آخر الأخبار
الرئيسية » قضايا و تحقيقات » بعد 9 سنوات من ولادته هل حافظ المركز الوطني للتقويم والقياس على الأمن الأكاديمي؟

بعد 9 سنوات من ولادته هل حافظ المركز الوطني للتقويم والقياس على الأمن الأكاديمي؟

تحقيق رسام محمد:

عندما أُعْلِنَت ولادة المركز الوطني للقياس والتقويم من رحم مخرجات العملية التعليمية الجامعية، الخاصرة الرّخوة في زمن الحرب والعدوان، كانت الخطوط ترسم دوائر وعلامات استفهام وتعجب حول مخرجات وزارة التربية التي ستُعتمد أساساً للتعليم ما بعد الثانوي، والتي تسبّبت ظروف الحرب العدوانية على سورية واختلالات العامل الأمني، بإنتاج شهادات مشكوك فيها، ما جعل الخيار عام 2013 مُنصبّاً على تحديد ومعالجة الخلل والقصور وذلك عبر تكليف جهة رصينة بمسؤولية الرقابة على هذه المخرجات والإمعان في (تنظيفها وغربلتها)، ما تمخّض عن ولادة مركز القياس والتّقويم، كصمام أمان للحفاظ على الأمن الأكاديمي.
هذا التّوجه لقي الكثير من الأخذ والرّد والسّجال بين أوساط الكوادر التدريسية والتعليمية على مستوى الجامعات السّورية العامة والخاصّة حيث هوجم في كثير من المواقع واتهم بانحرافه عن مساره ما وضعه موضع الدفاع عن النفس في سياق اعتماد الامتحان الوطني الموحّد، الذي جاء دون تغذية راجعة، مستهدفاً معالجة النّقاط والقصور التي شابت المرحلة السابقة.

يؤثر على المعدّلات العالية
من وجهة نظر د. علاء سلوم نائب عميد كلية طب الأسنان للشؤون العلمية بجامعة دمشق فإن الامتحان الوطني المُوحّد هو فحص معياريّ يدخل في نتيجة القبول للدّراسات العليا، وهو جواز سفر لطلاب الجامعات الخاصّة لأنّ في الحكومية يدرس الطالب عددا كبيرا من المقررات ويمتحن فيها من قبل أساتذة ثقة ونعيد تقييمه بفحص وطني يشكّل نسبة 40% من معدّل الطالب عند التّخرج، بينما للخمس سنوات دراسية فإنّه يشكّل 60% من الدّرجة، ويؤثّر على معدّل من يريد متابعة الدّراسات العليا للطلبة ذوي المعدّلات العالية في كلّياتهم، وهناك طلاب معدّلاتهم متدنيّة وترتفع في الامتحان الوطنيّ الموحّد (ومن وجهة نظره ) يُفترض بالأسئلة أن تكون لها علاقة بالممارسة العامة لطبّ الأسنان وتتضمّن اختبار الطّالب بالمعلومات الطّبيّة الأساسيّة التي لابدّ منها للممارس العام وليس الاكتفاء بأسئلة تخصّصية ودقيقة تأخذ طابعا حفظيا 100%.

 

أن تكون المراجع معتمدة عالميّاً
أمّا الدكتورة جميلة حسيّان عميد كلية الصّيدلة فلها وجهة نظر تفيد بأنّ الامتحان كفكرة جيّدة، ولكن يجب أن يكون له قواعد وأساسيات يُبنى عليها، وكان في البداية للشّهادات الخارجيّة قبل إحداث الجامعات الخاصّة، فعندما بدأت الجامعات الخاصّة كانت معدّلاتها أقلّ أمّا اليوم فارتفع المعدّل، ونسبة الرّضى عن الامتحان الوطني فوق ال 50%، الا أنّ طلاب الجامعات الحكومية يشكون الظّلم، والسّبب أنّ الأسئلة يجب أن تصمّم من لجان معتمدة ويكون لجامعة دمشق الغالبيّة، كما يجب أن يكون هناك مراجع في كلّ تخصّص وأن تكون المراجع أجنبيّة، أو معتمدة عالميّاً.
تسريب الأسئلة غير مؤكد
وحول ما أُشيع عن تسريب أسئلة لا تؤكد الدكتورة حسيّان هذا الكلام، وتقول إنّه جاء بناءً على كلام تردد بين أوساط طلاب من الكليّة تربطهم معرفة شخصيّة بطلاب من الجامعات الخاصّة، وتفاجؤوا بالحصول على معدّلات مرتفعة وصلت للـ 90%، مع أنّهم رسبوا لعدّة سنوات في جامعاتهم ولكن الوزارة قامت بالتّحقيق ومازال مستمراً.
وأشارت إلى وجود دورات عشوائية يقوم بها خريجون جدد، وأسئلة الدّورات موجودة في الأكشاك وهذه الدّورات بدأت السّنة الماضية بينما لم تكن قبلها موجودة، والسّؤال ما هي الفائدة إذا كانت الدّورات العشوائيّة تلقّنه الجواب الصّحيح ومن قبل خريجين جُدد؟

