- علي حيدر
- الجمعة 19 آذار 2021
على رغم قلقها ممّا يمكن أن تُقدِم عليه إدارة جو بايدن في ما يتّصل بالملفّ النووي الإيراني، لا تجد إسرائيل بدّاً من بدء حوار مع هذه الإدارة حول الخطوات الواجب اتّخاذها إزاء إيران في المرحلة المقبلة. إلى الآن، تشعر تل أبيب بالارتياح للتوصُّل إلى «صورة استخبارية متطابقة تقريباً» مع الأميركيين، لكن ذلك لا يلغي الخشية الإسرائيلية من استمرار المسار نفسه الذي أدّى، بحسبها، إلى تعاظُم قدرات طهران وحلفائها
في المقابل، يقدِّم عميدرور، الذي أشركه نتنياهو قبل أيام في جلسة مشتركة عقدتها القيادات السياسية والعسكرية والاستخبارية حول موضوع استهداف السفينة الإسرائيلية في الخليج، وجهة نظر مختلفة كانت ولا تزال تحكم رؤيته وخياراته. تنطلق هذه الرؤية من أن أيّ اتفاق مع إيران، لا يتضمّن إزالة منشآتها النووية، ولا يُقيِّد قدراتها الصاروخية ودعمها لحلفائها في محيط إسرائيل، يمثّل تسليماً بالمعادلة الإقليمية التي فرضتها، وسيؤسِّس ذلك، أيضاً، لمسار تصاعدي من المخاطر المحدقة بأمنها القومي. لكن القيادتين السياسية والأمنية في كيان العدو تدركان محدودية قدرات إسرائيل على مواجهة إيران ومحور المقاومة، من دون مشاركة مباشرة من الولايات المتحدة، وتحديداً بعد تحوُّل معادلات القوة الإقليمية. وفي ضوء ما تقدّم، تحاول تل أبيب التوصُّل إلى قاعدة مشتركة مع إدارة جو بايدن، أيّاً ما كان المسار الذي ستسلكه التطورات.
ومن هنا يأتي رهان تل أبيب على الحوار الاستراتيجي مع واشنطن، والذي انطلق قبل أيام؛ إذ بحسب ما نقلته تقارير إعلامية إسرائيلية عن مسؤولين معنيّين بالمحادثات لم تُسمِّهم، فإن الجلسة الأولى خلصت إلى «صورة استخبارية متطابقة تقريباً»، وإن «الأميركيين تعهّدوا بالشفافية، وطالبوا إسرائيل أيضاً بعدم مفاجأتهم» باتّخاذ أيّ خطوات. وتَقرَّر تشكيل فريق مشترك خاص من الطرفين، سيُركّز فقط على تبادل المعلومات الاستخبارية في شأن القضية الإيرانية.
يبقى القلق قائماً لدى جهات القرار في كيان العدو إزاء مستقبل التنسيق مع الولايات المتحدة
وشارك في الاجتماع، الذي عُقِد عبر تقنية «الفيديو كونفرنس»، وفق هؤلاء المعنيّين، «مسؤولون كبار من وكالة المخابرات المركزية، ومجلس الأمن القومي، ووزارة الخارجية، والبنتاغون» من الجانب الأميركي، فيما شارك ممثلون عن «الموساد»، والاستخبارات العسكرية، ووزارة الخارجية، ووزارة الأمن، وهيئة الأمن القومي، ولجنة الطاقة الذرّية، من الجانب الإسرائيلي.
على الرغم من ذلك، يبقى القلق قائماً لدى جهات القرار في كيان العدو، إزاء مستقبل التنسيق مع الولايات المتحدة. ويعود هذا إلى أن كلّ الضغوط السابقة التي مورست على إيران لم تردعها عن مواصلة مسارها النووي التصاعُدي، وصولاً إلى نصب وتشغيل أجهزة طرد مركزي متطوّرة. وخلال الأسابيع المقبلة، سيواجه الأطراف الغربيون، ومعهم إسرائيل، محطّة الموقف الإيراني الحاسم من «البروتوكول الإضافي» الملحَق بـ»خطّة العمل المشتركة الشاملة» بعد التمديد الذي أقرّته طهران لعمل «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» لمدّة ثلاثة أشهر، ما يعني أن أولئك الأطراف سيكونون، خلال الأشهر المقبلة، معنيّين باتّخاذ قرار في اتجاه ما.
الخلاصة أن التوافُق على الصورة الاستخبارية هو خطوة أولى وأساسية، لكنه لا يعني بالضرورة التوافُق على الخيارات الواجب اتّباعها في المحطات المفصلية؛ فإسرائيل تُفضّل عدم الاتفاق على أيّ اتفاق لا يراعي ثوابتها وأمنها القومي، فيما سيكون على إدارة بايدن أن تحسم أمرها بين تبنّي الموقف الإسرائيلي مع ما سيترتّب عليه من تداعيات متدحرجة، أو الافتراق عنه والعمل على تطويعه تجنُّباً لسيناريوات تحرص، واشنطن، بشدّة، على تجنُّبها حتى الآن.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)