ربا هلال في رثاء زوجها: أدركت بعد حين من العمر الطويل أنّ العشق يبدأ بعد الموت

محسن سلامة

الرثاء في الأدب العربيّ اخترق إطار الذات الفرديّة ليغدوا نزعة إنسانيّة وجدانيّة تعبير عن خلجات النفس نبض قلوب ملتاعة تتقطّع له الأكباد تتصدّع له الأفئدة القاسية

تغدو المرأة أشدّ قوّة في انفعالاتها من الرجل لِمَا رُكِّبَ فيها من الحنان والأمومة ، عميت الخنساء وهي تبكي صخراً في الجاهليّة و صدر الإسلام :

يُذَكِّرُني طلوعُ الشمسِ صخراً
و أذكرهُ لكلّ غروبِ شمسِ

كان صخر يمثّل لها جملة من الرموز في الحياة ، هو السند والعون والمدد والحامي

و أجزم أنّ هذا الحزن العظيم لم يتكرّر إلّا هذا العصر ، الكاتبة ربا هلال لحن الحياة من هذا البلد الجميل طرطوس ، اغتال الموت زوجها ، فاغتال الحياة كلّها اغتال البهجة العشرة الطويلة الحبّ العظيم سنين طويلة ، اغتال رجل الريادة في تجميل الحياة رخاءً وسعادةً و أمناً وحبّاً و وفاء

عام مضى تبكيه كلّ يوم مع كلّ شروق شمس تستحضر مداد حبر دموعها قصائد رقيقه آسرة تفتّتُ الأكبادَ في تفجّع وحسرة وتلهّف وأسف على رحيله المبكّر واستعظام للموت قلّ نظيره ، عام كامل واليوم ذكراه السنويّة لم يهدأ لها قلب لم يجفّ لها حبر ،
غدا البكاء كتاباً في الرثاء حروف منسوجة باللوعة والحرقة والدموع والجراح سطّرها السهر هرب النوم عن الجفون ،
إنّه الزوج والحبيب والنور إنّه الأغلى والأنبل والأجمل والأنقى والأطيب أحمد عبد الكريم عيسى

اخترتُ هذا المقطع من ديوانها ، وهي تسمّيه تواضعاً كتاب خواطر من قلب جريح :

أدركت بعد حين من العمر الطويل
أنّ العشق يبدأ بعد الموت
الموت طريق البداية لكلّ العاشقين
. …
فكلّ عام وأنت أجمل أعيادي
كلّ عامٍ وأنتَ القلب و السمع والبصر
كلّ عامٍ و طيفك عطر الحياة
كلّ عامٍ وأنتَ بخور صباحي و مسائي
كلّ عامٍ وأنتَ الذكرى
تغرّد في شغاف الروح والقلب
أبد الآبدين آمين
خادمتك لحن الحياة حيّاً و ميتاً

ــــــــــــــــ
*الصورة الاولى عن ديوانها(خواطر من قلب جريح)طبعَتْهُ في الذكرى السنويّة
*الصورة الثانية عن ضريح زوجها الشيخ أحمد عبد الكريم عيسى

(موقع اخبار سوريا الوطن-٢)
.