محمد خواجوئي
طهران | طرحت تصريحات المرشد الأعلى الإيراني، علي الخامنئي، تعقيباً على الهجوم الإسرائيلي الذي نُفّذ فجر السبت على إيران، نقاشاً في الأوساط السياسية والإعلامية الإيرانية حول فحواها، وخصوصاً لجهة أفضل السبل للردّ في ظلّ الظروف الراهنة. وأكد الخامنئي، أول من أمس، أنه لا ينبغي «تضخيم» الهجوم الإسرائيلي على بلاده، ولا «التهوين والتقليل من شأنه»، مشدداً على «ضرورة إرباك الحسابات الخاطئة للكيان الصهيوني حيال إيران». وقال: «إنهم يسيئون التقدير في شأن إيران؛ لأنهم لا يعرفون إيران وشبابها وشعبها، ولم يستطيعوا بعد فهم قوّة الشعب الإيراني وقدراته وابتكاره وإرادته بشكل صحيح، إذ يتوجّب علينا إفهامهم ذلك». وفوّض المرشد الأعلى، المسؤولين الإيرانيين مسؤولية اتّخاذ القرار في شأن كيفية الردّ على الهجوم الإسرائيلي، من دون أن يشير إليه بشكل مباشر، قائلاً: «يتعيّن على مسؤولينا أن يحدّدوا كيفية العمل بشكل صحيح والقيام بما يخدم البلاد والشعب.
وتعليقاً على تلك التصريحات، قال المختصّ في الشأن الدفاعي والأمني، مهدي بختياري، في حوار مع صحيفة «فرهيختكان» الأصولية، إن «السبيل لإيقاف إسرائيل عند حدّها، هو الردّ عليها. لكن كيف يجب أن يأتي الردّ، فهذا يتطلب بطبيعة الحال، تقدير قدراتنا وإمكانية تنفيذ الخطط المختلفة، ومن ثم اتخاذ القرار في شأن ذلك. لكن مبدئياً، لا يجب التردّد إزاء الردّ. إن الكرة الآن في الملعب الإيراني. وكانت إيران قد اعتمدت، قبل هذا، الصبر الاستراتيجي، لكنها باتت الآن مضطرّة للرد عليهم، وقد ارتبك المسار السابق». وأضاف أن «الردّ على إسرائيل يجب أن يُنفّذ من أجل أن نمسك نحن بزمام الطرف الثاني. ومن أجل تفادي اندلاع حرب، لا بدّ من الردّ عليهم دائماً. وعندما نتحدّث عن قوة الردع، فذلك يعني أنك يجب أن تمتلك القوّة لكي لا يجرؤ الطرف الآخر على بدء الحرب معك. “.
من جهته، تطرّق الكاتب حسن بهشتي بور، في صحيفة «إيران» الحكومية، إلى «ضرورة بناء التحالفات في مواجهة مغامرات تل أبيب»، لافتاً إلى أنه «في أعقاب العدوان العسكري الإسرائيلي، فإن المواجهة التي تبديها إيران تكتسي أهمية على مستويَين: الأول، يتبدّى في التوجّه العسكري المتبادل، والذي يوضع بلا ريب، على جدول الأعمال في ظلّ تقييم دقيق وشامل وبأدنى سوء تقدير؛ والثاني، والذي تتمّ متابعته على المستوى الديبلوماسي، سيتركّز على الجهود لبناء إجماع إقليمي ودولي، تعويلاً على الأبعاد الديبلوماسية والحقوقية. والنتيجة الملموسة لهكذا توجّه، ستكون مبنية على المبدأ المهمّ المتمثل في أن تضع الحرب في غزة ولبنان أوزارها، والمساعدة على إقرار وقف إطلاق النار تأسيساً على مطالب تيار المقاومة، الأمر الذي يمكن أن يفضي إلى زعزعة الحالة السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو”.
«الردّ على إسرائيل يجب أن يُنفّذ من أجل أن نمسك نحن بزمام الطرف الثاني»
بدوره، أشار الديبلوماسي السابق، عبد الرضا فرجي، في صحيفة «اعتماد»، إلى أهمية وقف إطلاق النار في غزة ولبنان بالنسبة إلى إيران، مبيّناً أن الأخيرة «تأخذ على الأرجح اعتبارات في الحسبان في إطار درس ردّها على الهجمات المحدودة الأخيرة للكيان الإسرائيلي، من بينها وضع نهاية للمذابح الرهيبة التي ترتكبها إسرائيل في غزة. لذلك، فإن أولوية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الظرف الحالي، تتمثّل في إرساء وقف إطلاق النار بشكل مؤثّر». وأضاف فرجي: «إجمالاً، يستبعد في هذه الظروف أن تقوم إيران، وعلى خلفية عدم رغبتها في اشتداد التصعيد، بالردّ بشكل لافت، وخصوصاً أن الهجمات كانت محدودة مقارنة بالحرب النفسية التي مارسها هذا الكيان على مدى الأسابيع الأخيرة… الهجوم كان أضعف بكثير من عملية الوعد الصادق -2 الإيرانية. وعليه، يمكن القول إجمالاً إن إمكانية عودة الاستقرار إلى المنطقة قد تعزّزت. لكن ذلك لا يعني نهاية جميع التوترات. ومع ذلك، فإن المنتظر هو مزيد من الاستقرار، مقارنة بالأشهر والأسابيع الأخيرة”.
وفي السياق نفسه، تطرّق الأكاديمي والناشط السياسي الإصلاحي، غلام علي رجائي، في حوار مع صحيفة «هم ميهن»، إلى أهمية «الديبلوماسية» لخفض التصعيد، قائلاً إن «استمرار هذا التراشق المكوكي، لا يخدمنا ولا يخدم المنطقة. لقد انتُهِكت السيادة الإيرانية عدة مرّات إلى الآن، ويتعيّن علينا الحفاظ على تفوّقنا في المنطقة. بوسعنا التصدّي لإسرائيل بطرق أخرى، وألّا ندخل في تهديد عسكري. قامت أميركا، قبل أيام، بنشر سرب من الطائرات في المنطقة ومنظومة ثاد المضادة للصواريخ في إسرائيل، كما انتشرت قواتها هناك لنفس الغرض. في الحقيقة، إننا في مواجهة مع أميركا بشكل ما. هل نملك في الوقت الراهن، القدرة على مواجهة أميركا من الناحية العسكرية والتسليحية؟ يجب التصدّي لأميركا بأساليب أخرى. لا ننسى أن القوّة الديبلوماسية تُظهر نفسها في هذه الفرص». وأضاف: «يتوجّب علينا إيجاد الردع من خلال تعزيز قدراتنا. لننظر إلى قضية الاختراقات في الداخل، وكأنّنا لا نأخذ هذه القضية على محمل الجدّ. إن الضربات التي تلقّيناها بسبب الاختراقات الاستخبارية والمندسّين، أكبر من الضربات التي لحقت بعدة مواقع صاروخية ودفاعية لنا. لقد خسرنا أشخاصاً لا نستطيع إيجاد بديل لهم بهذه السهولة. يجب أن نولي أهمية لهذه المسألة”.