تستفيد منه الجامعات الخاصّة
ووفق الدّكتور مروان الحلبي النائب العلمي في كلية الطب بجامعة دمشق فإنّ كلية الطب التي تجاوز عمرها الـ 100 عام وخرّجت معظم الأساتذة والأطباء في جامعة دمشق يجب أن يكون لها الحق في تخريج طلابها، وهذا الرّأي انعكاس لرأي مجلس الكليّة وهو أعلى مجلس علميّ، والفحص الوطني وُجد للقبول في الدّراسات العليا خاصة وأنّ هناك جامعات كانت تحصل على معدلات عالية فكان لابدّ من أداة معياريّة، إلا أنّ الفكرة تطوّرت ليصبح شرطاً للتّخرّج!
ولا يوجد في كل العالم جامعة لا تخرّج طلابها، فالمنافسة يجب أن تكون بالسّويّة الأكاديمية والمعياريّة والاعتمادية للجامعة، والامتحان الوطني الموحّد تستفيد منه الجامعات الخاصّة، ويجب أن يكون هناك لجنة امتحانية من الجامعات كافة، ولجامعة دمشق النسبة الأكبر فيها كونها تمتلك العدد الأكبر من الطلاب والأساتذة.
ويضيف الحلبي أنه يجب أن يكون لهم دور في وضع الأسئلة والسّياسة الأكاديميّة وتوصيف المقرّرات وترجمة الكتب ويقترح: تشكيل مجلس إدارة برئاسة الوزير وتكون مديرة المركز الشّخصية الثانية فيه، ويضمّ عمداء كليات الطبّ البشري والصّيدلة والأسنان مهمّته إدارة الفحص الوطني، ويُوضع منسقون لكلّ مادة كما في السنة التّحضيريّة.
عدم الاعتراف بالشّهادة
في معرض الحديث عن التّعليم الجامعي من الجدير التّوقف عند تحدٍّ لطالما واجه المسؤولين وصنّاع القرار وهو خطر عدم الاعتراف بالشّهادة! وهنا تستحضر الدكتورة ميسون دشاش مديرة مركز التّقويم والقياس في وزارة التعليم العالي زيارة مكتب اليونسكو في بيروت عام 2013 لدراسة الاعتراف بالشّهادة السّورية عندما قال المسؤول آنذاك: هل من المعقول أن نلغي الاعتراف بالشّهادة السّورية في بلد أُصدر فيه مرسوم رئاسي بإحداث مركز للقياس والتّقويم في بلد يعاني الحرب؟ في إشارةٍ وبرهان مقصود منها على ما ساهم به المركز وإلى حدّ كبير بضمان الاعتراف بالشّهادة السّورية.

أداة معياريّة موحّدة
ورأت د. دشاش أنّ الجامعة هي الأقدر على تخريج طلابها, والامتحان الوطني الموحّد الذي تراه يشجّع على التّنافس الإيجابي بين الطلاب مع إثباتها أنّه أداة معياريّة موحّدة.
وحول تهمة أنّ الأسئلة من مناهج الجامعات الخاصة؟ تجيب د.دشاش بأنّ ثمّة مراسلات قد تمّت مع الجامعات الحكومية والخاصة كافة، بكتب رسمية للمشاركة في بنك الأسئلة، وكان هناك تعاون متفاوت الدرجات بين كلية وأخرى وبين عميد وآخر، فمن كان مع الامتحان الوطني استنفر كوادره لتلبية احتياجات مركز القياس والتّقويم، وشارك في اللّجان الامتحانية ورفد بنك الأسئلة، بينما بقيت كتب المراسلات حبيسة أدراج عمداء في كليات أخرى، مع التنويه بأنّ الجامعات الخاصّة هي جامعات سوريّة كما الحكوميّة، والمطلوب من كليهما تحقيق التنمية العلمية والبحثية الاقتصادية منها والاجتماعية، كما أنّ كليهما يدرّس أبناءنا من خلال كوادر أكاديميّة سوريّة، وما من فرق لدينا بين الخاصّة والحكوميّة، كما في كل أنحاء العالم ونحن نسعى لتنمية المهارات لجميع الطلبة ليتسنى لهم الدّخول في سوق العمل.


