آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » نتائج المحادثات الصينية الأميركية

نتائج المحادثات الصينية الأميركية

كتب محمد خير الوادي :

لم تكن اول محادثات جرت بين العملاقين الامريكي والصيني خلال اليومين الماضيين  سهلة ابدا. فقد كانت الاجواء ملبدة وباردة ، الى حد ان رئيس الوفد الصيني اعترف بقوله ” ان قلوبنا كانت ترتجف من صقيع الاسكا و سوء الاستقبال وبرودة اللقاء مع الامريكيين ” . وبالفعل ، فقد سادت نبرة التحدي  والمواجهة الاجتماع الاول بين الجانبين .فقد استمع الجانب الصيني من الامريكيين  الى كلمات غير مالوفة وقاسية ، عن معسكرات الابادة الجماعية  ضد قومية الويغورالمسلمة ،وعن التضييق على حرية الاديان  ، وعن سلوك بكين المعادي للديمقراطية في هونغ كونغ، وعن التهديدات الصينية بحق تايوان ،وعن طموحات الصين العسكرية ضد جيرانها في بحر الصين الجنوبي والشرقي، وعن الفائض التجاري الصيني ، وسرقة الاختراعات والتجسس والقرصنة الالكترونية ، واخفاء الحقائق في جائحة كورونا .

بدورهم ،هاجم الصينيون العنصرية واضطهاد السود في امريكا ،  وتدخل واشنطن في شؤون الصين الداخلية ، والحشود العسكرية الامريكية الخطرة في منطقة جنوب شرقي آسيا ، والعقوبات الاقتصادية .

كانت البداية صعبة وخطرة ،اتسمت بعجرفة واضحة – على حد قول رئيس الوفد الصيني – من جانب الامريكيين . ولكن اللهجة الحادة للجانبين ، بدأت بالانخفاض نسبيا  في الاجتماعات اللاحقة ، التي ناقشت المسائل التي يمكن ان يتعاون الجانبان في حلها ، مثل  مكافحة الارهاب وايران  وافغانستان والقضية النووية الكورية  والمناخ وجائحة كورونا .

وكما كان متوقعا ، لم تفض  الاجتماعات الثلاثة التي جرت طيلة يومين  في آلاسكا الى نتائج او اتفاقات محددة. بل كانت فرصة ، لاستكشاف المواقف عن قرب،  وتبادل  معمق ومباشر للآراء والمخاوف . وقد أوجز رئيس الوفد الصيني خلاصة الاجتماعات بكلمات ثلاثة هي : “صريحة ومفيدة وبناءة” .  لا أكثر ولا أقل . ويمكن ان نستدل على الموقف الصيني الحذر من المحادثات  من تغطية الاعلام الصيني الخارجي لها ، والتي كانت موجزة ، واقتصرت على الجانب الرسمي الاخباري .

وبالمقابل ، اسهب الامريكيون في تغطية المحادثات ، وعرضوا  خطاب بلينكن وزير الخارجية في الجلسة الافتتاحية ، والذي اتهم فيه  الصين”بالعدوانية و تهديد النظام العالمي ” . واللافت في الامر ، ان الرئيس بايدن قد هنأ وزيره بلينكن على المواقف المتشددة التي اتخذها  في المحادثات .

والسؤال الذي يطرح نفسه ،   كيف ستنعكس هذه المحادثات على  العلاقات الثنائية الامريكية الصينية ؟

اعتقد ، ان  النتيجة الايجابية الوحيد لهذا القاء الاول، هي ،ان كل طرف صار يفهم بعمق مخاوف ومواقف الطرف الآخر ، والجانبان سيبنيان سياساتهما المستقبلية على هذا الاساس . بكلمات اوضح ، فان الصين ، باتت تدرك جيدا ، ان ادارة بايدن لن تتراجع  في  قضايا الويغور وهونغ كونغ وتايوان ،وكذلك في مسألة تجييش الحلفاء ضد الصين في جنوب شرقي آسيا  والاستمرار في زيادة الوجود العسكري هناك .

كما ان واشنطن اصبحت تعرف ايضا ، ان الصين لن تتراجع عن مواقفها الحازمة في مسألتي هونغ كونغ و بحر الصين الجنوبي ، وتعتبرهما قضايا سيادية ، كما ستستمر بكين في ادانة مواقف واشنطن ازاء الويغور والتيبت وحرية الاديان ، وتنظر الى ذلك على انه تدخل فظ في الشؤون الداخلية . وهذا يعني ،  ان القضايا الخلافية بين البلدين  ستبقى على حالها . وان التعاون المستقبلي – ان تم – سيطال المسائل التجارية ( كما اعرف ، فان بكين مستعدة هنا لتقديم بعض التنازلات ) ، وايضا  يمكن ان يكون هناك عمل مشترك في قضايا البيئة والصحة وبعض المسائل الدولية الاخرى .

لكن وجود خلافات عميقة بين بكين وواشنطن ، لن يمنعهما من البحث عن امكانية التعاون في القضايا الدولية التي تخدم مصالحهما ، والسعي الى توسيع هذا التعاون و تهدئة الامور ، لتجنب حدوث حرب باردة جديدة ،  ستلحق اضرارا جسيمة بكل من العملاقين .

(سيرياهوم نيوز-مركز دراسات اسيا والصين20-3-2021)
x

‎قد يُعجبك أيضاً

ماذا وراء سحب الإدارة الأمريكية مشروع قانون مناهضة التطبيع مع سورية؟.

    أحمد رفعت يوسف   بشكل مفاجئ، وغير متوقع، سحب الرئيس الأميركي جو بايدن، قانون “مناهضة التطبيع مع النظام السوري” من التداول، وجمد إجراءات ...