرات لم تخل من دلالة- بقول الله تعالى “وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم” (كرر الآية عدة مرات).
وتناول الطيب فلسفة الإسلام في الحرب، مؤكدا أن القتال فى الإسلام لرد العدوان.
وتطرق الطيب لواقعة حلف النبي على التمثيل بالمشركين بعد قتلهم عمه في أحد، ثم كفر عن يمينه بعد نزول قوله تعالى “وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين”.
وقال الطيب إن النبي حرم قتل النساء والشيوخ والأطفال بل أمر بعدم ترويعهم، لافتا إلى أن الشريعة الإسلامية أكدت عدم جواز قتل العمال والأجراء.
وندد الطيب بالمجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان ، صابا جام غضبه على النظام العالمي “المتحضر” الذي صمت صمت القبور
عن آلامها وصرخاتها، ثم راح يشمر عن ساعد الجد ليتصدق على هذه الشعوب البائسة بكلمات عزاء فارغة لا تقول شيئا، أو بمشاعر باردة تذكر بمشاعر القاتل الذي يمشي في جنازة قتيله ويتقبل عزاء الناس فيه.
وفي ختام كلمته أهدى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الرئيس عبد الفتاح السيسي النسخة الأولى من ترجمة معانى القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية، خلال حضوره احتفالية وزارة الاوقاف بذكرى المولد النبوي الشريف.
كلمة شيخ الأزهر لاسيما تذكيره بآيات القتال في الإسلام اعتبرها البعض دعوة مبطنة للأمة للجهاد نصرة لأهل غزة.
من جهته قال وزير الأوقاف، الدكتور أسامة الأزهري، إن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي تبذل قصارى جهدها لإطفاء نيران الحرب في قطاع غزة والضفة الغربية.
وشدد الأزهري على رفض مصر لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، ودعاهم إلى التمسك بأرضهم مهما كانت التضحيات.
وأكد أن الأزمة الفلسطينية لن تحل إلا بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67، وعاصمتها القدس الشرقية.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم