آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » الفن.. نبوءة ورؤية مستقبلية

الفن.. نبوءة ورؤية مستقبلية

د.رحيم هادي الشمخي  2020/09/7

الفن لا يسير في ذيل الأحداث، ولا يترجم الثورات إلى أعمال فنية ترجمة حرفية، ولكن الفن قائد في المجتمع، يسير في المقدمة، إنه نبوءة ورؤيا مستقبلية بعين الحاضر المعيش.
إن الفن خلق وإبداع، الفن معاناة، إنه محاولة لإعطاء الشعارات والمنجزات أبعاداً جديدة لا يراها غير الفنان الحق الذي يعرف كيف يخاطب عقول الناس –بأسلوب فني- قبل أن يستثير عواطفها، فالمجتمع العربي يمرّ في مرحلة انتقال مهمة وخطيرة في الوقت نفسه، مرحلة تحفل بالصراعات وتزخر بالمتناقضات، فهناك شكل جديد يولد في قلب القديم وفي تناقض معه، لهذا فإن مهمة الفنان العربي ليست بالسهلة والمهمة، بل قضايا الإنسان ومشكلاته تستلزم من الفنان معايشته لها بكل أبعادها، إنه مُطَالَب بأن يعيش في قلب القضايا الإنسانية، وأن يعايش الأطراف التي تجسّد القضية، كما أنه مُطَالَب بأن يعيش التناقضات نفسها التي يعيشها الإنسان، وأن يحس بدرجة من المعاناة التي تتحول في نفسه فقط إلى تجربة، ومن ثم إلى عمل فني ناضج، والفن معايشة حقيقية للإنسان في كل مجال، وفي كل مكان، ومن دون هذه المعايشة يفتقد الفنان مادته الخام، ومن دونها أيضاً لن يمثّل التجربة التي تمكّنه من صياغة عمل فني يخلّده، إن التسطيح والضحالة ومعايشة التجارب من الخارج سوف تصل بالفنان إلى طريق مسدود، ولاسيما عندما تنضب في داخله تجاربه الذاتية التي قد يفرغها في عمل أو اثنين ثم يتوقّف عن الإنتاج إلى الأبد.

إن التجربة البشرية ليس لها حدود، ولن يتمكّن الفنان من مواصلة إبداعه إذا لم يتمثّل الواقع حتى يصبح جزءاً من حياته، جزءاً من تجربته الذاتية، فالتجارب الفنية التي تأتي بالمصادفة لا تتكرر كثيراً، ولكن عندما تصبح المصادفة هي القاعدة وليست الاستثناء فإن معايشة الإنسان والتعرف عليه من الداخل سوف تشكّل مهمة أساسية من مهام الفن.
وأخيراً، إن التجربة الفنية إذا ما انعزلت عن الإنسان، إذا ما انعزلت عن الواقع، إذا ما فقدت قدرتها على الغوص في أعماق التناقضات، تموت وتفقد قيمتها داخل المكاتب الوثيرة والحجرات المكيفة الهواء.

(سيرياهوم نيوز-تشرين)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عن مسرحية معركة بدر بين أبي سفيان والنبي .. والمسرح الاسرائيلي الايراني

    نارام سرجون   أنا لاأصدق التاريخ وأعتبر أنه مليء بالطلاسم والألغاز والأكاذيب والتزوير .. ويستحق اي كشف تاريخي ان يجري صاحبه مثل ارخميدس ...