آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » الدولار الأمريكي وقصة السرقة الكبرى

الدولار الأمريكي وقصة السرقة الكبرى

محمد البدر

كانت المجتمعات البشرية البدائية تستخدم المقايضة في تبادل السلع، لكنها اصبحت حل غير عملي للتبادل .

كانت الحبوب والمواشي أكثر سلعة مرغوب فيها للمقايضة والتبادل .

وكان سكان مابين النهرين يستخدمون المعادن في تعاملهم إضافة للمقايضة بالمواشي والحبوب.

في حدود 600 ق.م ظهرت أول النقود المعدنية الرسمية “الذهب والفضة” في مملكة ليديا “جزء من تركيا حالياً” حيث تم سكها وإصدارها كعملة رسمية للدول.

استمرت المجتمعات البشرية في إستخدام عملات الذهب والفضة في تعاملاتها حتى القرن السابع عشر الميلادي حيث ظهرت العملات الورقية في السويد وبريطانيا.

إستخدمت الصين التعامل بالورق قبل الأوروبيين بحوالي 600 سنة لكن ليس بصيغة نقود وإنما كصكوك إثبات وضمان للأموال بين التجار.

الدولار الأمريكي.

ظهر الدولار الأمريكي عام 1792 كان على شكل ثلاث فئات ذهب، وفضة، ونحاس، وتمّ اعتماده العملة الرسمية للولايات المتّحدة الأمريكية.

استمر العمل بهذا النظام المالي إلى عام 1861 حيث اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية بين الشمال والجنوب و احتاجت حكومة الشمال المركزية للمزيد من الأموال لتغطية نفقات  الحرب ولم تكن ترغب بخسارة كلّ ما لديها من الذهب والفضّة، وهو ما دفعها إلى إنشاء العملة الورقية “الدولار الأمريكي بشكله الأخضر الحالي” عام 1862 وبدأت بطباعته.

حينها لم تكن العملة المطبوعة مغطاة بالذهب (المقصود بالتغطية بالذهب هو أن يكون بمقدوركَ إستبدال العملة الورقية بالذهب متى ما أردت ذلك حيث أنّ العملة الورقية تكون قيمتها ذهبًا حسب فئة الورقة).

رفض الامركيون التعامل بهذه الورقة المطبوعة، إلّا أن الكونغرس جرّم من يرفض التعامل بالدولار الأمريكي وفرض التعامل به.

كان الدولار حينها مجرّد ورقة ولم يكن يساوي شيئًا في الواقع لأنه غير مغطى بالذهب.

في عام 1879 وبعد حصول تضخّم هائل في الولايات المتّحدة وخسارة الدولار لجزء كبير من قيمته تمّ تغطيته بالذهب حيث صار بمقدور الناس استبدال الدولارات الأمريكية بالذهب متى ما أرادوا ذلك.

في عام 1929 حصل الكساد العظيم “أزمة اقتصادية عالمية استمرت لسنوات” مما دفع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت إلى إلغاء تغطية الدولار بالذهب بعد وصوله للرئاسة عام 1933 ولكنّه أعاد التغطية عام 1934م مع تعديل نسبي لسعر الدولار للتخلص من تلك الأزمة، استمر الأمر على ما هوّ عليه إلى سنة 1944.

إتفاقية Bretton Woods

قبل أن تخرج الولايات المتّحدة منتصرة من الحرب العالمية الثانية بسنة واحدة بدأت تعمل على إنشاء نظام عالمي اقتصادي ومالي جديد يُؤمّن تفوقها وصدارتها ويضمن مصالحها، وقد حصل ذلك عن طريق اتفاقية(Bretton Woods) سنة 1944 والتي شاركت بها 44 دولة واستمر إنعقاد المؤتمر التأسيسي للإتفاقية 22 يوم.

أهمّ نتائج هذا الإتفاقية كانت (إعتماد الدولار الأمريكي كمرجعٍ رئيسي لتحديد سعر عملات الدول الأخرى) على أن تكون قيمة كل (35دولار) أونصة ذهب (ستة مثاقيل ذهب تقريباً).

بمعنى آخر إن مقابل كل 35 دولار أمريكي جديدة تقوم أمريكا بطباعتها فعليها تخزين أونصة ذهب، وبهذا الشكل يستطيع من يملك 70 دولار أن يستلم مكانها أونصتين من الذهب.

حينها كانت الولايات المتّحدة لوحدها تمتلك 75% من كمية ذهب العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان الدولار الأمريكي هو العملة الوحيدة على مستوى العالم المُغطاة بالذهب وهو ما دفع دول العالم إلى تكديس الدولارات الأمريكية بهدف استبدالها بالذهب مستقبلاً كإحتياطي، وصار عدد كبير من هذه الدول يستخدم عملة الدولار كإحتياطي للنقد.

