آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » حدود القوة الإسرائيلية وحدود الصمود الفلسطيني ودروس المواجهة العسكرية

حدود القوة الإسرائيلية وحدود الصمود الفلسطيني ودروس المواجهة العسكرية

السفير د. عبدالله الأشعل

لكل دولة قوة عسكرية أو حدود قصوى لاستخدام هذه القوة وقد درج المعلقون خلال حرب فيتنام على البحث في حدود القوة العسكرية الأمريكية، فقد استخدمت واشنطن السلاح النووي ضد اليابان لاخضاعها ولكي تفحم موسكو في صراع الحرب الباردة ولكن موسكو سرعان ما لحقت بها وبدأ سباق التسلح المحموم بين القطبين.

وبالطبع كانت الصين تمد فيتنام بملايين المتطوعين كما أمدتها موسكو بالسلاح وأضيف صمود الفيتناميين إلى المدد البشري والعسكري فشعرت واشنطن أنها تنزف بلا طائل فظهر كيسنجر ليخلصها من ورطة فيتنام واعتبر اتفاق باريس 1973 بعد 5 سنوات من المفاوضات السرية نصرا مؤزرا.

في حالة فلسطين لو تدفق المتطوعون ورفع الحصار عن غزة وتدفق السلاح المتقدم خاصة ضد الطيران على المقاتلين لزالت إسرائيل حتى لو وقف العالم كله ظهيرا لها.

ولكن الموقف مختلف تماما فقد ضمنت إسرائيل المحيط العربي وشوهت بالشباب المسلم صورة الإسلام والمسلمين وفجرت فتنة الشيعة والسنة، وخطة إسرائيل الآن هي القضاء تماما على المقاومة في غزة وتفجير الشعب الفلسطيني المحاصر وتوجيهه ضد المقاومة ثم أن لإيران كوابح في إمداد المقاومة بالسلاح وما لم يتدخل حزب الله وإيران فإن إسرائيل ستنجح في مخططاتها.

وتدرك إسرائيل جيدا أن غزة هي العائق في سبيل اقتحام الأقصى وهدمه وان استخدام القوة المفرطة وهي آفة عربيا وإسلاميا ودوليا تقضي على صمود المرابطين وأن سوء الأحوال الاقتصادية والقهر الاجتماعي الصهيوني بالإضافة إلى أعباء الوباء مناخ مثالي لتنفيذ المخطط.

فليس هناك قيود سياسية دولية أو أخلاقية لدى إسرائيل لاستخدام كل صور الإبادة الحاقدة ضد الفلسطينيين كما أن الصمود مرتبط بدرجة معينة من الخسائر والفجور في التنكيل بالضحية وسط الصمت العربي الذي يصفق للفائز أو المنتصر بعد أن فضل الحكام العرب كراسيهم على أوطانهم والأقصى وكل المقدسات.

فهذه بيئة مثالية لكي يذبح الجزار ضحيته في هدوء ويقوم بسلخها والتصرف في لحومها.

ورغم الدراما السوداء في هذا المشهد المتصور فإن حافز إسرائيل هو القضاء على المقاومة أولا حتى تستولي على كل فلسطين وتهدم الأقصى برمزيته عند بعض المسلمين بتشجيع من الحكام لأن أعداء الحكام من التيارات التي تقدس الأقصى نظريا ثم تنضم إلى المنظمات الإرهابية هي التي كانت تتظاهر في الماضي ضد العدوان على الأقصى.

فهذه العناصر الإسلامية تكلت بها نظم الحكم فى صراع على السلطة وتكفل الجهل بالدين والسياسة بكل شيء واستخدمتهم واشنطن وإسرائيل في عملية انتحارية ضد الإسلام والمسلمين طوال 4 عقود.

أما نظريات هيكل في أن إسرائيل لا تستطيع أن تحتل اوطانا عربية أو تدخل في حرب طويلة بسبب قلة العدد فقد سقطت منذ العام 1967 حين هزم جيشها الجيوش العربية المصرية والأردنية والسورية والعراقية في لحظة واحدة وكان عدد اليهود محدودا في الكيان وكان المحيط العربي لا يزال حاضنا دينيا لفلسطين وكان الحكام العرب يخجلون من كشف روابطهم المشبوهة، أما الآن فقد تغير كل شيء.

ومع ذلك فقد أحدثت المواجهة بين الشعب الاعزل بإرادة صلبة وبين أبرهة الصهيوني آثارا هامة على المدى الطويل والاستراتيجي:

أولا: عناصر المشهد كلها مختلفة تماما عن السوابق ففي المعسكر الإسرائيلي شرحنا عناصر للقوة فيه معززا بخطة للقضاء على المقاومة بعد تحييد الجيوش العربية فهي عند إسرائيل معركة نهائية وهي تعلم أن استخدام القوة ليس عليها قيود وأن إرادة المقاومة مرهونة بالسلاح وباستقرار الأوضاع في غزة.

ثانيا: ظهر أمام العالم كله أن الشعب الفلسطيني يدافع عن العرق الفلسطيني وأنه قطعة واحدة مهما ظهرت علامات الانقسام السياسي. فلم تجرؤ القيادة على التخلف عن الشعب وهذا قد ظهر جليا.

