يواجه الاقتصاد المصري أخطر أزماته، بعد أن بلغت الديون أرقاما غير مسبوقة.
الجديد اليوم فيما أعلنه البنك المركزي المصري من انخفاض تحويلات المصريين بالخارج بنسبة تزيد على 29 في المائة، وهو الأمر الذى أرجعه اقتصاديون لأزمة ثقة في الحكومة.
خبراء اقتصاديون دقوا ناقوس الخطر، فماذا قالوا؟
وزير الاستثمار المصري الأسبق زياد بهاء الدين يقول إنه مع انقضاء العام الماضي وبداية عام جديد، ومع نهاية الانتخابات الرئاسية، ارتفعت التوقعات والتكهنات حول ما قد تشهده الساحة الاقتصادية من قرارات وتغيرات سواء في التوجهات أم الأشخاص، أم في الاثنين معا.
ويضيف أنه إذا كان لدى الدولة النية للإقدام على مثل هذا التغيير، فلا يكفي أن يتناول بعض الإصلاحات الإجرائية ولا الحديث عن توجهات عامة ولا حتى تغيير بعض الوجوه ، بل يجب أن يكون أكثر عمقا وتأثيرا مما سبق لكي يشيع الثقة بأننا على الأقل أعدنا توجيه دفة السفينة الاقتصادية نحو الوجهة الصحيحة، حتى ولو استغرق وصولها إلى بر الأمان فترة طويلة.
وقال بهاء الدين إن التغيرات الاقتصادية الرئيسية المطلوبة باتت معروفة للجميع ومتفق عليها بين الخبراء من كافة التوجهات وليس فيها جديد لم يجر تناوله تفصيليا في مقالات ودراسات وتقارير محلية ودولية خلال العامين الماضيين، مشيرا إلى أن عناوينها الرئيسية هي تصحيح الخلل في سوق الصرف، وتحديد دور الدولة في النشاط الاقتصادي والحد من مزاحمتها للمستثمرين، وإطلاق طاقات القطاع الخاص في الاستثمار والتشغيل والتصدير، وإضفاء المزيد من الشفافية على برنامج التخارج من الأصول، ومحاربة الغلاء عن طريق تشجيع الانتاج والتنافس لا القرارات الإدارية، واستخدام السياسة الضريبية لتشجيع التنمية لا لمجرد زيادة الحصيلة.
وقال إن كل هذه التوجهات الاقتصادية – وغيرها – جرى الحديث عنها بما يكفي ولم يعد هناك ما يقال فيها أكثر مما قيل بالفعل، لافتا إلى أن القضية ليست في التوصل لحلول اقتصادية جديدة أو سياسات مبتكرة، بل في تنفيذ برنامج الإصلاح الوطني المعروف للجميع.
واقترح وزير الاستثمار المصري الأسبق ثلاثة مقترحات: الأول أن العمل على تحديد دور الدولة في النشاط الاقتصادي يجب أن ينطلق من ادراك وقبول أن هناك أوضاعا قائمة بالفعل تكونت ومؤسسات اقتصادية بُنيت وكبرت وصار لها وجود في دائرة الانتاج والتسويق، وهذا واقع لا يمكن إلغاؤه أو تجاهله. لهذا فإن ما نحتاجه من أجل تطوير العلاقة الاقتصادية الصحية بين الدولة والقطاع الخاص ليس الاقتراحات غير ممكنة التحقيق بتخارج الدولة من النشاط تماما كما لو هذا أمر يمكن تحقيقه بقرار اداري. بل نحتاج إلى مدخل تفاوضي، هادئ، وتدريجي، يسعى لتطوير وتحسين الأوضاع القائمة والبناء على الموجود وعلى طمأنة كافة الأطراف بأن هناك مسارا تتوافق فيه المصالح واطار سليم للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص سلكته دول أخرى من قبلنا ولا يوجد ما يمكن من أن نتعلم منه ونسلكه بدورنا.
وعن المقترح الثاني يقول هو أن نقتنع جميعا بأن المكاسب التي يمكن أن تحققها الموازنة العامة من نجاح القطاع الخاص على المدى الطويل وانطلاق التنمية والاستثمار والتشغيل والتصدير، بالضرورة تفوق بكثير العوائد قصيرة الأجل الناجمة عن زيادات الرسوم والضرائب والغرامات والمخالفات، مشيرا إلى أن هذا يحتاج للقناعة بأن الدولة يجب أن تكون شريكة القطاع الخاص في النجاح لا مجرد رقيب ومحصل للرسوم سواء نجح المشروع التجاري أم تعثر.
وقال إن المقترح الثالث يتعلق بمن تستشيرهم الدولة وتنصت اليهم في تحديد المشاكل وإيجاد سبل حلها، مؤكدا أنه لا يعرف مكمن المشكلة وطريقة حلها إلا اصحاب الصنعة انفسهم لا موظفي الحكومة ولا الخبراء ولا المسؤولين الحكوميين.
وقال إنه إذا أردنا أن نضع أيدينا على المعوقات الحقيقية للاستثمار في السياحة والصناعة والزراعة والتعليم والصحة والتكنولوجيا، فلابد من الإنصات أولا للعاملين في هذه المجالات، ليس فقط مع بعض المشهورين منهم وانما مع قطاع أوسع من خلال الاتحادات والغرف والجمعيات التي تمثلهم.
واختتم قائلا: “هل يحتاج ما سبق تغيير الوجوه أيضا؟ ربما .. ولكن ليست هذه هي القضية، ولا الأولوية، بل يلزم تغيير المسار وإطلاق رسالة قوية للناس وللعالم بأنه تغيير حقيقي ومستدام، ثم تأتي بعد ذلك مسألة البحث عمن يكون مؤهلا لتنفيذه.
الناس تنتظر هذه الرسالة الاقتصادية والتعبير عن توجه يناسب التحديات الراهنة .. فلعلها تكون قادمة كي يبدأ عامنا الجديد بداية مشجعة”.
تخفيض الجنيه
في سياق الأزمة الاقتصادية قال الاقتصادي إلهامي الميرغني إن أي تخفيض جديد لسعر صرف الجنيه لن يحل المشكلة الرئيسية وهي ندرة مصادر النقد الأجنبي، مشيرا إلى أن الفجوة قد تقل مؤقتاً بين السعر الرسمي في البنوك وسعر السوق السوداء ولكن طالما ظلت البنوك عاجزة عن بيع العملات الأجنبية عند الطلب اذا سيعاود الدولار الارتفاع وتعود الفجوة لتتسع بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء.
وخلص إلى أن الحل هو البحث عن مصادر حقيقية للنقد الأجنبي زراعةً وصناعةً وصادرات وسياحة وقناة السويس وتحويلات العاملين في الخارج.
واختتم مؤكدا أن التخفيض وبيع الأصول ليس الحل، إنما زيادة الانتاج واصلاح الاختلالات الهيكيلية وتقليل الاقتراض هو الحل.
من جهته يقول الخبير الاقتصادي رمزي الجرم إن صندوق النقد الدولي، الذي يرغب الآن في رفع قيمة القرض الذي سبق الاتفاق عليه؛ رغم استمرار تخفيض التصنيف الائتماني لمصر؛ هو نفسه الذي لم يوافق على صرف الدفعة الثانية من الشريحة الأولى للقرض(347 مليون دولار) وتم تأجيل المراجعة الأولى عدة مرات؛ طبعاً لأنه يَحمل في جُعبته المزيد من التدمير المُمنَهج.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم