آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » السقوط دفعة واحدة: «تأثير الدومينو» يلحق «إخوان المغرب»

السقوط دفعة واحدة: «تأثير الدومينو» يلحق «إخوان المغرب»

دفعة واحدة، انهار حزب «الإخوان المسلمين» في المغرب، «العدالة والتنمية»، في سياق تراجع كبير للحركة في حصونها، وخصوصاً في تونس، مهد «الربيع العربي». تراجعٌ يبدو أشبه بـ«تأثير الدومينو»، بعدما أظهرت الجماعة التي بنت رصيدها على العمل الدّعوي، فشلاً في إدارة شؤون الحكم في البلدان التي وصلت فيها إلى السلطةمنذ قبوله تولّي السلطة في المغرب، أو على الأصحّ الجزء المسموح له بتولّيه من هذه السلطة، نظراً للصلاحيات الواسعة للملك محمد السادس، حكَم حزب «العدالة والتنمية» على نفسه بالفشل. سريعاً، توقّف الحزب عن المطالبة بالإصلاح الرئيسي المتمثّل بتقليص سلطات الملك من جهة، وقَبِل بسياسات الأخير في مجال التطبيع مع إسرائيل، وشارك فيها، من جهة أخرى. وهاتان أكبر وصفتين للإخفاق لحزب يقوم على أساس ديني، ويتّكىء جزئياً على وهْب مريديه مكاناً في السماء، تعويضاً عن عدم القدرة على تحسين حياتهم على الأرض.

لكن ذلك يصلح ما دام الحزب خارج السلطة، أمّا داخلها فالأمر مختلف. ولعلّ هذا هو ما يفسّر التراجع الكارثي لـ«العدالة والتنمية» في الانتخابات التي جرت الأربعاء الماضي، من المركز الأول في مجلس النواب، إلى الثامن والأخير بين الأحزاب المشاركة، في ما ردّه مراقبون إلى فشله في إدارة البلاد وفق برنامج يستجيب للمتطلّبات الحياتية والمطالب السياسية للمواطنين، بعد عشر سنوات من تولّيه الحكم. على أنّ ذلك التقهقر ليس حالةً عابرة، ولا يقتصر على المغرب، وإنّما أصبح مساراً واضحاً ومستمرّاً، ولاسيما في حصون «الإخوان» في تركيا وتونس، مما يعني أن الحزب الذي استفاد من الصعود «الإخواني» في مطلع العقد الماضي كي يصل إلى السلطة، يدفع، في جزء من خسارته اليوم، ثمناً للتراجع العابر للحدود للجماعة.
لم يستطع الحزب، خلال سنيّ حكمه، تحقيق أيّ إصلاحات جذرية أو خلخلة منظومات الفساد المعشعشة في الإدارة، فيما تتّهمه شرائح من موظفي القطاع الحكومي، «العدالة والتنمية»، بإساءة التصرّف، نظراً إلى الإجراءات التي أقدم عليها، ومنها رفع الدعم عن المحروقات، ورفع سنّ التقاعد، وإقرار نظام للتعاقد مع المدرسين، بدلاً من إدماجهم في الوظيفة الحكومية، ما انعكس على أجور الموظفين وتقاعدهم وقدرتهم الشرائية، بل حتى استقرارهم الوظيفي. لذا، لم يَعُد الخطاب الدّعوي الذي يلعب على العواطف والمشاعر وحده ينفع في اجتذاب الناس نحو «الإخوان»، كما لم يَعُد الانطلاق من أسسٍ دينيّة وإعطاء صبغة إسلامية صالحاً لإقناع الناس بأن الجماعة أقرب إلى الصّواب أو أقدر على إدارة البلاد، فالمواطن يريد أن يأكل ويشرب ويجد وظيفة ويعيش حياة كريمة، ولن يقوم بأيّ شكل من الأشكال بانتخاب مَن لا يحقّق له مطالبه مرة أخرى. وهذا المواطن نفسه يقول اليوم للجماعة من خلال التصويت: نحن وثقنا بكم وأعطيناكم أصواتنا وأنتم لم تحقّقوا ما هو مطلوب منكم.

التقهقر «الإخواني» الكبير ليس حالة عابرة وإنما أصبح مساراً واضحاً ومستمراً


ما يمكن أن يكون لمصلحة «العدالة والتنمية» في الدرس المغربي القاسي، هو قبوله بلعبة الصناديق، وتقبّل الخسارة والعودة إلى مقاعد المعارضة التي جاء منها، بلا حروب ولا دماء ولا انقلابات. ولن ينفعه القول إن الملك هو المسيطر على القرار، ما دام الحزب قد قبل بأن يكون جزءاً من المشهد. فهو وحده من يتحمّل اللّوم، وإلَا فلْيبقَ خارج العمليّة السياسية ويكتفِ بالعمل الدّعوي، مثل جماعة «العدل والإحسان» التي لم تقبل بالمشاركة في العمل السياسي لأنها تعتبر أن المنظومة كلّها فاسدة. في لغة الأرقام، خسر الحزب ما يقارب تسعين في المئة من مقاعده، ونال 12 مقعداً فقط، نزولاً من 125 مقعداً من أصل 395 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته الذي انتُخب في العام 2016. وفشل زعيم الحزب، رئيس الوزراء سعد الدين العثماني، في الاحتفاظ بمقعده، بينما ضاعت منه بلديات مدن كبرى.
خسارة «العدالة والتنمية»، قابلها فوز لقوى يمين الوسط ويسار الوسط، حيث نال حزب «التجمع الوطني للأحرار» بزعامة الملياردير عزيز أخنوش، المرتبة الأولى بـ97 مقعداً، وهو حزب أسّسه أحمد عصمان رئيس الوزراء السابق، وصهر الملك السابق الحسن الثاني، في تشرين الأول 1978. كما حاز حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي يتزعّمه عبد اللّطيف وهبي 82 مقعداً أبقته في المرتبة الثانية على رغم الظروف الصعبة التي مرّ بها بسبب «خلافات تنظيمية»، على حدّ قول زعيم الحزب. وبموجب الدستور، سيقوم الملك بتعيين رئيس الوزراء من الحزب الذي فاز بأكبر عدد من الأعضاء، ليقوم الثاني بتشكيل الحكومة

(سيرياهوم نيوز-الاخبار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

باريس «تتشاطر» على واشنطن: ورقة فرنسية «منقّحة» لتسوية في الجنوب والداخل

  حملت الأيام الماضية محاولة فرنسية لفرض باريس نفسها شريكاً أساسياً في أي تسوية محتملة، بدءاً من ملف الانتخابات الرئاسية وقضية النازحين السوريين، وصولاً إلى ...