آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » باكستان تنتخب اليوم: مشهد محموم لسباق محسوم

باكستان تنتخب اليوم: مشهد محموم لسباق محسوم

خضر خروبي

 

وسط مشهد تزدان فيه شوارع باكستان بصور المرشّحين، والشعارات السياسية لأكثر من مئة حزب، أبرزها “حركة إنصاف”، و”حزب الرابطة الإسلامية – جناح نواز شريف”، وأحزاب أخرى أقلّ حضوراً في مشهد الاستقطاب السائد في البلاد حالياً، كـ”حزب عوامي بلوشستان”، الذي يُعدّ رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي، أنوار الحق كاكر، أحد مؤسّسيه، و”حزب الشعب” برئاسة بيلاوال بوتو زرداري، إضافةً إلى حركات ذات مرجعية دينية كـ”جمعية علماء الإسلام”، لا يبدو واقع “الدمقرطة” في الدولة الآسيوية، بأقاليمها الأربعة، وبتعداد سكاني يقارب الـ240 مليون نسمة، على هذا القدر من الحيوية، وهي تستعدّ لانطلاق الانتخابات التشريعية العامة، على المستويَين الإقليمي والوطني، والتي وصفها مراقبون بأنها “الأقلّ صدقية في تاريخ البلاد”.

ad

 

تردّي الوضعَين الأمني والاقتصادي

في ظلّ أزمة اقتصادية غير مسبوقة ترزح تحتها باكستان منذ عام 2019، عكستها مؤشرات ارتفاع معدّل التضخّم بنسبة قياسية قاربت الـ40% العام الماضي، تعاني البلاد من تردّي الأوضاع الأمنية، مع انتعاش نشاط “الجماعات الجهادية” خلال الأعوام الأخيرة في عدد من المقاطعات، كبلوشستان وخيبر بختونخوا، ولا سيما منذ تولّي “طالبان” سدّة الحكم في أفغانستان المجاورة، وهو ما دفع السلطات إلى الشروع في تدابير أمنية استثنائية في قرابة 90 ألف مركز اقتراع في مختلف المناطق، بوصفها مراكز “ذات حساسية أمنية”، في موازاة نشر 300 ألف جندي لحمايتها.

وعلى رغم أن الوضع الأمني كان من جملة الأسباب التي ساقتها الحكومة السابقة برئاسة شهباز شريف لتبرير تأجيل الانتخابات، يرتاب قطاع واسع من الشارع الباكستاني من إصرار الحكومة على المضيّ في الاستحقاق على رغم استمرار الواقع الأمني على حاله، ودعوة مجلس الشيوخ إلى تأجيل آخر للأسباب نفسها. ويضاف إلى ما تقدَّم، تفاقُم الصعوبات الاقتصادية، ما يفسّر تالياً افتقار الحملات الانتخابية للمرشّحين إلى الحماسة والحضور الجماهيري المألوف في هذا النوع من الفعاليات، فيما يتوجّس مراقبون من إمكانية أن تكون العملية الانتخابية أشبه بـ”ديكور سياسي”، أُعدّت نتائجها سلفاً، مبرّرين ذلك باكتمال حملة التضييق على زعيم “إنصاف” ومناصريه؛ علماً أن تلك الحملة أسفرت عن استقالة عشرات القياديين في الحركة، وسجن الآلاف من محازبيها ومناصريها، وأخيراً صدور حكم قضائي بسجن خان وزوجته في قضية بيع هدايا تعود ملكيتها إلى الدولة، وتسريب وثائق سرية، وهي اعتبارات أفضت إلى اضطرار مرشحي “إنصاف” ممَّن قارب عددهم الـ240، لخوض الانتخابات كمستقلّين، والترويج لبرامجهم السياسية في الخفاء.

وضمن سلسلة هجمات طاولت مؤسّسات حكومية خلال الأشهر الماضية، منها مراكز للجيش والشرطة، وأعقبها إغلاق عدد من الجامعات والمدارس، ولا سيما في العاصمة إسلام أباد، وبلغ عددها نحو 664 هجوماً خلال عام 2023، توسّع نطاق تلك الهجمات لتطاول مرشّحين في الانتخابات العامة، قضى منهم اثنان من المحسوبين على “إنصاف”، فيما وصل عددها، خلال شهر كانون الثاني الماضي، إلى 21 هجوماً، تبنّاها تنظيم “داعش – خراسان” وغيره من الجماعات المتطرّفة الباكستانية.

