طلال سلمان
حول الرئيس الأميركي المنتهية ولايته بعد شهرين دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة إلى “سيرك” يمتزج فيه الجد بالتهريج بحيث – كادت – الديمقراطية تفقد صورتها الرزينة وتعبيرها عن موقف الرأي العام بإتجاهاته المختلفة.
أثبت المضارب في البورصة أنه أضعف من أن يتحمل الخسارة، ومستعد -إن سمحت له الظروف- أن يهدم الهيكل الديمقراطي للإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية على رؤوس مواطنيه، لا فرق بين من أعطاه صوته أو صَوت لمنافسه جو بايدن.
وكان لا بد أن يستعيد المواطن العربي، في المشرق كما في المغرب، آخر “انجازات” ترامب عربياً، عبر “استضافة” وزيري الخارجية في كل من دولتي الإمارات والبحرين، لكي يشهد على لقائهما مع رئيس حكومة العدو الإسرائيلي نتنياهو، في البيت الأبيض، ثم جلوس الجميع إلى طاولة التوقيع والتطبيع مع العدو، بمباركة ترامب وتحت رعايته.
ولعل الوزيرين العربيين قد اكتشفا أن البيت الأبيض أقل فخامة بما لا يقاس من القصور التي ابتناها سيداهما في البحرين ودولة الإمارات..
بالمقابل، فمن المؤكد أن الرئيس الأميركي إنتبه إلى أن الرعايا العرب يفرحون بتحويل الواحة في صحراء قاحلة إلى “دولة” لمجرد أن أرضها قد تفجرت بنفط غزير، سيعجز أهل الأرض عن حمايته واستثماره وتصديره إلى من يطلبه في أربع جهات الدنيا.
*****
كيف ولماذا يمكن، في ظروف طبيعية، أن تقوم “دولة” عند كل بئر نفط ويكون لها “جيش” (من المرتزقة طبعاً)، وأن تستطيع هذه “الدولة” أن ترسل فرقة من هذا “الجيش” لتحتل بعض اليمن (جنوبها تحديداً) مع جزيرة سوقطره وتتحكم بمسارات الملاحة في الخليج كما في بحر العرب؟
هل يمكن الإعتماد على جيش من المرتزقة في حماية البلاد، حتى لو كانت صحراء، فكيف والنفط يتدفق من أرضها في مواقع محددة، ويذهب إلى من تعب في التنقيب والإستكشاف ثم في حفر الآبار لكي يتدفق الذهب الأسود والشيخ جالس على اريكته، يدس عوائد النفط من الدولارات تحت ” الدوشك” الذي يجلس عليه، فاذا فاض الخير جاء “بدوشك” آخر ووضعه فوق الاول ثم.. استوى على العرش ؟!
*****
ثم أنه لا بد من مواجهة المزيد من الأسئلة، ومنها: هل سلّم القادة العرب، لا سيما من يقودون دولاً لها شعوبها التي تعد بالملايين، بقيام هذه الدولة التي لا تسكنها إلا قبائل محدودة ومعدودة، وجاءتها الثروات الهائلة من حيث لا تحتسب فبطرت ومشت في الأرض تتمختر وتتباهى بثروتها التي لم تتعب في البحث عنها واكتشاف المنابع.. حتى إذا اكتشف المنقبون التابعون لشركات أجنبية النفط وتدفق الخير وفيراً غزيراً فاغتنى من يملك البلاد والعباد وصار أميراً يحسب له حساب، يعقد المعاهدات ويعادي ويصالح على هواه!
*****
.. الآن وقد ذهب الرئيس الأميركي دونالد ترامب “إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم”، كما قال الشاعر الجاهلي ذات يوم، ماذا يمكن أن يقول المسؤولون في هاتين الدولتين للشعب في البحرين وفي الإمارات العربية المتحدة؟
مؤسف القول أن هؤلاء الحكام يفترضون أنهم قد اقتنصوا فاغتنموا اللحظة المناسبة: مصر المكبلة بمعاهدات كمب ديفيد مشغولة بهمومها الثقيلة، وسوريا هي الأخرى مثقلة بمشكلاتها الداخلية، وأخطرها الفقر، و”السلطان” أردوغان يحتل الشمال السوري حتى ضواحي حلب، ويتمركز في منبج التي نفى إليها أميرها سيف الدولة الحمداني، ذات يوم، إبن عمه الشاعر أبو فراس الحمداني واستذكر أيام عزه قائلاً وقد سمع حمامة تحمحم: ” أقول وقد ناحت بقربى حمامة، أيا جارتاه لو تعلمي بحالي!..”
*****
فأما الدول العربية التي شعوبها فيها، ولهذه الشعوب رأيها وكلمتها في السياسة التي يعتمدها النظام، فإنها لم ولن تعترف بدولة العدو الصهيوني ولن تقيم معها العلاقات الدبلوماسية أو التجارية.
…وما زال شعب فلسطين في الأرض المحتلة يقدم، كل يوم الشهداء والجرحى، طلباً للحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة..
ولسان حال هؤلاء المجاهدين، اليوم، يقول: الله إنصرني على أخواني أما أعدائي فأنا كفيل بهم!
سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 16/11/2020