آخر الأخبار
الرئيسية » قضايا و تحقيقات » العلاج النفسي خارج حسابات “الصحة” والمختصون يطالبون بترخيصها

العلاج النفسي خارج حسابات “الصحة” والمختصون يطالبون بترخيصها

رسام محمد:

بعد مرور أكثر من 11 عاماً على الحرب العدوانية على سورية، وانتقال المواطن والمؤسسات بين جبهات مواجهة أصعب الظروف العسكرية والأمنية وصولاً إلى المعركة الأخيرة المتمثلة بالحياة المعيشية والاقتصادية، فإنه يمكن القول إن نسبة من أفراد المجتمع يحتاجون لدعم نفسي بسبب تأثرهم بتداعيات الحرب العدوانية وهذا أمر لا عيب فيه بالنظر إلى حجم الضغوطات الهائل الذي تعرضت له البلاد خلال سنوات الحرب العدوانية وشدة تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع ككل وعلى الأفراد..
ومع تحفظ تركيبة المجتمع السوري على المرض النفسي ووصمه بالجنون “إذ لطالما نعتت المشافي النفسية بالعصفورية أو مشفى المجانين وفي أفضل الحالات مشفى الأمراض العقلية” وهذا ما ليس مرتبطاً بالحرب بل منذ ما قبلها، ومع ذلك فإن مصطلح «مريض نفسي» أصبح كثير التداول خلال سنوات الحرب على الصعيد المجتمعي، وبات الكثير من السوريين هم من يسعون للحصول على علاج أو دعم أو إسعاف نفسي.

 

*الاضطرابات تزداد وقت الأزمات..

في زحام الخلل والاضطراب فإن نسبة الاضطرابات النفسية تزداد في وقت الأزمات وتصل إلى الضعف وتقسم تلك الأمراض بنحو طبيعي إلى ثلاثة أقسام: الاضطرابات النفسية الشديدة التي تراوح بين 1 و2% من العدد الكلي للسكان، ويمكن القول إنها ارتفعت في سورية بعد الحرب لتصل إلى 5%، والاضطرابات المتوسطة الشدة التي تكون عادة بين 8 إلى 10%، وفي أحسن الأحوال قد وصلت نسبتها إلى 15%، والاضطرابات الخفيفة التي تكون بحدود 20 إلى 25% حسب التقديرات العالمية.
ومن الممكن القول بأن مليون سوري على الأقل يعانون من اضطرابات نفسية شديدة، و3 ملايين يعانون من اضطرابات متوسطة الشدة بحاجة بالحد الأدنى إلى دعم نفسي.

*قريبا عيادة إلكترونية..
الوصمة النفسية موجودة في كل البلدان حتى في أكثرها تطوراً، علماً أنها تراجعت بعد الحرب على سورية وفق الدكتور ‘”مازن خليل” رئيس رابطة الطب النفسي في سورية – الذي أفاد أن يوميات ما قبل الحرب شهدت نسبة 2% ممن يراجعون طبيباً نفسياً يومياً والآن 4%، في وقت كانت الاضطرابات النفسية الأكثر انتشاراً عدا عن الاكتئاب واضطرابات الشدة بعد المرض أيضاً.
ولأن مهنة العلاج النفسي غير مرخصة في سورية، فقد طالب د. “خليل” بأن ترخص بغية تنظيم عملها ومراقبته، مع التنويه إلى أن الأدوية النفسية لا تسبب الإدمان لأنها توصف للحالة ومن قبل مختصين، ولكل دواء مخاطره المعروفة وأغلبها معدلات مزاج ومضادات اكتئاب ومضادات زهان وتختلف آثارها حسب المدة وهناك زمرة وحيدة تسبب الإدمان هي مضادات القلق وتسبب الإدمان في حال تناولها المريض بشكل عشوائي.
ومع أن الدكتور”خليل” نفى وجود إحصائيات في سورية، لأنه لا يوجد دراسات، فإن ثمة خطة قادمة ستؤدي إلى تأسيس عيادة الكترونية تحت إشراف الرابطة، حيث يتم إدخال البيانات من قبل كل طبيب مع الحفاظ على السرية، وتحدث البيانات دورياً حتى ينتج عنها دراسات وأبحاث.
ويرى رئيس الرابطة أنه في مجال الوصمة النفسية فالمشكلة مع المثقفين أكبر من غيرهم وهناك حالات من المثقفين لم تتابع علاجها خوفاً من انكشاف الأمر، بينما يأتي المرضى العاديون أو البسطاء بشكل أكبر والتعامل معهم أسهل ونظرتهم للموضوع بوعي أكبر.
كل ذلك في زمن تقوم المنظمات الدولية وفق د. “خليل” بدور فاعل في هذا المجال ويوجد في الهلال الاحمر عيادة نفسية متكاملة وشاملة وتقدم كافة الخدمات المطلوبة، وهذه العيادات منتشرة في كافة المحافظات، كما أن الأمانة السورية للتنمية تقوم بدور فاعل في هذا المجال، علماً أنه يوجد 70 طبيباً نفسياً في سورية.

