آخر الأخبار
الرئيسية » قضايا و تحقيقات » ملفات إبستين… ترامب يقلب الطاولة!

ملفات إبستين… ترامب يقلب الطاولة!

جهاد بزي

 

مؤخراً، كان مجرد ذكر اسم جيفري إبستين أمام الرئيس دونالد ترامب أشبه بمهمة انتحارية يقدم عليها صحافيون شجعان مستعدون لتحمل العواقب الوخيمة لفعلتهم. ومع تزايد نفاد صبر ترامب في كل مرة يُنبش فيها قبر المستثمر المدان باغتصاب قاصرات والاتجار الجنسي بهن، كانت ردة فعل الصديق السابق للسجين الذي قتل نفسه في زنزاته في عام 2019 تتصاعد، وصولاً إلى محاولته إسكات مراسلة على متن الطائرة الرئاسية ونعتها بـ”الخنزيرة الصغيرة”.

 

على رغم إصراره على أن لا شيء لديه يخفيه في ملفات إبستين، وأنه لم يكن يوماً من معجبيه، وقد قطع علاقته به منذ أكثر من عقدين، فإنه لم يتأخر مرة عن الخروج عن طوره كلما ذكر اسم الرجل المنبوذ، في ما يشبه المريب إذ يكاد أن يقول “خذوني”. حتى مارجوري تايلور غرين، النائبة الماغاوية في الكونغرس وإحدى أشد مريداته ولاءً، وصفها بأنها خائنة ومضطربة لأنها أخذت قضية الكشف عن ملفات إبستين على عاتقها من باب الشفافية وكشف المتورطين وإنصاف الناجيات.

 

تكمن حجة ترامب في دفن قضية إبستين في أنه يراها مصيدة سياسية ينصبها خصومه الديموقراطيون للتعمية على إنجازاته المتواصلة اقتصادياً وسياسياً في أميركا وحول العالم، وللتغطية على ذنبهم في الإغلاق الحكومي. وللتصويب في اتجاه حزبه وقاعدته الشعبية، لجأ ترامب إلى التقريع المباشر للجميع، وإلى تسخيف قضية إبستين برمتها، كما لو أنها من الماضي البعيد.

 

 

 

الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حديقة البيت الأبيض. (أ ف ب)

الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حديقة البيت الأبيض. (أ ف ب)

 

 

لم يراع الرئيس الحساسية العالية لدى قاعدته المحافظة، ولدى المجتمع الأميركي بشكل عام، حيال جريمة بحجم اغتصاب قاصرات والاتجار الجنسي بهن، خصوصاً أن العدالة لم تأخذ مجراها بعدما انتحر المتهم الرئيسي، والناجيات لم ينلن حقهن المعنوي، بينما بقيت طي الكتمان أسماء عديدة لنافذين يفترض أن يجيبوا عن السؤال حول علاقتهم بإبستين.

 

ومع أنه استمر في عناده، إلا أن مؤشرين جعلاه أخيراً “يقرأ الغرفة” بحسب التعبير الأميركي، ويغيّر رأيه إلى نقيضه في ما خص الطلب من وزارة العدل الكشف عن كل ملفات إبستين ووثائقه. المؤشر الأول كان الجمهوريين الذين وقعوا على عريضة طرح إزالة السرية عن الوثائق على التصويت، ما أعطى العريضة الغالبية البسيطة التي نالتها لفرض التصويت. والمؤشر الثاني هو التراجع الحاد في شعبية الرئيس الأميركي، إذ وصلت في آخر استطلاعات الرأي إلى أدنى مستوياتها منذ عودته إلى البيت الأبيض (38%). كما أن ثلاثة أميركيين من أربعة يرفضون تعاطي إدارة ترامب مع الملف، مع نسبة رفض أعلى لدى قاعدة “ماغا” من الجمهوريين “العاديين”.

 

هكذا، قرر ترامب فجأة تغيير الاتجاه إلى عكسه، وإعطاء الضوء الأخضر لأعضاء حزبه في مجلسي النواب والشيوخ للتصويت على إزالة السرية. وحاز التصويت الذي نالت العريضة المطالبة بطرحه ثلاثة أصوات جمهورية على غالبية مطلقة في شقي الكونغرس، ووصل إلى البيت الأبيض ووقعه الرئيس الأربعاء بعيداً من العدسات والأسئلة التي استعاض عنها بمنشور طويل على منصته.

 

 

 

 

المعلق السياسي روجان أوهاندلي يحمل ملفاً عليه ختم وزارة العدل الأميركية وعنوانه ملفات إبستين المرحلة الأولى. (أ ف ب)

المعلق السياسي روجان أوهاندلي يحمل ملفاً عليه ختم وزارة العدل الأميركية وعنوانه ملفات إبستين المرحلة الأولى. (أ ف ب)

 

 

ولأنه ترامب، لم ينس الرئيس توجيه الاتهامات بالجملة إلى الديموقراطيين، بدءاً بالراحل إبستين الذي أمضى عمره ديموقراطياً، إلى الرئيس السابق بيل كلينتون، وزميله جو بايدن الذي لم يقدم ورقة واحدة من ملفات إبستين إلى القضاء. بعدها، عدد إنجازاته التي يطيب لجمهوره سماعها، منها لا رجال في رياضات النساء، وإنهاء برامج التنوع والإنصاف والإدماج، وغيرها مما يجعل أميركا عظيمة مجدداً، يضاف إليها نعت أضافه أخيراً إلى قاموسها هو أنها البلد الأكثر إثارة (hottest).

 

وعد ترامب جموره بأن السحر سينقلب على الساحر الديموقراطي الذي سيخرج خاسراً من معركة إبستين، كما خسر في كل المعارك السابقة ضد أفضل رئيس لأميركا، بحسب وصف ترامب لنفسه. لكن المعركة لا تزال في بدايتها ولدى وزارة العدل 30 يوماً لتكشف عن الوثائق التي تتضمن قوائم زوار أبستين الكاملة والهواتف والعناوين والتسجيلات المصورة من منازله، باستثناء المسيئة للأطفال وأسماء العملاء والمتورطين، مع حماية خصوصية الضحايا وإخفاء المواد الإباحية الصريحة لأطفال.

 

وإلى حينه، تبقى أميركا مشغولة بإحدى أكثر قضاياها سخونة على المستوى السياسي، وأشدها قتامة وقذارة على كل المستويات.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

انتهاء أولى جلسات المحاكمة العلنية لـ 14 متّهماً بارتكاب انتهاكات خلال أحداث الساحل

قرّر القاضي تعليق الجلسات إلى الثامن عشر والخامس والعشرين من كانون الأول المقبل. انتهت ظهر اليوم جلسة المحاكمة العلنية الأولى في قصر العدل بحلب لـ 14 متهماً ...