آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الذئاب المحاربة

الذئاب المحاربة

كتب محمد خير الوادي :

باتت هذه التسمية   نهجا رسميا  للدبلوماسية الصينية في الخارج خلال السنتين الماضيتن . والمصطلح المذكور ، استعير من فيلم صيني يروي قصة  ضابط صيني شجاع لا يهاب الصعاب ،على غرار “رامبو” الامريكي ، انقذ مواطنين صينين  من خطر الموت والارهاب في افريقيا.

العنوان العام لهذا النهج السياسي الصيني الجديد ، هو ممارسة  دبلوماسية اقتحامية في كل العالم ، والرد الفوري الحازم على كل نقد يوجه الاجانب للصين  ، والتخلي عن سياسة ” الظل والمهادنة “التي رسمها الزعيم الصيني دينغ شياو بينغ .

ولا بد من القول ، ان اسلوب  “لذئاب المحارب “، هو انعكاس طبيعي للسياسة الحازمة التي ينتهجها الزعيم الصيني الحالي شي جينغ بينغ ، والقائمة على التجييش القومي الداخلي ، واستخدام الحزم خارجيا ، وعدم التراجع امام امريكا والغرب .

وقد تجلى ذلك في الخطوات  الجريئة التي اقدمت عليها بكين في عسكرة الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي ، واللجوء الى اجراءات غير مسبوقة لمكافحة الانفصاليين والاصوليين الاسلاميين  بين الويغور ، وتطبيق القوانين الصينية في هونغ كونغ ، وفي اللهجة الحازمة ازاء تايوان . وأخر تجلي لسياسة الذئاب المحاربة هذه ،ظهر خلال الاجتماعات الساخنة التي تمت في ألاسكا مع الولايات المتحدة . فقد رد  رئيس الوفد الصين على انتقادات وجهها وزير الخارجية الامريكي ، بهجوم على   امريكا اكثر حدة ،  وقال “ان زمن الاملاءات على الصين والتحدث بعنجهية ضدها قد ولى”.

وقد بالغ بعض السفراء الصينيين في تطبيق هذا النهج احيانا . فقد استخدم السفير الصيني في باريس اقذع الاوصاف في رده على باحث  فرنسي انتقد الصين  ، مثل :” ازعر صغير  ،وضبع مسعور ، وقزم ايديولوجي ” ،وهو امر اثار حفيظة الاوساط السياسة والاعلامية الفرنسية . ولجا السفير الصيني في بريطانيا  الى الاسلوب نفسه في وصف التهالك  الاوربي في التصدي لجائحة كورونا ، كما صبت تصريحات مماثلة للسفير الصيني في واشنطن الزيت على العلاقات الملتهبة اصلا  بين الصين وامريكا، وتكررالامر نفسه في اوستراليا .

وفي السياق  نفسه ، ردت الصين بشكل سريع على العقوبات التي اتخذتها واشنطن والاتحاد الاوربي مؤخرا ضد بكين ، بعقوبات مماثلة . كما اسرع وزير الخارجية الصيني لزيارة طهران ، حيث وقع هناك على اكبر واهم اتفاق للتعاون الاستراتيجي بين الصين وايران مدته 25 سنة . وللتذكير فقط ، فقد  بقي هذا الاتفاق  خلال السنوات الستة الماضية حبيس  الادراج . و الاتفاق المذكور ،عبارة عن خارطة طريق شاملة لتطوير العلاقات الثنائية تجاريا وعسكريا ،وزيادة الاستثمارات الصينية في حقول  النفط الايراني، وبناء مطارات ومرافيء ، اضافة الى التنسيق السياسي بين البدين . وهذا يعني  لطهران كسر طوق العقوبات الامريكية ، وبالنسبة  للصين ، يمثل هذا الاتفاق استمرارا لمنهاج ” الذئاب المحاربة ” الهجومي ضد امريكا ، التي تفرض عقوبات مشددة على ايران ، واقتحاما صينيا غير مسبوق  لمنطقة كانت تاريخيا تدخل في نطاق النفوذ الامريكي .

لقد عززت سياسة ” الذئاب المحاربة ” وجود الصين ونفوذها في الخارج ، ولكن في الوقت نفسه ، خلقت بعض الممارسات المتسرعة وعنف النهج الهجومي اشكالات للدبلوماسية الصينة في اجزاء كثيرة من العالم ، واثارت نقدا من جانب امريكا والهند واوستراليا واليابان ،وهلعا في اوربا من تزايد النفوذ الصيني هناك . وهي امور لا بد وان تنعكس مزيدا من التدهور على علاقات الصين مع تلك الدول .

ان اسلوب ” الذئاب المحاربة”  هو في واقع الامر ، يعبر عن مدى التطور الكبير الذي حققته الصين خلال السنوات الماضية ، ويجسد  في الوقت نفسه  نهوض المشاعر القومية الصينية ،التي ترفض اساليب الغرب المتعالية وسياساته الاستعمارية . وهذا الجانب بالذات يلقى الاستحسان والترحاب من جانب الدول والشعوب كلها ،  والتي ذاقت الامرين من الاستعمار الغربي والسياسة العدوانية الامريكية . ولكن في  الوقت نفسه ، لا بد من الاشارة ،الى ان اسلوب بكين الاقتحامي هذا ،  سيدفع اعداء الصين الى مزيد من الوحدة ونسيان الخصومات بينهم  والتكتل والتحالف ضد الصين. ومثل هذا التطور ،سيضاعف بالتأكيد، المشقات التي يمكن ان تواجهها بكين في تصديها للتنمر الغربي .

(سيرياهوم نيوز-مركز دراسات الصين واسيا31-3-2021)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بعد ان استنفذ نتنياهو فرصه وقدرات إسرائيل وحلفها الانجلو ساكسوني…ماذا بقي في جعبته وهل باتت حرب غزة على نهاياتها؟

  ميخائيل عوض   قريبا تنهي حرب غزة شهرها السابع كأطول واوسع واعنف جولات حرب الصراع العربي الصهيوني واكثرها تدميرا وابادة.. استنفذت فيها اسرائيل كل ...