على هامش الإجازة المديدة للدولة ومؤسستيْها التنفيذية والتشريعية، اخترق رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل فرصة الأعياد بحراك متعدّد الاتجاهات شمل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. ورغمَ الاستحواذ الكبير لجولة باسيل على المشهد السياسي وما نتجَ منها، أكدت مصادر مطلعة أن اللقاءات التي عقدها وتمَ ترتيبها برعاية رجل الأعمال الأردني – اللبناني علاء الخواجة في منزله ببيروت، أتت في إطار «شبكة العلاقات العامة التي يعيد باسيل ترتيبها بعدما وجدَ نفسه خلال السنوات الست الماضية بلا حلفاء أو أصدقاء، باستثناء حزب الله الذي وصلَ التباين معه حول الانتخابات الرئاسية إلى مكان حساس وخطير»، مشيرة إلى أن «الرسالة التي يحاول باسيل إيصالها هي قدرته على اللعب ضمن مساحته الخاصة وإعادة وصل ما انقطع درزياً وسنياً وحتى مسيحياً»، علماً أن «اللقاءات لها بصمة في الشكل أكثر من المضمون».
وبينما يحتاج فرز الخيوط الإيجابية والسلبية لهذا الحراك وقتاً طويلاً، فإن المعلومات الأولية بشأن اللقاءات تقاطعت حول أنها «لم تحمِل أجواء مشتركة ولم تفضِ إلى أي حلحلة ولا حتّى وضع حجر أساس للاستحقاق الرئاسي يُمكن الاستناد إليه». وهو ما أكد عليه فرنجية في الإحاطة التي قدمها إلى حزب الله، وأكد فرنجية أنه «لم يتناول الملف الرئاسي لا من قريب ولا من بعيد وأن باسيل لم يعط أي إشارة تشي بتراجعه عن الموقف السلبي من فرنجية، بل كانَ اللقاء أقرب إلى جلسة دردشة حول أمور سياسية وشخصية بشكل عام، كما لم يبادر المُضيف إلى مفاتحة ضيفه بأي فكرة تتعلق بالشغور والترشيحات».
أما بالنسبة إلى اجتماع باسيل – ميقاتي فقد لفتت مصادر الأخير إلى أن «الجلسة لم تكُن في عطلة الأعياد بل قبل عشرة أيام وقد تناول التوتر الذي حصل على خلفية عقد جلسة حكومية»، حيث أكد على مبدئه الرافض لعقد أي جلسة في ظل الفراغ الحكومي»، مكرراً «طرح اعتماد المراسيم الجوالة لتسيير أمور الناس».
جعجع رفض الاجتماع بباسيل واستقبال موفدين عنه والاجتماع المسيحي الموسع في بكركي
أما بالنسبة للاجتماع مع جنبلاط، الذي عقد في منزل جوي الضاهر، صهر جنبلاط ونجل مدير المؤسسة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر، فقالت مصادر جنبلاط إن «الجلسة أرادها باسيل فرصة لطرح فكرته حول ترشيح شخصية توافقية، لديها برنامج اقتصادي – مالي»، مكرراً الأسباب التي تدفعه إلى عدم السير في ترشيح فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون، حيث أكد أن «الموقف منهما – أي فرنجية وعون – واحد وأنه أبلغ موقفه هذا إلى القطريين والفرنسيين كما إلى حزب الله».
وتعليقاً على هذه اللقاءات، اعتبرت مصادر مطلعة أنها «أتت لتعزز الاقتناع بأن العلاقة بين باسيل وحزب الله تمر بأسوأ مرحلة على الإطلاق، خاصة أن باسيل لم يبادر إلى نقاشها مع الحزب ولا سيما الجلسة مع فرنجية»، مستغربة كيف «يرضى باسيل بلقاء فرنجية بوساطة من أحد رجال الأعمال، ولو في الشكل، بعدَ أن تعمّد سابقاً إخراج خلافه مع الحزب بشأن ترشيح فرنجية إلى الإعلام في محاولة لإحراج حزب الله والتأكيد على إقفال أي باب للحوار مع فرنجية».
من جهة أخرى، قالت مصادر في التيار الوطني الحر إن «لقاءات باسيل تأتي في إطار تسويق مبادرته، وستتبعها لقاءات جديدة مع القوى السياسية بمن فيها حزب الله والرئيس نبيه بري وقد تتوسع لتطاول شخصيات ومراجع سنية». وأشارت إلى أن باسيل كان قد أطلق برنامجاً للاجتماع بجميع القوى السياسية البارزة في البلاد بما في ذلك القوات اللبنانية، لكن رئيسها سمير جعجع رفض الاجتماع بباسيل كما رفض استقبال موفدين عنه، ورفض لاحقاً فكرة الاجتماع المسيحي الموسع عند البطريرك بشارة الراعي.
من جهة أخرى، أشارت المصادر إلى أن المبادرة التي قام بها الخواجة ليست الأولى له، إذ إنه كان قد قاد وساطة ناجحة في العام 2016 بين الرئيس ميشال عون والنائب باسيل وبين الرئيس سعد الحريري وآخرين. وتربط الخواجة علاقة قوية مع جهات خارجية مؤثرة في الملف اللبناني من الأردن ومصر والسعودية إلى فرنسا وبريطانيا وأميركا. وهو سبق أن باشر أعمالاً استثمارية في قطاعي المصارف والطاقة، واشترى حصة كبيرة في مصرف البحر المتوسط، كما اشترى شركات لإنتاج الطاقة من الرياح في عكار، وشارك في إدارة معمل دير عمار بعد التفاوض مع الشركة اليونانية التي كانت تتولى الملف.
هل يرفع القضاة اعتكافهم؟
يتردد في أروقة القضاة أن الجمعية العمومية التي دعا مجلس القضاء الأعلى إلى عقدها اليوم ستناقش رفع سعر صرف رواتب القضاة. وكشفت مصادر قضائية أنه إذا ما جرى الاتفاق بين القضاة، سيُصار إلى رفع الاعتكاف نهائياً.