يرى محللون باكستانيون أن نواز شريف بات قاب قوسين من العودة إلى السلطة

 

مبارزة خان – شريف في أعين الشباب

في العموم، يتوقّف محلّلون غربيون عند سمة أساسية للمشهد الانتخابي الراهن في باكستان، تتمثّل في تنامي النقمة الشعبية تجاه النخبة السياسية والعسكرية التقليدية، خصوصاً أن نسبة كبيرة من الباكستانيين ترى أن أفراد تلك النخبة انشغلوا بإبعاد خان وأنصاره عن المشهد السياسي، بدلاً من التركيز على معالجة الوضعَين الأمني والاقتصادي. وفي هذا الإطار، تشير صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن شعبية خان تعزّزت بدلاً من إضعافها، موضحةً أن قاعدة شعبية وازنة باتت تنظر إلى الرجل على أنّه “مفترى عليه” من قِبَل القادة العسكريين المتورّطين في مخطّط إطاحته، وتعزيز فرص “الرابطة الإسلامية” بزعامة نواز شريف.

كذلك، تنقل الصحيفة عن مرشّح للحركة لشغل أحد مقاعد البرلمانات الإقليمية في مدينة جيلوم، الواقعة على الحدود بين ولاية البنجاب،والشطر الباكستاني من كشمير، قوله: “إنهم (السياسيون والعسكر) يعملون على سحق الحركة”، مضيفاً: “(إنهم) لا يوفّقون في مسعاهم، لأن الحركة موجودة في قلوب الناس”. وعن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في الوعي السياسي للشباب الباكستاني، الذي يشكّل نصف القاعدة الانتخابية، بخاصة منصة “تيك توك”، غير الخاضعة للرقابة المشدّدة من الحكومة، تستعرض الصحيفة الأميركية ما تصفه بـ”طوفان المحتوى السياسي الذي عكفت حركة إنصاف على نشره عبر تلك المواقع في السنوات القليلة الماضية”، مشيرة إلى نجاح الحركة في الترويج لخطابها السياسي المتمحور حول إدانة مؤسسة الجيش، سواء لدورها في “التأثير على السلطة السياسية”، أو لقيامها بالعديد من “الانقلابات العسكرية” في تاريخ البلاد، واضعةً ما تعرّض له خان في الإطار ذاته.

وتلفت الصحيفة الأميركية إلى أن الشباب الباكستاني في مناطق مختلفة من باكستان، كإقليم البنجاب الذي تميّز تاريخيّاً بتأييد واسع للمؤسسة العسكرية، ما عاد شديد التأثر بالآراء والقناعات السياسية التقليدية التي يحملها كبار السن عن “هالة الجيش”، وقد باتت لهم خياراتهم السياسية الخاصة بهم، مبيّنةً أن الإقليم المستحوذ على حصة تمثيلية تُقدر بـ132 مقعداً من مقاعد البرلمان الـ336، والذي شهد جانباً كبيراً من الأحداث والتظاهرات السياسية الباكستانية الكبرى منذ الاستقلال عام 1947، يشكّل حالة نموذجية عن الارتدادات العكسية لحملة القمع ضدّ خان ومناصريه. وعلى خلفية تحوّل الشعور العام في الإقليم من مؤيّد للجيش إلى مناصر لخان، يقول المحلّل السياسي الباكستاني، زاهد حسين، إن “هذه هي المرّة الأولى التي نشهد فيها تصاعُد موجة الحنق حيال المؤسسة العسكرية في إقليم البنجاب”، شارحاً أن “هذه المؤسسة أصبحت محلّ جدل متزايد بالنسبة إلى عموم الباكستانيين، والمشاعر المناهضة للجيش في أوساطهم باتت عميقة، ومتجذّرة للغاية”.

في السياق نفسه، يرى محللون باكستانيون أن نواز شريف بات قاب قوسين من العودة إلى السلطة، بالنظر إلى تزكيته من قِبل قادة الجيش، معتبرين أنّ المؤسسة العسكرية التي سمحت للأخير بالعودة من منفاه في بريطانيا، ترى أن هذه العودة تمثّل “نوعاً من أنواع الخلاص”، باعتباره “الشخصية الوحيدة القادرة على مواجهة الجاذبية الشعبية للسيد خان”، علماً أن السيرة السياسية للرجل على مدى ولايات ثلاث قضاها في رئاسة الحكومة ليست ناصعة البياض بالنسبة إلى عامة الشعب والعسكريين، وقد أطيح به مرتين إثر خلافات مع الجيش، في حين جرت تنحيته أخيراً عام 2017 على خلفية اتهامه بالفساد.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

استخباراتي أمريكي: شعبية بوتين أعلى من شعبية ماكرون وبايدن وترودو وشولتس مجتمعين

أكد المحلل السابق لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لاري جونسون أن آمال الغرب بأن تجبر العقوبات المجتمع الدولي على النّأي عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ...