آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » حماس وسورية : للدولة اعتباراتها لكن الشعب لا ينسى..! 

حماس وسورية : للدولة اعتباراتها لكن الشعب لا ينسى..! 

| د. مهدي دخل الله

قبل ثلاثة أعوام شاركت في اجتماع للأحزاب العربية انعقد في دمشق . أثناء الاجتماع تحدث أحد المشاركين اللبنانيين إيجابياً عن حركة حماس. قاطعته بقوة وحماسة قائلا ً: إن من كان في صف الإرهابيين ضد جيش فلسطين الأول، الجيش العربي السوري ، وضد جيش التحرير الفلسطيني ، وفصائل المقاومة الفلسطينية في سورية ، لا يمكن سماع مدحه هنا في دمشق. احتج المتحدث وقال أن هناك مساعٍ للمصالحة بين سورية وحماس . أجبته أن الدولة لها اعتباراتها وهي اعتبارات مشروعة وموضع تقدير .. لكن الشعب لا ينسى..

مؤخراً ، شاهدنا حضوراً لحماس في دمشق ضمن مجموعة من القادة الفلسطينيين . ثم كانت هناك تصريحات لممثل الحركة لم تسهم كثيراً في التئام الجرح الدامي الذي أحدثته حماس في وعينا الوطني العروبي هنا في سورية:

أولاً : لم نسمع أي اعتذار واضح وصريح حول ما حدث ..

ثانياً : أسلوب التعبير كان يوهم وكأن المصالحة جرت بين طرفين متساويين في الخطيئة..

ثالثاً : سمعنا تبريراً بدل أن نسمع إدانة . فقد اكتفى ممثل حماس بالقول : ” نحن نطوي أي فعل فردي لم تقره قيادة حماس “.

بصراحة لا يعرف الرأي العام السوري تفاصيل محددة عن دور حماس في دعم الإرهابيين في سورية . لكن الجميع يعرف ” نشاط حماس ” في مخيم اليرموك ، وخاصة ” أكناف المقدس ” ، وغيرها . وإذا كان من وقف ضد سورية مجرد أشخاص دون معرفة قيادة الحركة ، حسناً ، فليحاسبوهم أمام أعين الشعب السوري ، وليعلنوا براءة الحركة منهم . وإن كانت القيادة لا تعرف أسماءهم ، فهنالك مصادر موثوقة تعطيهم الأسماء..

وبعيداً عن هذه ” القلةّ ” ، هل نذَُكِّّر قيادة حماس بسلوك زعيمهم السابق الذي احتضنه الدمشقيون مضحين بأمنهم وأمن أولادهم وهو يسكن بينهم في المزّة ؟ هل نرسل لهذه القيادة صوره رافعاً علم الفتنة في سورية مفتخراً به ؟ ثم هل نذكرها بخليفته ، الزعيم الحالي ، وهو يحرض المجتمعين في الأزهر على ” الجهاد ” في سورية ، أيام حكم مرسي والإخوان ؟ هل هؤلاء مجرد أفراد لا علاقة للقيادة بهم ؟؟..

أذكر أن السيد حسن نصر الله أعلن ، في إحدى خطبه قبل سنوات ، أن السلاح الذي حرر غزة سلاحٌ سوري ، بل إن الطعام والغذاء لأهلنا في غزة كان من سورية يوم منعت السعودية أموال الزكاة عن القطاع البطل . ولا شك في أن هناك حقيقة من أهم حقائق المنطقة ، وهي أن من يعادي سورية يعادي فلسطين حكماً ودون جدال ، وأنه لولا التزام سورية المطلق بفلسطين لما وُجد من يعادي سورية في العالم كله ..

ربما كان التطور الأخير في العلاقة بين سورية وحماس محكوماً بعدد من العوامل . منها أن التطور جاء في إطار دعم سورية للمصالحات داخل الصف الفلسطيني ، ومنها مراعاة متطلبات وتوجهات بعض حلفائنا الرامية إلى توحيد الصفوف وإزالة الهنات ، ولكن الأهم هو:

أولاً : أن ما حصل هو نتيجة مباشرة لعملية الانتصارات السورية المتواصلة وليس ” لحكمة ” هبطت على قيادة حماس من السماء..

ثانياً : أن تصرف سورية كدولة مفهوم ، فالرئيس الأسد من أكثر القادة نبلاً وحكمة ، وهو خبير متمرس في الحسابات الاستراتيجية ومعاييرها القابلة للقياس . وسورية خلف قيادته تعارض ” الانتقامية ” كنظرية سياسية يستخدمها كثير من القادة .

وسورية أكبر من حماس وغيرها ، وهي تعلم تماماً كيف تتعامل مع أمرين أحلاهما مر ، فتختار الأقل مرارة ، أي الأحلى رغم مرارته . وهي كذلك تعلم كيف تربح عندما تخسر بحيث يكون الربح أكبر من الخسارة..

ثالثاً : لا شك في أن هذا مفهوم ومقبول .. لكن الشعب لا ينسى أبداً جحود الإخوان ” ومشتقاتهم ” وقلة وفائهم..

(سيرياهوم نيوز-3-11-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اميركا تملأ الفراغ بـ… الفراغ

  نبيه البرجي   الى أي مدى يمكن الأخذ بالقول الروسي “ما حدث بين جو بايدن وبنيامين نتنياهو، دليل على أن أميركا تُحتضر في الشرق ...