آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » التوقيت الحكومي “السيئ”!

التوقيت الحكومي “السيئ”!

زياد غصن
كل القرارات الحكومية غير الشعبية تصدر في توقيت “سيئ”… وكأن المطلوب زيادة حالة “الاحتقان” الشعبي لا التخفيف منه… !
لا بل إنه حتى القرارات الجيدة ” تقتل”، إما بطريقة إخراجها أو بتوقيت إصدارها…!
لاحظوا معي توقيت زيادة سعر مادة البنزين… المازوت الصناعي…. والخبز. فجميعها قرارات صدرت في ذروة معاناة المواطنين في الحصول على هذه المواد. معاناة جسدتها الطوابير غير المسبوقة وزمن الانتظار الطويل أمام محطات الوقود والمخابز…
لذلك كان من الطبيعي أن يشكك الرأي العام دوماً بالرواية الحكومية حول أسباب الأزمات المتلاحقة، ويعتبرها مجرد حجة لزيادة أسعار السلع المدعومة أو التهرب من كشف الحقيقة… وهذا يعني ببساطة تراجع الثقة الشعبية بكل جوانب الأداء المؤسساتي إلى مرحلة مخيفة.
في كثير من الأحيان يكون اختيار التوقيت المناسب لإصدار أي قرار أهم من القرار نفسه، فإما أن يكسب القرار دعماً شعبياً، أو على الأقل لا يلقى معارضة كبيرة، وإما أن يقابل بالرفض الكامل، والذي يعبر عنه بطرق مختلفة أهمها السخرية اللاذعة، الاتهامات المختلفة، والتشكيك بحقيقة كل أزمة وخلفية أي قرار حكومي…إلخ.
لهذا هناك ما يسمى بقياس اتجاهات الرأي العام لاختيار التوقيت المناسب لطرح مشروعات معينة، أو إصدار قرارات تمس مصالح الناس ورغباتهم…
نحن لن نطلب من الحكومة أن تجري مسوحاً دورية لمعرفة رأي المواطنين بهذا القرار أو ذاك قبل صدوره، لكن على الأقل أن يكون بند التوقيت على جدول المناقشات المتعلقة بأي مشروع، فالمبررات والضرورات الاقتصادية، مهما كانت موضوعية، لا تكفي وحدها لتغطية أي خطوة…
فمثلاً….
ماذا لو انتظرت الحكومة إلى حين انتهاء أزمة البنزين، لترفع سعر المادة؟ هل كان هناك من سيشكك برواية تعمير مصفاة بانياس؟ وهل كنا سنرى هذه السخرية الشعبية اللاذعة والمعبرة عن غضب شديد؟
وماذا لو أجلت الحكومة قرار زيادة سعر الخبز قليلاً لحين استقرار الأسواق المحلية وتوفر المادة بكميات كافية؟ هل كانت مؤسسات وزارة التجارة الداخلية المعنية ستعلن إفلاسها؟ أم أن توريد الكميات المتعاقد عليها من مادة القمح، كان سيتأثر لو لم تقر تلك الزيادة سريعاً؟
كنا نطالب دوماً بمشاركة المواطنين في صناعة القرارات الحكومية، لاسيما تلك المتعلقة مباشرة بمصالحهم ولقمة عيشهم، فأصبح جلّ همنا اليوم ألا تتخذ تلك القرارات في توقيت سيئ شعبياً واجتماعياً…!!
ختاماً يمكن القول: إن أي قرار حكومي، وإلى جانب أهدافه الاقتصادية الاجتماعية الثقافية، هو  في النهاية عبارة عن رسالة حكومية للمواطنين، وبقدر ما يكون توقيت توجيهها مختاراً بعناية، تحقق هذه الرسالة غايتها ومراميها.. إلا أن ما يحدث هو العكس!
(سيرياهوم نيوز-المشهد20-11-2020)
x

‎قد يُعجبك أيضاً

أيها الإيرانيّون… اصنعوا القنبلة

  نبيه البرجي   ذات يوم قال لي روبرت فيسك “لا أدري لماذا العرب أميركيون الى هذا الحد، ولماذا الايرانيون معادون لأميركا الى هذا الحد”. ...