منذ يومين، انتقلت المواجهة مع فيروس كورونا إلى المربّع الخطر، مع تخطّي نسب الإصابات عتبة الألف إصابة، للمرة الأولى منذ ما يقرب من نصف عام. وبلا سابق إنذار، استعاد عدّاد كورونا نشاطه، مسجّلاً 6240 إصابة معلنة في الأيام السبعة الأخيرة، منها 1377 إصابة أمس. بالتوازي، ارتفعت نسبة إيجابية الفحوص إلى ما يقرب من الـ15%، وهي النسبة التي تُنذر بأن الوضع لم يعد تحت السيطرة، على الأقلّ في ما يتعلّق بقرب مرحلة انتشار الفيروس في البلاد. إلى هذين الرقمين، يمكن الحديث عن إضافة أخرى لا تقلّ خطورة، وهي أعداد المصابين الذين يحتاجون إلى استشفاء، وما يمكن أن تسبّبه تلك الحاجة من عبء على النظام الصحي الاستشفائي المنهك أصلاً. وفي آخر الإحصائيات، بلغت نسبة إشغال الأسرّة 13% (59 إصابة) من إجمالي الأسرّة الموضوعة في الأقسام المخصّصة للمصابين في المستشفيات، و10% من إجمالي الأسرّة في العنايات الفائقة أيضاً (20 إصابة).
يحدث ذلك في الوقت الذي لا تزال فيه عملية التلقيح تشهد إقبالاً خجولاً، ما استدعى استنفاراً من وزارة الصحة العامة، بناء على توصية اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا، للعمل على استعادة النشاط خصوصاً أن نسبة متلقي اللقاح لا تزال متواضعة، إذ لم تتخطّ في الجرعتين الأولى والثانية الـ45%، والجرعة الثالثة 25%.

الطاقة الاستشفائية

اليوم، ثمة تحدٍّ أكبر يكمن في قدرة البلاد على المواجهة، خصوصاً في ظلّ استعصاء الأزمة الاقتصادية والمالية التي أدّت إلى إحداث الكثير من التغيّرات في القطاع الصحي… نحو الأسوأ، سواء بالنسبة إلى التزام الموظفين والعاملين في مراكز التلقيح، أو لإقبال الناس على اللقاحات، أو لقدرة القطاع الاستشفائي على القيام بالواجب، على الأقلّ كما في السابق. فهل ستكون المواجهة مضمونة؟
يُطمئن وزير الصحة العامة، فراس أبيض، حتى اللحظة إلى وجود قدرة على الصمود. لكن قد لا يستمرّ الأمر طويلاً مع تسجيل زيادة شبه يومية في الأعداد في المستشفيات، مع الأخذ في الاعتبار أن «غالبية المستشفيات أقفلت الأقسام المخصّصة لمصابي كورونا»، على ما يقول نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون. لذلك، وفي حال ارتفاع أعداد من يحتاجون للاستشفاء، فقد يكون «شبه مستحيل العودة إلى الجهوزيّة نفسها التي رافقت الموجة الماضية». أسباب كثيرة للعجز، منها ثلاثة أساسية «العناصر البشرية التي لم تعد تفي بالغرض المطلوب، وصعوبة إيجاد الأدوية، كما تأمين السيولة». وبغضّ النظر عن أن الغرف لا تزال مجهّزة بالمعدّات، إلا أن دعوة المستشفيات إلى فتح أقسامها بات أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع. مع ذلك، يقول هارون «سنطلب من المستشفيات البقاء متأهّبة في حال دخلنا في مرحلة انتشار».