آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » حزن ثقافي مع إغلاق واحدة من أهم المكتبات الدمشقيّة … إحالة المكتبات العريقة إلى التقاعد لتحل محلها المقاهي كارثة وطنية

حزن ثقافي مع إغلاق واحدة من أهم المكتبات الدمشقيّة … إحالة المكتبات العريقة إلى التقاعد لتحل محلها المقاهي كارثة وطنية

سوسن صيداوي

الأربعاء, 22-09-2021

تحديات كبيرة يواجهها الكتاب الورقي، ومع كل فترة تظهر موجة جديدة، تقلّص انتشاره أو اقتناءه من القراء. فما بين الحروب والأزمات الاقتصادية، تقف دور النشر عاجزة عن نشر الكتب وتوزيعها، وحتى اختيار السعر المناسب لشرائها. ولكن اليوم ومع انتشار الجائحة والتحالف العالمي لاحتوائها، هذا الأمر أثر على الكتب الورقة، إذ انتشرت بشكل أكبر القراءة الإلكترونية، ونتيجة الأمر أفضت إلى إغلاق أهم المكتبات. وفي موضوعنا اليوم نحاول لفت النظر إلى الخطورة، وخصوصاً بأن مجموعة من المثقفين عبرت عن استيائها لتواتر إغلاق أهم المكتبات بدمشق(مكتبة نوبل)، التي وجودها لا يعتبر تجارياً، بل كل واحدة منها تشكل حالة ثقافية ووطنية بطريقة أو بأخرى.

دمشق بلا مكتبات

تحت هذا العنوان نشر أولاً الروائي خليل صويلح على صفحته الفيسبوكية الخاصة، تعليقا على إغلاق مكتبة (نوبل)، قائلاً: «بعد أن أغلقت مكتبة ميسلون أبوابها لتتحول إلى مركز صرافة «زمزم»، ثم مكتبة اليقظة (متجر أحذية)، ثم مكتبة الزهراء. ما مصير مكتبة نوبل بعد إغلاقها اليوم… دمشق بلا مكتبات».

هذا الكلام يأخذنا باتجاه نفق مظلم، طالما سوق الكتب يعاني ركوداً كبيراً يؤثر بطبيعته في دور النشر التي أصبحت تشكل بمعظمها كيانات صغيرة وضعيفة. كما يعبر عن الحزن العميق الذي يعيشه صويلح وخصوصاً وهو من مجموعة المثقفين، الذين جمعتهم المكتبة هم والقراء بذكريات مختزنة، إذ يشعرون بالمرارة بمجرد فكرة طمسها بإغلاق المكتبة.

مكتبات تستسلم وأخرى ترفع الراية البيضاء

تحت هذا العنوان كتب الصحفي صبري عيسى على صفحته الخاصة على موقع الفيسبوك، مشيراً إلى الصداقة التي جمعته بأصحاب مكتبة (نوبل) منذ تأسيسها في السبعينيات، معيداً نشر مقال كان قد نشره سابقا، متحدثاً خلاله عن ظاهرة إغلاق المكتبات الدمشقية القديمة، مشيراً إلى الإغراءات الكبيرة التي تعرض لها أصحابها، «لتغيير طبيعة عملها لتلحق الموجة الاستهلاكية التي تسود منطقة السوق التجاري». وخصوصاً بسبب الموقع المهم للمكتبة وسط السوق التجاري قبالة فندق الشام.

مضيفاً «المكتبة لم ترفع راية الاستسلام، في الوقت الذي أُغلقت فيه كل المكتبات في المنطقة، وآخرها (دار اليقظة العربية) التي كانت من أهم دور النشر في المنطقة العربية، وتعيش في ذاكرة جيلنا عناوين متميزة أصدرتها الدار خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وما زلت أذكر أنني اقتنيت رائعة مكسيم غوركي (الأم) من إصدار الدار، وعشرات غيرها من العناوين المهمة التي شكلت تواصلاً ثقافياً بين مختلف الأجيال السورية وثقافات العالم، ونتذكر وباعتزاز كبير ترجمات الأديب الكبير الدكتور سامي الدروبي الذي كان له الفضل في ترجمة كثير من روائع الأدب العالمي، المكتبة رفعت الراية البيضاء بعد ما أصيبت بالموت السريري منذ توقفت عن النشر قبل نحو عقدين من الزمن، وتم تحويل نشاطها لأعمال أخرى قبل نحو شهرين، وقبلها بسنوات رفعت (مكتبة ميسلون) راية الهزيمة أمام غزو العولمة، وثقافة الاستهلاك الجديدة».

موضحاً القيمة الفكرية والثقافية التي تتمتع بها هذه المكتبات، منها سلسلة المكتبات التي أسسها حسين النوري وتوزعت على عدة مواقع ما بين محطة الحجاز ومنطقة فكتوريا، إذ ما زالت صامدة، وتقوم بدورها في تأمين الكتاب للسوريين، والدور الكبير الذي لعبته هذه السلسلة في نشر عشرات العناوين لكبار الكتّاب منهم نزار قباني وحنا مينة. إلى جانبها ما زالت (دار الفكر) التي كانت من أكثر دور النشر السورية نشاطاً في مجال النشر، حيث تراجع نشاطها في الفترة الأخيرة بسبب حالة الركود التي تسيطر على سوق الكتاب.

كارثة وطنية

من جانبة عبّر على الفيسبوك الكاتب والسيناريست تاليد الخطيب، عن استيائه من تواتر إغلاق المكتبات بدمشق، معتبراً إغلاق مكتبة (نوبل) كارثة وطنية حقيقية إلى جانب التحديات التي تعكر صفو العيش السوري، مع شح الوقود والكهرباء والسكر والغاز والنقود والكرامة، متابعاً: تفقد دمشق مكتباتها الواحدة تلو الأخرى، اليقظة.. ميسلون.. الزهراء.. واليوم نوبل.. لدينا صالة سينما يتيمة ما زالت تقدم مستوى لائقاً من الأفلام بسعر تذكرة خارج استطاعة معظم السوريين.. المسرح يكافح للبقاء.. الغناء يحاول تقليد أصوات الحرب، فيصبح صراخاً ولعلعة رصاص.. تموت الثقافة والفن والأدب في دمشق، لكن المطاعم تحيا وتتكاثر». مناشداً في ختام حديثه الشخصيات النبيلة المقتدرة، السورية عموماً والدمشقية خصوصاً «أناشدهم أن يبذلوا ما يستطيعون من جهد ومال للحفاظ على ما بقي من الوجه الثقافي لدمشق، قبل أن نستفيق ذات يوم لنجد مدينتا وقد تحولت فعلاً إلى مجرد معلف كبير، تثغو أغنامه تغنياً بما كان لهذا المعلف من تاريخ ذات يوم».

(سيرياهوم نيوز-الوطن)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عن مسرحية معركة بدر بين أبي سفيان والنبي .. والمسرح الاسرائيلي الايراني

    نارام سرجون   أنا لاأصدق التاريخ وأعتبر أنه مليء بالطلاسم والألغاز والأكاذيب والتزوير .. ويستحق اي كشف تاريخي ان يجري صاحبه مثل ارخميدس ...