آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الشرع في موسكو 

الشرع في موسكو 

 

 

كتب محمد خير الوادي :

 

اريد ان ادلي بدلوي ،حول زيارة الرئيس احمد الشرع الى موسكو .

في البداية ، لا بد من الاشارة الى جزئية هامة جدا، حددت طبيعة الزيارة واجوائها ،واثرت على نتائجها ، وهي ان الرئيس بوتين صاحب الشخصية القوية الطاغية ، يحترم الاقوياء من السياسيين ، ولا يقيم وزنا كبيرا للمتخاذلين المستجدييٌن منهم .وخير تجسيد لذلك ، نلمسه في تعامل بوتين الودي مع الرئيسين الامريكي والصيني ،وكذلك مع ولي العهد السعودي ورئيس دولة الامارات ،وغيرهم من قادة الدول الاقوياء في بلادهم . وقد ادرك الرئيس الروسي ، ان الرئيس الشرع ،الذي صمد – سنوات – امام القصف الروسي العنيف، وقاد بجدارة معركة اسقاط بشار الاسد، يشغل مكانة متقدمة في صفوف اولئك السياسيين .ويحضرني في هذا المجال ،ما قاله الرئيس الروسي في وصفه لمعركة حلب ، حيث ذكر، ان ثلاثمائة مقاتل فقط ، قد هزموا ثلاثين الفا من قوات بشار الاسد ، وكذلك قرار الرئيس بوتين في ان تلتزم القوات الروسية الحياد في معركة التحرير .

 

والرئيس الروسي ، يعشق اختبار صلابة مفاوضيه . فهوقد ارسل كلبا اسودا كبيرا لبث الخوف في قلب المستشارة الالمانية ميركل، التي كانت – منذ صغرها – تخشى الكلاب . وقادة كثر تعرضوا لمواقف “اختبارية” مختلفة ، كاجبارهم على الانتظارالطويل للضغط النفسي عليهم ،او اجلاسهم على اطراف طاولة المفاوضات ، كما جرى مع ماكرون .وحدث الشيء نفسه هذه المرة مع الشرع ، حيث اختار بوتين وقبيل اللقاء ، ان يسلك الرئيس السوري درجا طويلا يقود الى قاعة الاجتماعات ، رغم وجود المصاعد.وقد علق الشرع مازحا على ذلك بما معناه ، باننا اعتبرنا ذلك نوعا من الرياضة التي اعتدنا ممارستها ، ولذلك وصلنا الى هنا .

 

هذه الوقائع تركت بصماتها الايجابية على اجواء اللقاء بين الرئيسين .فقد عامل بوتين الشرع بكل احترام ، واستقبله بوجه بشوش وبكلمات حارة ، وكان الارتياح الشديد باديا على تصرفات الرئيس الروسي اثناء اللقاء . وانعكس ذلك في التغطية الاعلامية للزيارة ،حيث بث التلفزيون الروسي خبرا مطولا حول المباحثات ، وقد اعيد بث الخبر عدة مرات وعلى كل المحطات السياسية الروسية . وشكل اللقاء مادة دسمة لكثير من التعليقات الايجابية ، التي اكدت اهمية العلاقة مع سورية .

 

وبالفعل ، فان زيارة الشرع الى موسكو ،قد نقلت العلاقات الثنائية السورية الروسية الى مستويات جديدة ، وفتحت افاقا رحبة للتعاون المستقبلي بين البلدين . واذا اردت ان اختصر نتائج هذه الزيارة ، فانني اقول ، انها تمكنت من عبور مرحلة من التاريخ المؤلم بين البلدين ،وتصحيح العلاقات الثنائية على قواعد الاحترام المتبادل ، والمساواة وتحقيق المنفعة المشتركة للطرفين . فالقواعد الروسية لم تعد تخدم مصالح روسيا بالدرجة الاولى ، بل سيتم تعديل وظائفها بما يخدم سورية ويلبي حاجاتها الامنية والانسانية والتنموية . والاتفاقات الاقتصادية والتجارية ستصبح اقنية للتعاون النزيه والشفاف ، الذي سيساعد في نمو الاقتصاد السوري وتنشيط حركة اعادة الاعمار .وعلى الصعيد السياسي ، فان السياسة الروسية ستكون رديفا في استعادة سورية لدورها على الصعيدين الدولي والاقليمي، بما يسهم في حماية استقلال سورية ووحدة اراضيها .صحيح ان الزيارة كانت قصيرة وليوم واحد ، ولكن الصحيح ، ان نتائج هذه الزيارة ، قد فتحت آفاقا واسعة لشراكة سورية روسية بعيدة الامد ، شراكة تلبي مصالح البلدين ، وتضمد جراح الماضي ، وتحيي الصداقة التاريخية بين الشعبين .

(اخبار سوريا الوطن 1-مركز الوادي للدراسات الاسيوية)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لماذا يُعدّ التقارب مع روسيا ضرورة لا خياراً بالنسبة للشرع؟

  سركيس قصارجيان     بعد التحوّل الكبير الذي شهدته الساحة السورية في 8 كانون الأول/ديسمبر، اتجهت الأنظار خصوصاً إلى موسكو، الحليف التقليدي للرئيس السوري ...