عندما نقول السادس من تشرين، يمر شريط الذكريات أمام من عاصر تلك الحرب من أبطال الجيش العربي السوري، ولايزالون يتغنون بذاك الانتصار الذي غيّر سيناريو العدو الإسرائيلي الذي كان يزعم أنه لا يقهر.
رئيس رابطة المحاربين القدماء في اللاذقية اللواء الطيار المتقاعد رضا أحمد شريقي كان واحداً من أبطال القوى الجوية الذين خاضوا الحرب، يروي لـ«تشرين»: كنت طياراً في عام ١٩٧٣ في لواء النسور المكلف بتوجيه الضربة الأولى للعدو الإسرائيلي، حيث كان قرار خوض حرب تشرين قراراً استراتيجياً لا يأخذ زمامه إلا الرجال الذين عزموا على تحرير الأرض وما كان قرار الحرب إلا نتيجة لما سبق ظروف الحرب من انكسارات للأمة العربية عام «١٩٤٨ـ١٩٥٦ـ١٩٦٧».
وأضاف شريقي: تحضيرات حرب تشرين لم تكن أقل أهمية مما قُدم في الحرب، وأتذكر كطيار ما قدمنامن مسائل تدريبية تحاكي ظروف المعركة، فكان سلاح الطيران يحلق بالقدر الممكن لتحضير الطيارين للحرب، حيث كان العدو الإسرائيلي يتبجّح بوجود سلاح الجو الذي يملكه، وكانت المفاجأة الأساسية للعدو في حرب تشرين هي خطة الحرب، حيث كانت المفاجأة الإعلامية عندما أعلن التلفزيون السوري قيام القائد المؤسس حافظ الأسد بزيارة إلى الشمال وفي الوقت ذاته كنا نحضر للمعركة، وهذا حقق مفاجأة استراتيجية بالنسبة للعدو، حيث إن العدو بكل إمكانياته الاستخباراتية مع تعاون الولايات المتحدة الأمريكية لم يكشف وقت الحرب إلا قبل ساعات قليلة منها، حيث وجه سلاح الجو الضربة الأولى وكانت باتجاه صفد، وهو المقر الشمالي لقيادة القوات الإسرائيلية واستطعنا التشويش على اتصالات العدو الإسرائيلي.
اللواء المتقاعد شريقي: سورية اليوم تحتاج من الجميع أن يكونوا أبناء تشرين
وتابع: كان أول شهيد طيار هو النقيب دياب الحريري من محافظة درعا الذي ارتقى في الطلعة الأولى، وبعدها استمرت المعارك الجوية ووجهنا ضربات قوية في أماكن تجمعات العدو الإسرائيلي، وفي بداية الحرب عندما كنا نعبر الحدود كنا نرى «السبطانات» التي تتجه شرقاً تحترق وهذا يعني أن قواتنا المسلحة كانت موفقة في توجيه الضربات، وكنا نحلق بشكل منخفض وسريع فوق الصواريخ والرادارات المعادية، وكانت الأيام الأولى انتصاراً بكل ما تعنيه الكلمة ووصلت قواتنا إلى مشارف طبريا، وكنا نشاهد بالعين المجردة في المطارات الجنوبية كيف تسقط وتتهاوى الطائرات المعادية وكانوا يخاطبون طياريهم بأسمائهم للتشويش علينا.
وأكد شريقي أن حرب تشرين ستبقى عزة العرب حتى لو حاول البعض التأثير أو توجيه البوصلة المعادية باتجاه آخر، فالسادس من تشرين كان بداية نهضة العرب الحديثة، وإن أسقطنا ما حدث في تشرين على الواقع الذي نعيشه اليوم، فما يحصل اليوم هو استمرار لحرب تشرين، التي تحمل الكثير من الإيجابيات على الصعيد العربي والقومي والوطني، وهي الحرب العربية الأولى التي يخوضها العرب بقرار عربي من القائد المؤسس حافظ الأسد بالتعاون مع الإخوة المصريين.
وختم شريقي: اليوم سورية في وضع تحتاج فيه من الجميع أن يكونوا أبناء تشرين، فالشباب التشريني حتى الآن متمسكون بوطنهم وقيادتهم وشعبهم وبالعز الذي حصلوا عليه في حرب تشرين، وعندما تكون لدينا قناعة وعقيدة متينة بالنفس يكون الاستشهاد في سبيلها سهلاً.
