لم يخرج النقد الأدبي في سورية منذ نشأته مطلع القرن العشرين عن كونه إبداعاً فوق إبداع من خلال أسماء أدبية كبيرة حملت لواءه وسارت به جنباً إلى جنب مع الأدب ليحمل الراية من بعدهم نقاد أكاديميون ومتخصصون حققوا ريادة عربية ولا سيما مع عقد السبعينيات.
سانا الثقافية رصدت أهمية النقد الأدبي في هذا العصر وواقعه في سورية ولا سيما بعد الحرب التي طالت البلاد وآراء عدد من المختصين بهذا الشأن حيث وجد الناقد نذير جعفر الذي ظل مقرراً لجمعية النقد الأدبي في اتحاد الكتاب العرب لثلاث دورات أن النقد المعاصر لدينا يحاكي في بعض اتجاهاته مناهج ونظريات غربية إلا أنه لم يشكل مناخا ثقافياً ونقدياً عاماً.
ويعول مؤلف كتاب بنية الخطاب السردي على دور النقد في النهوض بالأدب لأنه لم يعد ملحقاً سطحياً له ووظيفته انتقلت من شكلها الكلاسيكي إلى ضرورة الوعي الفلسفي بالعصر وبالأدب وأجناسه وشروط تحققه عبر منظومة نظرية جمالية فكرية يتحاور في ضوئها الناقد مع النصوص ويحاول أن يكشف عن أنساقها ويستبطن أعماقها ودلالتها ورسالتها.
وقريباً من وجهة نظر جعفر تصف الناقدة الدكتورة ريما دياب النقد الأدبي بأنه فن وإبداع يقوم على تفسير وتأويل وتحليل الأعمال الأدبية بغرض الكشف عن مواطن الجمال وتقويم نقاط الضعف فيها لافتاً إلى أن الناقد ليقوم بهذه الوظائف لا بد أن يمتلك أدوات تمكنه من قراءة النص والولوج إلى عالمه الخفي بحيث يقرأ ما لا يقرؤه القارئ.
وحول واقع النقد الأدبي في سورية ترى الدياب أننا نشهد اليوم غياباً للنقد الحقيقي على الساحة الثقافية فكثيراً ما نجد احتفاء بالشعراء أو الأدباء ولكن لا نجد نقداً للنصوص وتقويماً لها وهذا بدوره يشكل برأيها خطراً على الثقافة وخاصة مع ما نشاهده على صفحات التواصل الاجتماعي التي تطلق أشخاصاً يدعون النقد وهم لا يمتلكون معرفة أو ثقافة نقدية.
ولا تخفي مدرسة النقد العربي القديم في جامعة دمشق مخاوفها من ظهور المجاملة والمحاباة والعلاقات الشخصية والمصالح الذاتية على الساحة النقدية وهذا برأيها يسهم في تضليل وظيفة النقد الحقيقية في حين يجب أن تسود الثقة بين المبدع والناقد الذي يجب أن يكون أكثر اطلاعاً لكي يستطيع الإحاطة بالمنجز الأدبي من خلال سعة معرفته أولاً ومن ثم يأتي الذوق تالياً.
الأديب منذر يحيى عيسى رئيس فرع طرطوس لاتحاد الكتاب وصاحب التجربة التي جمعت الشعر والدراسة يؤكد أيضاً على عملية الثقة بين المبدع والناقد وتوسيع الأخير لمعارفه لكي يحيط بالعمل بحيادية مع عدم مراعاة العلاقات الشخصية.
والنهوض بعملية النقد يستدعي من القائمين عليه كما يؤكد عيسى دقة الملاحظة ومن ثم تليها خطوات أخرى من تفسير النص ومن ثم الحكم على القيمة.
وفي معرض الحديث عن واقع النقد الأدبي اليوم تعرب الشاعرة والدكتورة زينب حسين المدرسة في المعهد العالي للغات عن اعتقادها بأننا نعيش أزمة نقد أدبي اليوم ولكن لا بد من مراجعة لواقع النتاج الأدبي والثقافة الذي يعاني من تراجع دور المراكز التي خرجت لنا أهم النقاد وضرورة تفعيل دور الجامعات وتطوير ما يقدم فيها من مواد وبرامج لتوجد نقاداً في ظل التطور المعرفي والثقافي.
وتبدي معدة برنامج مبتدأ الكلام الذي يتناول سير حياة مبدعين أسفها لطغيان الناقد الصحفي على الأدبي في الساحة الثقافية لأن الأول ينظر للنص نظرة وصفية بعيدة عن التحليل الحقيقي فيما على الناقد أن يبحث في النص من دون النظر لصاحبه.
سيرياهوم نيوز_ سانا