لست مركز الكون!!

*بقلم:عبد الفتاح العوض

يحكي «دوغلاس أدامز» عن بركة ماء تقول لنفسها كل صباح «يا له من عالم مميز، كل ما فيه صنع من أجلي»، بعض البشر مثل البركة يظنون كل شيء صنع من أجلهم.أتحدث عن موضوع إشكالي ومتشعب..سأتجنب عن سابق إصرار التورط في الإشكالية المعمرة فيه.السؤال المطروح منذ القدم هل الإنسان مركز الكون؟!على الأقل حتى عام 1514م بقي البشر يظنون أنفسهم هم مركز الكون عندما اكتشف الإنسان نفسه «صغيراً» في كون بلا حدود، بينما بقيت نظرية غير صحيحة حتى عام 1514م، منذ ما قبل الميلاد تحدث أرسطو أن الأرض مركز الكون وبالتالي الإنسان مركز الكون، (مع التذكير أن العلماء يقولون إن عمر الكون 14 مليار سنة تقريباً).جاء بطليموس عام 200 م تبنّى الفكرة وطوّرها وقدّم تصميماً يجعل الأرض تحمل كل النجوم وما تبقى من الكون ثم جاء كوبر نيكوس قال: إن الأرض والكواكب الأخرى تدور حول الشمس، هذا السقوط الأول لنظرية أن الأرض مركز الكون.الآن.. تبين أن الشمس الذي اعتبرها كوبر نيكوس مركزاً للكون ليست إلا مجرد نجم مثل أكثر من 400 مليار نجم في مجرتنا درب التبانة.. ومجرتنا ليست الوحيدة فلديها مليارات الأخوات.الجانب الديني في هذا الموضوع يحمل الإشكالية الخطرة والتي تحتاج إلى نقاش لا تستوعبه هذه الزاوية وبالتالي دعونا ننتقل إلى الشيء الذي يمكن أن يكون مفيداً وقابلاً للحوار والتفكر في هذا الموضوع.الغرور البشري الذي رافق الناس تاريخياً له علاقة بهذا الكم من الإحساس بأنك أفضل مخلوق في الكون وأن العالم وما فيه صنع له ومن أجله.لم أصل بعد للحديث عن شخص مغرور بحد ذاته بل لا زالت أتحدث عن الجنس البشري الذي يشعر بالغرور والإحساس بالتفرد وبأنه حالة خاصة جداً.وفي قراءة سريعة لما حدثتنا عنه الحضارات السابقة كان الإنسان إلهاً ونصف إله ثم بشراً يتصرفون كما لو كانوا آلهة.عبارة جميلة يقولها عالم فيزياء «براندون كارتر»: إن موقعنا في الكون مميز بشكل كبير للدرجة التي تتوافق مع وجودنا كمراقبين».بمعنى آخر لو لم نملك وعياً لما استطعنا أن نراقب وندرك تعقيد الكون الذي نعيش فيه.طيب.. إذا لم نكن مركز الكون.. وهناك مجرات أخرى فهل يمكن أن يكون هناك مخلوقات بشرية أخرى في أراض أخرى في تلك المجرات؟!لا تتسرع بالإجابة.. فالعلماء لم يصلوا بعد إلى تخمينات من أي نوع.لكن إن كان الأمر على هذا النحو فعلينا كأشخاص أن ننظر إلى موقعنا في هذا الكون الواسع.. فما الذي يصيب الإنسان بالغرور؟ «خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين».

خلاصة الخلاصة: ثمة من يظن نفسه مركز الكون وتدور حوله الكواكب… في حياتنا الكثير منهم، متى يدركون أنهم يدورون حول أوهامهم.كن جميلاً.. حتى ولو كنت ضئيلاً..
أقوال:– نجح الإنسان في اكتشاف الكون، ولكنه عجز أن يكتشف نفسه.– الكون ليس مرتعشاً وإنما المرتعش هو الإنسان.– نسي الطين ساعة أنه طين حقير فصال تيهاً وعربد

(سيرياهوم نيوز-الوطن19-8-2021)