العميد المتقاعد كحيلة: رد اعتبار وعزة لكل عربي
رد اعتبار للشعب
بدوره، روى العميد الطيار المتقاعد نبيل محمد كحيلة من مرتبات القوى الجوية والدفاع الجوي سابقاًبعضاً من ذكرياته في حرب تشرين: كنت طياراً متدرباً في مطار دير الزور، وكنا نتدرب على طائرة «ميغ ١٧» التي كان لها دور كبير في الحرب، فقد كانت مقاتلة وقاذفة في الوقت نفسه، وكان التدريب مكثفاً ولا يقل أهمية عن المشاركة في المعركة، وقدم أبطال الدفاع الجوي أعظم البطولات واستشهد الكثيرون منهم أثناء الضرب المعادي من الجولان باتجاه دمشق.
وأضاف: كانت حرب تشرين رد اعتبار بالنسبة للعرب، وخاصة سورية ومصر، حيث إن المرحلة ما بين عام «١٩٦٧ حتى ١٩٧٣» والتي خسرنا فيها أراضي عربية وخاصة سورية، فكانت حرب تشرين رد اعتبار لشعبنا ورداً على العدو والجيش الإسرائيلي الذي كان يزعم أنه لايقهر وكانت الحرب العربية الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وتابع: أذكر أن الشعب كان متحمساً كما الجيش، وكانت الجبهة الداخلية متماسكة ومتلاحمة مع الجيش بأعلى صورها.
الرائد المتقاعد عجورية: فيها سقطت أسطورة التفوق الإسرائيلي المزعوم
تضامن أعطى دفعاً إيجابياً
وفي حديثه عن معاني ودلالات حرب السادس من تشرين أشار الرائد المتقاعد بسام عجورية إلى أنهاتفوّق لجميع العرب، وفيها سقطت أسطورة التفوق الإسرائيلي المزعوم، وألغت التفوق الذي كان سائداً للجيش الإسرائيلي بفضل بسالة أبطال قواتنا الباسلة، حيث كنا نسمع عن كثافة هجوم الدبابات السورية في الجولان وبسالة الجيشين السوري والمصري, كما كنا نسمع عن تساقط الطيران الإسرائيلي تحت ضربات قواتنا الباسلة، والتضامن العربي الذي ظهر في الحرب، حيث قطعت دول الخليج النفط عن عدد من الدول الحليفة لـ«إسرائيل»، كما إن الدول العربية التي لم تشارك في الحرب أرسلت أيضاً وحدات عسكرية لمساندة الجبهتين السورية والمصرية، وهذا التضامن أعطى دفعاً إيجابياً في انتصار القوات العربية على العدو الإسرائيلي، وأعطى الثقة بالنفس واندفاعاً للأمام للدول التي شاركت في الحرب، وخاصة سورية، حيث أعطتها قوة اقتصادية واكتفاءً ذاتياً واعتماداً على الذات، وهذا كان ثروة لسورية جعلها صامدة حتى الآن.
اضرب.. وقل: فداك سورية
كما أوجز العقيد المتقاعد سمير أحمد حسون من القوى البحرية لنا بعضاً من أيام حرب تشرين: لايمكن أن ننسى بسالة الجيشين السوري والمصري، حيث استطاع نسورنا ورجال قواتنا الخاصة أن يحطموا أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وتم دكّ مواقع العدو على الخط الأمامي ووصلت قواتنا إلى شواطئ طبريا، ولكن نتيجة الظروف التي حدثت في المنطقة غيرنا تكتيك قواتنا ولكن لم ننسحب، كما تم تلغيم الخنادق لحماية دمشق لعرقلة تقدم قوات العدو.
وتابع: كما أذكر ما حدث مع الشهيد الشاب علي يحيى من أبناء طرطوس، كان وقتها قائد زورق «طورييد» يحوي صاروخين، وفي أثناء جولته الاستطلاعية لحماية الشواطئ صادف ثلاثة زوارق إسرائيلية تتقدم إليه فتكلم إلى قائد القوى البحرية وأعلمه بما يجري، فجاء رد قائد القوى البحرية: اضرب وقل حماك الله يا سورية، فداك يا سورية.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين