عن “المؤسسة العربية للدراسات والنشر” في بيروت وعمّان، صدر كتاب “بلا سقف (شهادة شاهد)” للكاتب اللبناني زهير ماجد ، وهو تجسيد لمرحلة مهمة من الحياة العربية ، بل شاهد على عصر مضى وانقضى لكنه ترك وراءه زوابعه التي مازلنا نعيشها الى الآن .
العنوان “بلا سقف” محاولة لتجاوز ماهو الممنوع والمسموح .. فهو بالتالي شهادة شاهد على المعلومات الجديدة في الوطن العربي التي معظمها يقال لاول مرة وعلى الاحداث التي عصفت في الساحة العربية ، ثم هي الكلمة المنطوقة بحرص والتجربة المغمسة بروح ذاك العصر .
منذ أول سطور الكتاب تبرز الدراما العربية البكائية على ثلاثية لايمكن تخطيها في واقعنا العربي، حين شاهد الكاتب الدبابة الاسرائيلية في العاصمة اللبنانية بيروت عام 1982، وشاهد مثلها الدبابة الاميركية في العاصمة العراقية بغداد عام 2003 ، وقبلها ما عاشه من هزيمة العام 1967 حين وصلت الدبابات الاسرائيلية الى قناة السويس والى الضفة الغربية، حيث ضاعت فلسطين كلها والى الجولان السوري. اعتقد ان هذه التواريخ هي التشكيل الذي بدأه الكتاب ، ليعرج على صورة الكاتب في وطنه لبنان وصولا الى الاحداث اللبنانية عام 1975 وما جرى بها ، ثم حال المقاومة الفلسطينية في تلك المرحلة.
والكتاب قصة شاهد عاش هذا العصر كله وأراد ان يدونه بلغته التي جرى فيها ، فكانت سؤالا طرحته الدكتورة حياة الحويك عطية في مقدمة الكتاب قائلة فيه ” هل هنالك من استطاع ان يجسد هذه المرحلة بأجمل وأصدق ماقرأتُ في هذا النص”.. لتضيف بالتالي ” كتبت نفسك ياصديقي لكنك كتبتنا جميعا .. لانعني أننا جيل الخير ، لكننا جيل عايش الكثير من الخير الذي كان ، ومن الشر الذي أسس للخراب الذي نبكي منه الآن ” . ليضيف الدكتور ألبرت عبدالله روزات حرب في مقدمة له في الكتاب ايضا ان هذا ” الكتاب يتخطى نصه ان يكون سيرة ذاتية او مذكرات تقليدية ، او نقدا سياسيا ، او خواطر فلسفية” .. بل “يختصر زهير ماجد رسم لوحة لجيل بأكمله امتد على مساحة سبعة عقود”.
وينطلق الكتاب كما قلنا ليقدم شهادته عن لبنان بكل التفاصيل التي عاشها وخصوصا في حربه الطويلة . وصولا الى “هيروشيما بيروت” في الرابع من آب / أغسطس 2020، حيث الانفجار الهائل في مرفأ بيروت.
وعن العرب هنالك الكثير ، من شخصيات لمعت اسماؤها ، وتقال لأول مرة ايضا كما حصل حين بكى الرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلله، في احد مؤتمرات القمة العربية كما أخبرالكاتب اثناء اللقاء به في بيروت، وعن السبب الذي من أجله غضب الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، وعن البندقية التي حلت مكان البندقية الفلسطينية في لبنان.. ثم قصة أطول لوحة في العالم رسمها الفنان الفلسطيني المعروف مصطفى الحلاج ثم احترقت، وعن الصوت الذي وحد العرب، ولماذا الشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي زار جنوب لبنان، ثم حكاية من صميم تاريخ الشاعر الكبير عمر ابو ريشة عندما كان سفيرا في الهند برفقة كمال جنبلاط ، ومتعة احاديث للقاء تم في القاهرة مع نجيب محفوظ، دون نسيان الرحلات السندبادية للكاتب الى اوروبا والعالم العربي، اضافة للعديد من العناوين التي يستحق كل منها كتابا.
كتاب آسر بشهادة كل من قرأه .. فاضافة الى محتواه المشوق هنالك الصدق الذي يترجمه الكاتب بقوله “اليوم أكتب النص الانساني عاريا من التكاذب الاجتماعي”.. وهذا بحد ذاته ينم عن ثراء مؤسس على ثقافة واسعة.
(سيرياهوم نيوز-رأي البوم4/6-2021)