ثالثا: ظهر جليا أمام المغتصب أن صاحب الحق مصر على حقه مهما تقادم الزمن وبعد أن ظن المغتصب أنه قهر الضحية وقتل الأمل في استمرارها في أرضها ولكنه فوجئ أن الضحية تصر على كل فلسطين بما فيها الجزء الذي منح لإسرائيل بقرار التقسيم الوهمي فانتفض الشعب الفلسطيني كله ورأى المغتصب بنفسه ذلك وقارن بين نفسية اللص الذي يحسب كل صيحة عليه دين صاحب الحق الذي يموت دونه.

رابعا: أدرك العدو والعالم العربي والإسلامي من حوله أن تواضع إمكانات المقاومة واستعداد إسرائيل منذ سنوات لإضعاف الشعب وسحق المقاومة، لم يمنع المقاومة وعموم الشعب الفلسطيني من الدفاع عن بقائه ولم يخش جبروت الغاصب الذي يدافع عن مسروقاته وبقائه في فلسطين فهي معركة حاسمة ونهائية.

خامسا: أدركت إسرائيل أن استمالة الحكام العرب وقهرهم لشعوبهم لم يمنع شعب الجبارين من تحدي كل ذلك، بل إن إسرائيل التي سيطرت على الحكام لا تضمن هبة الشعوب انطلاقا من فلسطين في مواجهة أعتى ثورات اقتلاع الحكام بعد أن أدركت الشعوب تقاعس الحكام حقيقة العلاقة بين إسرائيل والحاكم العربي وتواطؤ الحاكم مع إسرائيل ضد وطنه وأمته ومقدساته بصرف النظر عن البيانات الهزيلة ضد إسرائيل التي أصدرتها بعض الدول العربية ولذلك أدركت الشعوب أن معركتها الأولى مع الحكام وليس مع إسرائيل.

سادسا: أن رهان إسرائيل قد سقط، فقد راهنت على جهل العرب وضياع  ذاكراتهم ولم تدرك أن هذه خصائص أصدقائها الحكام الذين أبعدوا خلاصة الكفاءة والوطنية عن الصفوف الأولى.

فقال ديان في مذكراته “يقصد الحكام “العرب لا يقرأون وإن قرأوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يعملون”. وقال قائلهم أيضا أن القضية ضاعت بفرض الأمر الواقع بالقوة لأن كبارهم يموتون وصغارهم يجهلون ومنحلون بفعل التعاون بين الموساد والحكام العرب على إفساد الشباب وقتلهم باليأس والمخدرات والشعارات والإجراءات وانحطاط قيم المجتمع

هذا هو مكمن الخطورة أن معركة الصمود ضد أبرهة الصهيوني فتكون نهاية اسطورة إسرائيل وصبيانها الذين عاثوا فى المنطقة فسادا وتعيد الأمل في هذه الأمة لإحيائها بعد أن فشلت المحاولات السابقة.

سابعا: أن زيف إسرائيل وجيشها وأنهم عصابة تقوم بكل صور الإبادة للشعب الفلسطيني وليس لها دين أو قيم قد انكشف فهذا هو نموذج الدولة اليهودية المزعومة أو بمعنى أصح دولة اليهود التي تتآمر على العالم والتي توقعت هاآرتس أن إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة.

ثامنا: تشكل معسكر إنساني على مستوى العالم معجب بصمود صاحب الحق الأعزل وخسارة المقاومة رغم الجراح وفداحة ظلم وغطرسة القوة الغاشمة يتضامن مع الشعب الفلسطيني على امتداد المؤسسات والدول والعالم في أمريكا في الشارع والكونجرس في كل الدول.

تاسعا: انكشفت حيل المطبعين  واتضح نوعية السلام الذي تشدقوا به مع إسرائيل وانكشف كذب تبريراتهم وارتدوا خائبين منبوذين ولذلك يجب أن يعودوا إلى الحق والدين والعروبة ويهجرون إسرائيل والباطل الذي تمثله.

عاشرا: أن صمود الفلسطينيين معول هدم للكيان الغاصب فقد بعثر منه سكانه المغامرون حيث انكشفت اللعبة وسقطت مزاعم نتنياهو في القوة المفرطة إنها لعنة الأقصى تنزل بإسرائيل التي تلفظ أنفاسها الأخيرة ويفر منها لصوصها إلى الدول التي أتوا منها وتسقط ترسانة الأكاذيب والمزاعم التي رافقت أسطورة استمرت زهاء سبعة عقود.

ولعل تقدير هاآرتس حول زوال إسرائيل يؤكد أنهم جميعا خططوا لزوال فلسطين وهدم الأقصى فقد رد الله أبرهة الصهيوني هذه المرة بانتفاضة كل فلسطين وقريبا انتفاضة الشعوب التي تطهر المنطقة من دنس صبيان المشروع الصهيوني الذين مكنوه ونصروه فيتحقق وعد الله في سورة الإسراء.

سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وهن العزيمة أم وهم العزيمة؟!!…

  باسل الخطيب   من قال أن هذه آخر الحروب؟…. هذه لم تكن سوى جولة وحسب..   هذا لم يعد اسمه تحت خط الفقر…. هذا ...