بالأدوية.. يمكن تأخير الشيخوخة

تشير دراسة جديدة إلى أن الدواء الشائع الاستخدام قد يكون السر لحياة أطول وأكثر صحة.
الشيخوخة هي عملية معقدة، ويعتبرها الكثير منا نتيجة حتمية للحياة على الأرض. ولكن بفضل التكنولوجيا الحديثة، يعتبر العديد من العلماء الآن أن الشيخوخة مرض يمكننا علاجه، أو على الأقل تأخيره.
وقال مايكل ليسانتي، أستاذ أبحاث السرطان والتمثيل الغذائي في جامعة سالفورد في مانشستر بالمملكة المتحدة، لمجلة نيوزويك: “يمكنك التفكير في متوسط العمر مثل الشمعة، فالأمر يعتمد على مدى سرعة احتراقها” . “يمكننا أن نجعل الشمعة تحترق لفترة أطول.”.
ولكن لإبطاء عملية الشيخوخة، يجب علينا أولاً أن نفهم سبب حدوثها. تركز إحدى النظريات الرائدة حول سبب تقدمنا في السن على القوى المجهرية التي تعيش داخل خلايانا: الميتوكوندريا.
تحتوي الميتوكوندريا على الآلات المجهرية التي تحتاجها أجسامنا لتحويل السكر إلى طاقة. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي هذه العملية إلى إنتاج نفايات خطيرة تتراكم بمرور الوقت وتؤدي إلى إتلاف الآلات الدقيقة للميتوكوندريا.
وقال ليسانتي: “هناك الكثير من الأدبيات التي تشير إلى أن الميتوكوندريا في الخلايا المتقدمة في السن تكون معيبة إلى حد ما، ويرجع ذلك في الغالب إلى الإجهاد التأكسدي”.
ولكن إذا تمكنا بطريقة أو بأخرى من إبطاء هذه القوى الخلوية، فإن منتجات النفايات السامة سوف تتراكم بشكل أبطأ، مما يؤدي في النهاية إلى إبطاء الشيخوخة وعمر أطول. إذاً كيف يمكننا إبطاء الميتوكوندريا دون التأثير على بقية الخلية؟.
وقال ليسانتي: “إن الميتوكوندريا تشبه الكائنات الحية الصغيرة داخل الخلايا، ولها في الواقع الحمض النووي الخاص بها وتصنع البروتينات الخاصة بها”.
يعتقد العلماء أنه منذ مليارات السنين، كانت الميتوكوندريا كائنات حية حرة، وهي نوع من البكتيريا. وفي أحد الأيام، ابتلعت هذه البكتيريا في خلايا أكبر حيث بدأت في إنتاج الطاقة لخلاياها المضيفة مقابل الغذاء والمأوى.
وبمرور الوقت، بدؤوا في تبادل الحمض النووي مع الخلية المضيفة بحيث لم يعد بإمكانهم العيش بمفردهم.
ومع ذلك، وبسبب هذا التاريخ التطوري، يبدو أن الميتوكوندريا عرضة لبعض الأدوية نفسها التي تستهدف البكتيريا، وخاصة المضادات الحيوية. إذا تم استخدامها باعتدال، فإن هذه الأدوية لن تقتل الميتوكوندريا. لكنهم سوف يبطئونهم.
وقال ليسانتي: “إنك تقوم بشكل أساسي بخفض مستوى صوت الميتوكوندريا”. “والفكرة هي أنه إذا قمت بإبطاء الميتوكوندريا، مثل خفض مستوى الصوت في الراديو، فيمكنك إطالة العمر.
في دراسة نشرت في مجلة Aging ، بحث ليسانتي وفريقه من جامعة سالفورد في كيفية تأثير المضادات الحيوية المختلفة على الميتوكوندريا في الديدان المجهرية التي تسمى C. elegans ، وفي النهاية كيف يمكن أن يؤثر ذلك على عمر الديدان.
وقال ليسانتي: “لم نستخدم أي مضادات حيوية فحسب”. “لقد تم اختيارها بعناية لأنها مضادات حيوية تمنع آليات بناء البروتين في الميتوكوندريا.”
على وجه التحديد، نظر الفريق في اثنين من المضادات الحيوية – الدوكسيسيكلين والأزيثروميسين – اللذين يستهدفان مكونات مختلفة من آلات صنع البروتين في البكتيريا (أو في هذه الحالة، الميتوكوندريا).
وقال ليسانتي: “الخبر السار هو أن هذين العقارين معتمدان من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية منذ سنوات عديدة”.
“في حالة الدوكسيسيكلين، فهو مضاد حيوي يستخدم على نطاق واسع لعلاج حب الشباب. وسيتناوله الناس لأكثر من ستة أشهر، أو حتى سنوات، في المرة الواحدة. إنه دواء معروف جداً وقد مر أكثر من 50 عاماً منذ أن تم استخدامه تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء.”
واختبر الفريق العقارين بشكل فردي ومجتمع بتركيزات مختلفة لرصد تأثيراتهما على عمر الديدان، وكانت النتائج مبهرة.
في جميع المجموعات، أدت المضادات الحيوية إلى زيادة متوسط عمر الديدان مع تقليل علامات الشيخوخة التي يمكن ملاحظتها. أدى استخدام العقارين معاً إلى نتائج مثيرة بشكل خاص، مع تضاعف متوسط العمر تقريباً حتى عند التركيزات الأقل.
وقال ليسانتي: “إذا أصابت هدفين مختلفين لهما نفس الغرض، فيمكنك تقليل التركيز”.
بالطبع، عندما نفكر في المضادات الحيوية، يبرز شاغلان مباشران: 1) كيف يمكن أن يؤثر ذلك على مستعمرات الميكروبات الأساسية التي تعيش في أمعائنا ؟ 2) كيف يمكننا تجنب إضافة المزيد إلى الأزمة المتزايدة المتمثلة في الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية ؟
وقال ليسانتي: “إحدى الأفكار هي صنع نظير لم يعد مضاداً حيوياً ويستهدف الميتوكوندريا فقط”. “وهذا من شأنه أن يقضي على المشكلة المرتبطة بالميكروبيوم وكذلك بمقاومة الأدوية.”
وفي دراسة سابقة، أظهر الفريق بالفعل كيف يمكن استخدام جزيء مُنتج صناعياً له نفس خصائص المضاد الحيوي لاستهداف أنواع معينة من الخلايا دون التأثير على الميكروبات المقيمة الأخرى.

سيرياهوم نيوز 2_الثورة