توضيحات
وعن اختلاف أسئلة المقرّرات في الجامعة عن السّؤال في الوطني الموحّد وضحت: يحتاج إلى وقت وجهد لأنّنا أمام عدد محدود من الأسئلة تسبر مهارات أساسيّة، علماً أنّ بعض الكليات تختزل المناهج بسبب ما نمرّ فيه من أوضاع؛ آخرها جائحة كورونا!
وعن مشكلة الملخّصات فإن المركز تصدّى لهذه المشكلة، وفق دشاش وأضافت: لا يجوز للطّالب أن يتخرّج دون امتلاك المعارف الأساسيّة والحدّ الأدنى من المهارات المطلوبة، فالطبيب مثلاً لا يمكن أن يتخرّج دون معرفة الإنعاش القلبي الرّئوي ومبادئ الجراحة الأساسيّة

“الحكومية” مثقلة بالأعباء
وتضيف د.دشاش: تَمّ عقد ورشة عمل لتقييم الامتحان الموحّد، ووضع توصية لطباعة كتيّبات مرجعيّة لكل اختصاص، وأنّ بعض الجامعات طالبت طلابها بهذه الكتيّبات وبعضها من الحكومية تغاضت عن طلبها، ولدينا إحصائيّات تدل على أنّ طلاب الجامعات الخاصّة يستحوذون على هذه الكتيبات أكثر من طلاب الحكوميّة، وهذا ما يفسّر حصول طلاب الخاصة على علامات أعلى، والسّبب أنّ الجامعات الحكوميّة مثقلة بأعباء الأعداد الكبيرة الوافدة بسبب الأزمة من جامعات الفرات وحلب، ما زاد الأعباء التّدريسية على كاهلها، بينما الأعداد في الخاصة بين 60 و 100 طالب، وبالتالي فإنّ الأخيرة تتعب على التّدريب السريري لطلابها وحلقات البحث أكثر من الحكومية، وحسب قولها أن هذا ليس تحيّزا للخاصة بل هذا هو واقع الحال.
الامتحان مؤتمت
وحول الظّلم في النتائج قالت: الامتحان مؤتمت وبالتّالي لا يوجد ظلم في النّتائج، ولدينا إحصائيات تؤكّد أنّ الأوائل في الامتحان الموحّد هم أنفسهم الأوائل في البورد الأميركي، كما أنّ معظمهم من الأوائل في البكالوريا، نافيةً وجود تكرار في الأسئلة.
مضيفةً انه يوجد كتيّبات للطّب البشري في اختصاصات: الباطنية والأطفال والعينية والنّسائيّة، وهي ترجمة لأمّهات الكتب وكتيّبات للصّيدلة وهندسة المعلومات ، وفي العمارة وطب الأسنان قيد الإنجاز، علماً بأنّ من يقوم بسنّ مشروعات القوانين الجامعيّة، هو مجلس التعليم العالي، وفيه ممثلون عن الجامعات الحكومية والخاصة، ويضم ممثلين عن الجامعات الحكومية والخاصة كافّةً، وتشير لعدم وجود ممثّل عن المركز الذي طوّر 8 طرائق قياس، ويعاني من نقص في الكوادر مع أنّ الدّولة قدّمت كلّ الدعم اللازم، ولكن هناك نقص في مهندسي المعلوماتيّة ، والمركز بحاجة لحراك وثقافة مجتمعيّة، فالنّاس مازالت تناقش تفاصيل من قبيل استمرارية الامتحان، ولا يناقشون التّطورات العالمية في هذا الميدان.
وحول الفرق بين علامات الجامعات الخاصّة والعامّة ؛ تقول: إنّ الفرق بين مدخلات الجامعات الخاصّة والحكوميّة لا تتجاوز 5 او 10 علامات، وهذا ليس مؤشّراً، والأيام والحقائق ستثبت هذا الشّيء، فلا يجوز التّنمر على طلاب الخاصّة، حيث تصدر النتائج، ونجري تحاليل إحصائيّة نعطي نسب النّجاح والمتوسط الحسابي والانحراف المعياري، وأعلى علامة وأدنى علامة لكلّ جامعة، ونحلّل نسب الإجابات على كلّ سؤال امتحاني، ونقدّمها لوزير التعليم العالي الذي يصادق عليها قبل صدورها.
جهة رقابيّة حياديّة
وردّاً على مطلب بعض الأساتذة بأن يتم التّقدم للامتحان عدة مرات، وبعدها إمّا يتمّ فصل الطالب او إخضاعه لدورات ، تجيب مديرة المركز: في الطبّ البشري مسموح التقدم لـ 4 دورات، وبعدها تتمّ إعادته في حال الرّسوب للسّنة السّادسة، ونحن نقدّم بيانات للكليّات ومجلس التّعليم العالي، وهم أصحاب القرار في هذا الشّأن، كما أننا نعمل وفق منهج المشاركة والتّشاركيّة، وليس وفق منطق الإملاءات والأوامر، ونعمل كجهة رقابيّة حياديّة مستقلّة إداريّاً وماليّاً هاجسها الارتقاء بمستوى التّعليم العالي، والمساهمة مع الجامعات في رفع السّوية العلميّة لخريجيها.

