الرئيسية » ثقافة وفن » هل مشاركة «الظهر إلى الجدار» تطبيع ثقافي ؟! … مراد شاهين : غير مقبول أن يصنف تحت بند التطبيع.. والتصنيف لغاية في نفس من كتبه

هل مشاركة «الظهر إلى الجدار» تطبيع ثقافي ؟! … مراد شاهين : غير مقبول أن يصنف تحت بند التطبيع.. والتصنيف لغاية في نفس من كتبه

| إسماعيل مروة

«ربما هي المرة الأولى التي يتنافس فيها فيلم سوري من إنتاج المؤسسة العامة للسينما (جهة رسمية) في مهرجان دولي مع فيلم إسرائيلي فرنسي يحمل عنوان «أبو عمر»، الفيلم الروائي الطويل الذي يحمل عنوان (الظهر إلى الجدار) للمخرج السوري أوس محمد كان قد افتتح أول عروضه خارج البلاد في المسابقة الرسمية لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف في دورته الـ26 في شباط الماضي من دون أن يحصل على أي جائزة، فيما حصد «أبو عمر» وقتها جائزة أفضل أداء ذكوري لبطله تال بارتوف.

طبعاً مرّ خبر مشاركة الفيلم السوري إلى جانب فيلم من أفلام العدو بصمت وبلا تعليق يذكر حتى ليلة افتتاح عرضه الخاص حالياً في صالة سينما كندي دمر في دمشق، وبحضور رسمي تصدرته وزيرة الثقافة السورية لبانة مشوح، ومدير المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين.

وكان نوّه سابقاً إياد ديفيد الدبلوماسي الإسرائيلي في مكتب الاتصال بالرباط بهذا الحدث الاستثنائي. وقال معلقاً على المشاركة الإسرائيلية إلى جانب أفلام من مصر وسورية وفلسطين: لأول مرة يشارك فيلم سينمائي إسرائيلي في مهرجان يقام في المغرب، وفاز بجائزة متميزة، فهنيئاً للمنتجين الإسرائيليين هذا الفيلم».

بهذه المقدمة القصيرة يقدم السينمائي والسيناريست سامر إسماعيل حديثه عن فيلم (الظهر إلى الجدار) بعد عرضه الأول، وذلك في مقالة جاءت طويلة ودخلت في تفصيلات الفيلم والسيناريو والترهل، وسينما المؤلف. والأستاذ سامر السيناريست والمخرج الذي قدّم عدداً من الأعمال الخاصة أو عن روايات أخرى، وقدم مسرحية تأليفاً وإخراجاً، وجميعها من إنتاج وزارة الثقافة آخرها أنجز قبل أيام بإخراج غسان شميط عن رواية فيصل خرتش.. بخبرته وتواصله مع المؤسسة التي تبنت أعماله الإبداعية يمكن أن نقف عند نقده الفني بكل تقدير واحترام.. وقد اختار الأستاذ سامر عنواناً مثيراً عن قضية المشاركة والتطبيع، وجاءت هذه المقدمة، وانتهى المقال دون عودة للمسألة.. ولأننا لا نعرف المزيد عن الملابسات في المؤسسة والوزارة والمهرجان، فإننا نعرض هذا الأمر كما قدّمه الأستاذ الناقد دون تدخل.

وللمؤسسة بيان

حرصاً من «الوطن» على تكامل الرؤية فإنها تواصلت مع الأستاذ مراد شاهين مدير عام المؤسسة العامة للسينما، والذي لم يلق بالاً للموضوع برمته، لكنه كتب ردّه التالي:

«نحن بداية من غير المعقول والمقبول أن نتدخل في اختيارات المهرجانات، ونحن نشارك في تظاهرات فنية ثقافية لا يتم فيها لقاءات مباشرة مع أي فيلم مشارك في أقسام أخرى أو في القسم ذاته في المهرجان إذا نحن نعرض فيلمنا وندعو الأشخاص الذين نريدهم إلى عرضنا ولا يوجد لدينا أي احتكاك مباشر مع أي جنسية أخرى، فبالتالي الموضوع يندرج تحت هذا الباب، ونحن اعتدنا تاريخياً أن نشارك في مهرجانات كبيرة مثل فالنسيا ومونبلييه ومهرجان القارات الثلاث ولوكارنو ومهرجان هامبورغ ومهرجان موسكو وكانوا موجوين هناك هذا من جهة ومن جهة أخرى غيابنا في مثل هذه الحالات سيؤدي إلى غياب صوتنا معرفياً وثقافياً وهذا مرفوض واليوم نحن نبحث عن حضور قوي لنا في التظاهرات الثقافية ذات القيمة خارج سورية، لكي نستطيع إيصال صوت السوريين الموجودين في سورية وانعكاس هذا الصوت فنياً في الأفلام، فالأفلام هي مرآة المجتمع بشكلٍّ من الأشكال فمن غير المقبول أن يصنف هذا الموضوع تحت بند التطبيع، وأعتقد أن تصنيفاً كهذا هو لغايةٍ في نفس من كتبه، أما نحن نعمل منذ أكثر من ٤٠ عاماً في المؤسسة بنفس السياسة والتي هي أن نكون حاضرين طالما أننا لن نقتسم وإياهم المكان ذاته أو نضطر إلى مواجهة مباشرة معهم ولكم في أنواع الرياضات الفردية أسوة حسنة التي لا تستدعي نزالاً مباشراً أو مواجهة مباشرة، فمثلاً في السباحة وفي رياضات أخرى حصلت مشاركات كثيرة في الأولمبياد كان هذا الموضوع موجود فيها. أعيد وأكرر هذا الكلام كتب لغايةٍ في نفس من كتبه».

