- رشيد الحداد
- الجمعة 6 تشرين الثاني 2020
مستلهمةً تجربة الفصائل المسلّحة في شرق سوريا، تُصعّد ميليشيات «الإصلاح»، بحماية وتغطية من حكومة عبد ربه منصور هادي، عمليات تهريب النفط غير الشرعية من محافظة مأرب، مدفوعةً بعوامل عدّة، من بينها تسكير السعودية حنفية دعمها لتلك الميليشيات
وأكدت معلومات استخباراتية، حصلت عليها «الأخبار»، استيراد محافظ مأرب التابع لـ«الإصلاح»، سلطان العرادة، وتاجر مقرّب منه يُدعى عبد الله عيشان، مصفاة صغيرة الحجم لتكرير النفط أخيراً. ووفق المعلومات، فإن المصفاة التي تمّ استيرادها من الصين بتواطؤ من مسؤولين في وزارة النفط التابعة لحكومة هادي، دُشّن العمل بها منذ أكثر من شهر، وهي تنتج يومياً 70 ألف ليتر من مادّتَي البترول والديزل (السولار)، ويتمّ بيع تلك الكميات في السوق السوداء، تحت إشراف شخصيات موالية للعرادة، وتُستخدَم إيراداتها لتمويل ميليشيات «الإصلاح» في مأرب وأبين وحضرموت .
وليست المصفاة الجديدة التي تُنتج بنزيناً أحمر اللون، الوحيدة، بل هناك عدد من الأحواض في مناطق خارج منطقة صافر النفطية، يتمّ فيها تكرير النفط بشكل بدائي منذ عام. وبحسب مصادر مطّلعة، فإن قيادات عسكرية وأخرى مدنية موالية لـ«الإصلاح» وللتحالف السعودي – الإماراتي ضالعة في تهريب النفط واستغلاله لحسابها الخاص في محافظة مأرب، بالإضافة إلى نقل قرابة خمسة آلاف برميل يومياً عبر صهاريج من قِبَل شركة تابعة لمقرّبين من نائب الرئيس هادي، الجنرال علي محسن الأحمر، من منطقة صافر إلى منطقة شرق عياذ الصحراوية الواقعة بين محافظتَي مأرب وشبوة، ليتمّ تصديرها عبر أنبوب حديث أنشئ قبل عامين بطول 210 كلم لنقل النفط من القطاعات النفطية الواقعة في محافظتَي مأرب وشبوة إلى ميناء النشيمة، الذي خُصّص لتهريب النفط الخام إلى الأسواق الخارجية. وطبقاً لمصادر نفطية، فإن الميناء الواقع في شواطئ مديرية رضوم في شبوة، والواقعة على البحر العربي شرق اليمن، يستقبل شهرياً أكثر من مليون برميل من النفط الخام من حقول النفط في شبوة ومأرب، وتباع تلك الكميات بطريقة غير رسمية، ويتمّ تقاسم عائداتها بين قيادات عسكرية ومدنية مقرّبة من هادي و«الإصلاح».
استورد محافظ مأرب أخيراً مصفاة صغيرة الحجم من الصين بتواطؤ من حكومة هادي
ومطلع الشهر الماضي، اعترفت قيادة «المنطقة العسكرية السابعة» الموالية لهادي، رسمياً، بتصاعد تهريب النفط من مناطق واقعة بين محافظتَي مأرب والجوف، وتلقت توجيهات من قيادة تحالف العدوان بوقف تهريب الوقود إلى مناطق تابعة لحكومة صنعاء، وذلك في إطار تشديد «التحالف» الحصار على صنعاء، بالتزامن مع احتجازه أكثر من 15 سفينة مُحمّلة بالمشتقات النفطية قبالة ميناء جيزان منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وتَعمّده منع دخول أيّ سفينة وقود إلى ميناء الحديدة. جرّاء هذا، استغلّت ميليشيات «الإصلاح» أزمة المشتقات النفطية التي تعانيها المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ، لتهريب كمّيات كبيرة من الوقود من مأرب إلى صنعاء عبر الجوف، وبيعها بأسعار تفوق أسعارها الطبيعية، من أجل الحصول على تمويل ذاتي منفصل عن «التحالف»، بعدما أوقفت الرياض الدعم المالي لميليشيات «الإصلاح» في مأرب على خلفية قضايا فساد، واستبدلت به دعم قبائل موالية لها وشراء ولاءات قبائل أخرى في مأرب للقتال في صفوفها. يضاف إلى ما تقدّم أن «الإصلاح» يستخدم تهريب المشتقات النفطية وبيعها في مناطق سيطرة صنعاء التي تستهلك اكثر من 5 ملايين ليتر يومياً من مادة البنزين و5 ملايين ليتر من مادة الديزل، لغرض سحب السيولة من العملة النقدية القديمة المعتمدة من المصرف المركزي في صنعاء للتداول منذ مطلع العام الجاري، في عملية خطيرة تستهدف ما تبقّى من استقرار اقتصادي في البلاد.
وكشف تقرير حديث صادر عن «المركز الإعلامي للمحافظات الجنوبية»، مطلع الأسبوع الجاري، عن عملية تهريب مماثلة تتمّ عبر ميناء بئر علي في شواطئ شبوة من قِبَل تجار وقيادات تابعة لـ«الإصلاح»، وبحماية أمنية من ميليشيات الحزب في شبوة. وأكد المركز، في تقريره، أن ميناء بئر علي الذي يسيطر عليه «الإصلاح» تَحوّل إلى ممرّ آمن لتهريب المشتقّات النفطية، وهو يستقبل أسبوعياً من سفينة إلى سفينتَي بترول وديزل تابعتين لرجال أعمال مرتبطين بالحزب.
وأشار التقرير إلى أن السفن النفطية التي تصل تباعاً بأوامر من قيادات عسكرية في حكومة هادي وتباع في السوق السوداء لا تخضع لأيّ إجراءات فنية للتأكد من سلامة تلك الشحنات ومدى مطابقتها للمواصفات، لافتاً إلى ارتفاع وتيرة تهريب شحنات النفط عبر «بئر علي» في الفترة الأخيرة بشكل لافت، ليتجاوز صافي عائدات الشحنات الشهرية ما بين 10 و20 مليون دولار.
وكانت وثيقة صادرة عن «البنك الأهلي الكويتي»، في حزيران/ يونيو 2019، كشفت امتلاك أحد أقارب محافظ مأرب 3,5 ملايين دولار في أحد حساباته في المصرف. وبحسب الوثيقة، فإن العميد عوض بن حسين العرادة، مدير الأمن السياسي في شركة صافر يمتلك في حسابه البنكي مليوناً و85 ألفاً و273 ديناراً كويتياً، ما يعادل أكثر من 3 ملايين وخمسمائة ألف دولار أميركي. وعلى رغم أن مهام العرادة أمنية، إلا أنه اتجه لشراء قطاعات نفطية في صافر شرق مأرب من شركات أجنبية بملايين الدولارات لحسابه الخاص، وليس باسم حكومة هادي.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)