حرب فيتنام

استمرت حرب فيتنام من سنة 1956 إلى  1975.

احتاجت الولايات المتّحدة إلى المزيد من الدولارات لتغطية تكاليف هذه الحرب المُكلفة، لكن الدولارات الموجودة حينها لا تكفي، والذهب الموجود في الولايات المتحدة لم يعد كافياً ليغطّي الطباعة الجديدة من الدولار و حسب الإتفاقية لم يعد بالإمكان طباعة المزيد من الدولارات لأنّ الذهب الموجود لم يعد كافياً لتغطيتها إلا إن الولايات المتّحدة قامت بتجاوز ذلك وقامت بطبع دولار غير مغطى بالذهب.

فرنسا وأمريكا

في نهاية الستينيات طالب الرئيس الفرنسي  شارل ديغول  بتحويل الدولارات الأمريكية الموجودة لدى البنك المركزي الفرنسي إلى ذهب عملاً باتفاقية Bretton Woods التي تسمح بذلك.

ديغول طالب بهذا بعد إن شاهد هو والعالم مقدار ما تقوم أمريكا بطباعته من الدولارات وأنفاقه على حرب فيتنام دون حد أو سقف معين، أدّى هذا الطلب إلى عجز الولايات المتّحدة لاحقاً عن تحويل أي دولارات إلى ذهب ما دفع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى إصدار بيان في عام 1973 أعلن فيه إلغاء التزام الولايات المتّحدة بتحويل الدولارات الأمريكية إلى ذهب وهو مايعرف بإسم Nixon Shock أو (صدمة نيكسون).

أصبح الذهب حراً بعدها ولم يعد أحد يتحكّم فيه سوى العرض والطلب وأصبحت جميع العملات بما فيها الدولار الأمريكي تقف على أرض واحدة وصارت كلّها عملات إلزامية ورقية لا قيمة لها في الواقع سوى التزام الحكومات بها.

كانت صدمة حقيقية للدول على مستوى العالم، إنّها خدعة تمّ خداع العالم بأسره بها فبعد أن كانت الدول تعمل على مرّ السنوات لتكديس الدولار الأمريكي كإحتياطي للنقد الأجنبي لتستبدله بالذهب عندما تريد أصبحت الآن غير قادرة على ذلك والأسوء من كلّ ذلك هي أنّها ما تزال مجبرة على التعامل بالدولار، لأنّها لا يمكنها التخلّي عنه بعد أن قامت بتكديس كلّ هذه الدولارات في الاحتياطي النقدي الأجنبي وإلّا ضاعت ثروات الشعوب وجهودها.

قد يرد السؤال الآتي: لماذا لا تقوم دول العالم بفكّ الارتباط بالدولار وإلغاء التعامل به؟.

الحقيقة إن الأساطيل الأمريكية التي تجوب العالم ليست موجودًا عبثاً، هي موجودة للسيطرة على ممرات ومنابع النفط، لماذا النفط؟.

البترودولار

تعتمد الحضارة البشرية الحديثة على النفط وكل القطاعات الصناعية و الإنتاجية والخدمية تعتمد على النفط سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة فلا غنى للعالم عن النفط .

في 1973 قام وزير الخارجية الأمريكي حينها (هنري كيسنجر) بعرض صفقة على دول الخليج العربي تقضي بحماية أنظمتهم ودولهم مقابل أن يتم حصر بيع النفط بالدولار الأمريكي فقط، وبذلك أصبحت الدول ملزمة بالاحتفاظ بالدولار الأمريكي لغرض شراء النفط ومنها نشأت تسمية النفط بإسم (الذهب الأسود).

هذه قصة أعظم سرقة بتاريخ البشرية، حيث يتم طبع ورق بدون قيمة وربط مصير الدول والشعوب به، ومعاداة وإسقاط اي نظام يحاول الخروج عن هذا المسار.

والحقيقة إن سر قوة الولايات المتحدة هو الدولار وليس الترسانة العسكرية والتي هي بخدمة الدولار وحماية مكانته، لذلك هي تضرب بسوط الدولار على ظهر الشعوب التي ترفض الإنصياع والارتهان لها والعمل وفق مصالحها.

كاتب عراقي

سيرياهوم نيوز -4رأي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزير الصناعة يطلع على واقع العمل والإنتاج في حماة

اطلع وزير الصناعة الدكتور عبد القادر جوخدار اليوم على واقع العمل والإنتاج في معمل أحذية مصياف وشركة زيوت حماة وعدد من الشركات الخاصة لإنتاج الزيوت النباتية ...