وتشير دشاش إلى استياء بعض العمداء الجدد وتقول: يتّهموننا بأنّنا نؤثر سلباً في تخريج الطلاب، ولا ننفكّ نذكّرهم بأنّ هناك جهة تدعى الفيدرالية العالميّة للتّعليم الطّبي تقوم بسؤالنا عن رأينا، وتطلب منّا بيانات عن التّدريب السّريري لبعض الجامعات ونجيب طلباتهم بمصداقية، فعند سؤالهم لنا عن جامعة الفرات كان الجواب: لا يوجد تدريب سريري فيها وقدّمنا لهم الوثائق المطلوبة، وكان هناك كلية الطب في حماه وطرطوس والأندلس غير منضوية في قاعدة البيانات الفيدراليّة الطبيّة وتمّ إدخالها بموجب طلبنا وبياناتنا.
لا واسطة ولا أسئلة مسربة
أكدّت د. دشاش أنّ ما أشيع عن تسريب لأسئلة الامتحان الموحّد للصّيدلة، عارٍ عن الصّحة ومعظم الأسئلة كانت من مقرّر الصّيدلة الذي تلتزم به الجامعات الخاصّة، بينما لا تلتزم به الحكومية، وهذا يفسّر ارتفاع المعدّلات الخاصّة أكثر من الحكومية، ويتمّ تنفيذ الامتحانات في مقرات الجامعات الحكومية حصراً، والإحصائيات تؤكد أنّ نسبة الطّلاب الذين يستحوذون على الكتاب بالخاصّة أكبر من الحكوميّة ، ولابدّ من الإشارة هنا إلى أنّه لم يتمّ التّجاوب مع أية وساطات على الإطلاق.
خطط قيد التنفيذ
وتكشف مديرة المركز أنّ ثمّة خططاً للامتحانات الوطنيّة المحوسبة قيد التنفيذ، وهي تتيح للطّالب الدّخول إلى الامتحان عندما يكون جاهزاً وتصدر النتيجة فوراً، وتوفّر أحبار وورقيّات ونقل بين المحافظات والمراقبين وتلغي هامش الفساد المحتمل، وتُمكّن من سبر المعرفة، ونستطيع من خلالها تشخيص مرض من خلال عرض صورة، أو سماع دقات قلب، وقد صمّمنا هذا “السوفت وير” وتمّ تطبيقه كنموذج على امتحان هندسة المعلوماتية الموحّد ، ولكن لم نستطع تكرارها لأنّنا بحاجة الى كوادر للنهوض على مستوى الدّعم التّقني وأمن الشّبكات وضبط البرمجيات!
وأضافت: تمكّنا من الحصول على قطعة أرض في حماه وحلب، وأنجزنا الدّراسة لبناء مقرّات للامتحانات المحوسبة وستنفذها وزارة الأشغال العامة، ويتمّ التّشبيك مع الجامعة الافتراضية من خلال مراكز النّفاذ في دبي وبيروت وعمان والسعودية والسودان وأربيل وتركيا وفيينا وألمانيا.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تكليف البيسري بـ«ترحيل» السجناء السوريين

بعد وقت طويل من الركود وعدم تنفيذ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وعده، قبل عام تماماً، بالقيام بزيارةٍ رسميّة لسوريا للتنسيق في شأن ملف ...