*الأذكياء أكثر عرضة ..

ويرى د.”هيثم علي” اختصاصي في الطب النفسي والعلاجي بأن نسبة الفصام 1% بالنسبة لعدد السكان في كل دول العالم في وقت السلم، ومن الطبيعي أن تتزايد هذه النسبة في الحروب، وفيما يتعلق باختصاص العلاج النفسي، فيلزمه الكثير من الخطوات أهمها التدريب ثم قوننة هذا العمل لمنع الفوضى الكبيرة في هذا المجال ومحاربة “الدجل الطبي”، وبرغم وجود خبرات وقامات علمية كبيرة، يوجد أطباء ليس لديهم الخبرة الكافية، من هنا يجب على وزارة الصحة أن تشرف على عمل الأطباء النفسيين، لاسيما أن الوصمة مسألة عالمية وهي بدرجات مختلفة ويجب أن نعترف من يعاني نفسياً هم الأشخاص الأكثر ذكاء وحساسية، ولا يوجد في الطب النفسي كلمة “مجنون ” يوجد اضطرابات والوصمة الثانية هي مع الأدوية والنظرة السلبية لها حتى من قبل الصيادلة.

 

*الاكتئاب معطل للاقتصاد العالمي..

يصنف الاكتئاب بأنه معطل للاقتصاد العالمي بالدرجة الأولى أكثر من كل الأمراض حتى الجسدية منها، لأن المكتئب لا يعمل، مع تأكيد الدكتور علي أن الكوارث النفسية تبدأ بعد انتهاء الحروب عندما يبدأ الأشخاص بإحصاء خسائرهم، وبناء عليه يجب ألا يسمح لأي منظمة او جمعية خارجية بالعمل بمجال الدعم النفسي حتى لا يتم استغلاله، شرط أن يقدم بخبرات محلية بما فيها الهلال الأحمر العربي السوري وبالتنسيق بين وزارات التربية والصحة والتعليم العالي وغيرها من الجهات المعنية.
ويؤكد اختصاصي الطب النفسي أنه في الحرب تراجعت الوصمة النفسية والسبب أن هناك أزمة أثرت على المجموع، بالتالي أصبح الاعتراف بمراجعة الطبيب النفسي أسهل، وهنا يفيد أن أول مشفى للأمراض النفسية كان في الحميدية بدمشق وبغداد قبل أوروبا بـ 800 عام وكان كل مراجع للمشفى يعطى إجازة مأجورة لمدة شهرين وبعدها أصبحت أوروبا بكل هذا التطور عندما أولت العقل الأولوية وأنهت تبعيته لأي مؤسسة أخرى.

 

*ضاعفت النسبة..
من جهته يرى الدكتور “نضال نقولا” أنه قبل سنوات الحرب العدوانية على سورية كان واقع الطب النفسي سيئا والحرب ضاعفت النسبة، معرجاً لدور وزارة الصحة عندما كانت تقوم بتدريب اختصاصات أخرى على ما يسمى رأب الفجوة بالصحة النفسية، بالإضافة إلى توزيع الأطباء على المراكز، وهنا لعبت المنظمات دورا في هذا المجال من خلال دورات تأهيلية تدريبية وبعض البرامج مع المتضررين من الحرب والجرحى وتقديم خدمات متنوعة، مع التنويه أنه ممكن أن تجد أكثر من مريض في البيت الواحد.

ا

 

*إعادة تأهيل..
بالعموم ومع المحاولات الجهيدة التي تبذلها الحكومة في التصدي للشق النفسي من المعاناة للمواطن المهجر أو النازح وحتى الموجود في المناطق التي بقيت آمنة، فإن ثمة علاجا يكمن في إعادة التأهيل النفسي للفرد. وهدف العلاج هو تخفيف المعاناة النفسية بعد مواقف الحرب العصيبة التي تفوق طاقة الاحتمال المعتادة، وإعادة تأهيل المصابين وإعدادهم نفسياً لمواصلة أداء مسؤولياتهم، ودور العلاج النفسي يستمر عقب الأزمة بهدف التخلص من الآثار النفسية للحرب على المجتمع. وأثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين عاشوا الحرب أو النزوح من بلادهم هم أكثر عرضة للإصابة بحالات الاكتئاب والصدمات النفسية. لذلك فإن دور القطاع الطبي كبير جداً، مع ضرورة الاستعانة بالأطباء النفسيين والاختصاصيين المؤهلين والمدربين مهنياً.
وللمجتمع المحلي الدور الكبير في دعم وإعادة تأهيل المريض من خلال المشاركة الجماعية، والعمل على خلق ظروف حياتية واقتصادية ومعيشية أفضل لذاك الخارج من حرب استمرت أكثر من عشر سنوات.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الجريمة التي هزت مصر.. اعترافات صادمة في قضية “قاتلة زوجها” التي مارست الخيانة بجوار جثته

تتوالى الاعترافات الصادمة في جريمة قتل زوجة لزوجها بمساعدة عشيقها، وهي الأحداث المروعة التي شهدتها مدينة “بدر” التي تقع على بعد 46 كيلومترًا من العاصمة ...