النقد والرأي العام

قد يكون ما قاله الناقد عن الفيلم والمشاركة فيه وجه حق، ولكن هل كان سيقوله لو شارك أحد أفلامه، وهو ملك المؤسسة، وهي حرّة في المشاركة، إن كانت تعرف التفاصيل من مشاركة العدو؟ النقد بتمامه عدا المقدمة والعنوان هو نقد فكري وفني وتقني للفيلم، وسواء وافقنا أم لا هو من حقه، وأظن أننا جميعاً عرضة للوقوع في مثل هذا الحادث، ولا يجوز أن نضع هذه الإطارات التي تستفز الرأي العام وتصنف الناس والمسؤولين وغير ذلك.. وأذكر هنا مثالين معروفين:

1- ما حدث مع د. عبد السلام العجيلي في مؤتمر ثقافي في اليونان 1982، وحين وجد عدداً من الإسرائيليين التزم الابتعاد، ولم تنفع معه وساطات الوفد الفلسطيني لسماع المعارضين الإسرائيليين، ولفق الإسرائيليون تعليقاً على صورة له مع الوفد التونسي على أنه الإسرائيلي، والصورة موجودة، واستدعي من السفارة السورية يومها وكان السفير علي المدني، وعندما عاد تشاور مع الدكتورة نجاح العطار وزيرة الثقافة، وقدّم كتابه عن هذا المؤتمر، وصاروا يناقشونه لاجتماعه بوزيرة الثقافة اليونانية يومها، لأن زوجها يهودي!! فهل يطلب من المثقف أن يحصل على قيد نفوس لمن يقابلهم؟ وكانت كلها مكيدة من عرب ويونان للإشارة إلى العجيلي كمثقف يقابل الإسرائيليين، وهذا لم يحدث، وكاد الإعلام يسبب مشكلات كبرى تسيء لتاريخه وسمعته.

2- ما حدث لأدونيس من ادعاء بالتطبيع، وما تلاه من إجراءات أساءت للثقافة العربية والسورية أيما إساءة، وإلى اليوم هناك من يرددها للنيل من أدونيس وثقافته.

ختاماً

من المؤكد أن المثقفين يقفون موقفاً حاسماً من التطبيع، ولكن بشرط أن نتحدث عن خطوات إرادية ملكها متخذ القرار، وبإمكان أي واحد أن يعرض مسلسلاً في قناة يملكها، ويملك أسهماً منها شخص خفي من الإسرائيليين، أو يشارك فيلم في مهرجان، أو يوجد عدد في تظاهرة خاصة بعد ما حدث في المنطقة العربية من أزمات وحروب، فهل يضمن الكاتب المخرج سامر إسماعيل ألا يكون قد حضر عروض مسرحيته في عمّان عدد من هؤلاء؟ وإن حضروا فهل ذهب ليعرض بغاية التطبيع؟!

الأمور بحاجة إلى مناقشة أكثر علمية، وأكثر احتراماً لعقل القارئ، ولننظر حولنا جيداً، ولننظر داخلنا، وإذا اختلفنا مع واحد، فلا يدفعنا الأمر إلى الدفع لإنهائه تحت ذرائع غير حقيقية، ولكن عندما تكون حقيقية وموثقة سننهض معاً.. في كل مرة نحب مسؤولاً ونحلف بحياته ولكن ما إن تثار حوله قضية، ولو مصطنعة حتى نبدأ بنهشه واتهامه!! أتذكرون حوادث كلنا يذكرها..

قد لا أتفق مع إنتاج المؤسسة وأنا كذلك، خاصة ما يسمى بسينما المؤلف التي صارت ظاهرة هشة، وقد لا أتفق مع حصر الإخراج فيها بمخرجين محددين موظفين، وقد لا أتفق مع التوجهات الفكرية لأفلامها.. ولكن إثارة الموضوع ليست بالتخوين جزافاً.

سيرياهوم نيوز3 – الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المثقف الذي نحتاج اليه للمجتمع والدولة

  بقلم:الباحث والكاتب أيمن أحمد شعبان * قبل أن نتحدث عن هذا المثقفِ الذي يمثلنا، لا بد لنا من أن نتحدث، ولو قليلاً، عن مفهوم ...