آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب الأسبوع » «حكايات حارة المؤيد- الجن والعاشقات»… شريط جديد من الأدب يحاكي وقائع مدينة دمشق ومنعطفات تاريخها

«حكايات حارة المؤيد- الجن والعاشقات»… شريط جديد من الأدب يحاكي وقائع مدينة دمشق ومنعطفات تاريخها

| مايا سلامي

صدر عن وزارة الثقافة- الهيئة العامة للكتاب رواية بعنوان «حكايات حارة المؤيد- الجن والعاشقات»، تأليف الكاتب عماد ندّاف، تقع في 349 صفحة من القطع الكبير، وتجري أحداث الرواية في حارة قديمة من حارات منطقة الجسر الأبيض التي تقع في الطريق إلى قمة جبل قاسيون وفي زمنين متقاربين وأسلوبين مختلفين، الأول يحكي فيه عن أحداث عاشتها دمشق في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ويستخدم فيه لغة الهذيان في استرجاع الأحداث والشخصيات، والثاني سردي واقعي يعيد فيه صياغة الهذيان على نحو منطقي. ويمكن اعتبار هذه الرواية بأسلوبها الجديد ولغتها السحرية شريطاً جديداً من أشرطة الأدب الشفاف الذي يحاكي وقائع هذه المدينة التاريخية العظيمة ومنعطفات تاريخها، حيث يتابع فيها الأديب ندّاف كتاباته عن مدينة دمشق وكأنه يؤسس لمشروع متكامل عن مدينة يحبها ويعشق خفاياها، فبعد حكاياته المخفية في شقوق جدران دمشق التي جمعها بعنوان «اذكريني دائماً» الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب، ينشر اليوم «حكايات حارة المؤيد» من خلال عنوان سحري يجمعها هو «الجن والعاشقات».

كما بنيت أحداث هذه الرواية على قصر مسكون بالجن يفتح على كل التفاصيل المتعلقة بحارة المؤيد العظم الشهيرة التي كانت من ضمن حارات الجسر الأبيض القديمة ويجاورها بيت الرئيس الراحل شكري القوتلي في الشارع المعروف بجادة الرئيس وفي عام 1970 مسحها التنظيم وشيدت أبنية حديثة مكانها.

ربيع حارة المؤيد

وبأسلوب شيّق وساحر يأخذك الكاتب في رحلة ملؤها عبق الياسمين الدمشقي في وصفه حارة المؤيد وبيوتها وسكانها، التي تبدأ من عتبة صغيرة يفصل بينها وبين ساحة الجسر الأبيض رصيف واسع ومن هذا الرصيف تتفرع حارتان صغيرتان واحدة تتجه شرقاً فتتصل بحارات قبة الميسات، والثانية هي حارة المؤيد نفسها، فيقول: « حارة المؤيد تشبه زقاقاً طويلاً تدخل فيه ولا يمكنك الخروج من نهايته فهناك في نهايته سيواجهك بابان هما بيت أبو صلاح البوشي وبيت الشيخ عبده الخرسا، ولكي تخرج منه لابد لك من العودة إلى مدخل الحارة الأساسي وفي رحلة الذهاب والإياب تواجهك أزهار الياسمين البيضاء وهي تطل من أسطحة البيوت وكأنها ترتمي على الحارة فتثير فيها رائحة ساحرة».

ويذكر أن الربيع كان يزين بيوت الحارة من الداخل ومن يدخل الحارة يفاجأ بالجو العطر الذي فيها، فروائح الأزهار في الربيع تتسلل من كل بيت وكأنها جزء من سوق العطارين الذي يجاور سوق الحميدية قرب الجامع الأموي لتجد نفسك أمام خليط غرائبي سحري من روائح العطر الأخاذ الذي يفوح من أزهار الأحواض التي تتوزع قي كل بيت وأزهار الأصص الفخارية التي تزين الأدراج والشرفات.

حالة احتفالية

ويكشف المؤلف في هذه الرواية عن الكثير من الأحداث التاريخية التي شهدتها دمشق وترسخت في ذاكرته وكان من بينها الاحتفالات الكبرى التي جالت في شوارع وحارات الشام إثر خبر ذاع صيطه في ذلك الوقت مفاده أن الرئيس شكري بك القوتلي سكن حارة من حارات الجسر الأبيض فابتهجت الحارات القريبة وشارك الكبار والصغار بعراضات كانت تأتي إلى الجسر وترفع هتافات جميلة، وهنا يبين ندّاف «على مدار أسبوع أو أكثر تعالت هتافات عراضات متتالية من أكثر من جهة من جهات الشام، كانت العراضة تبدأ في تجمع قليل من الأشخاص يصبح نواة لعراضة أكبر فتشق طريقها وبين شارع وشارع ينضم إليها آخرون. تبدأ صغيرة وتنتهي كبيرة لا يعوق مسيرها أحد، ورجال الشرطة لا يخافون منها بل كانوا يخافون عليها، يوقفون السير من أجلها وأحياناً تردد الشعارات نفسها التي تتعالى من قلبها».

وينوه إلى أن هذه الحالة الاحتفالية جذبت الجميع وحركت بين الناس حواراً واسعاً حول الأحداث التي تمر بها البلاد بعد الاستقلال حيث كانت مستجدات الانقلابات تشغلهم لكن عودة القوتلي حركت أشياء قديمة وتوالدت موضوعات جديدة لأحاديث الناس كالموقف من شكري بك ومن خصومه ومن التطورات التي تحكي عنها الصحف وخاصة الوحدة ورفض المشاريع الغربية والأحلاف.

عودة الحجاج

وبمزيد من القصص الواقعية التي جرت في «حارة المؤيد» يوثق الكاتب بعضاً من العادات الدمشقية الأصيلة ومن بينها الاحتفالات بعودة الحجاج موضحاً ذلك بالحديث عن عودة سعيد العطري وناظم الإيتوني من الحج المبارك وحالة الفرح الكبرى التي عاشها كل أهالي الحي آنذاك، فيذكر: «تزينت حارة المؤيد لاستقبال الحجيج العائد من السعودية. انشغل الكبار والصغار في زينتها ونصبت على مدخلها الوحيد وعند عتبتها أقواس خشبية تم تجميعها لتشكل قاعدة قوية ومتينة وعلى هذه القاعدة تم تركيب عوارض خشبية ثم جمعت أغصان كثيرة من أشجار الصفصاف والكينا ورميت فوق تلك القواعد فتشكلت قبة من الأغصان وعلى جانبي القاعدة علقت سجادتان عجميتان كبيرتان بحجم المدخل».

وكشف ندّاف أنه في عودة الحجيج تحولت حارة المؤيد إلى مركز استقطاب كبير فجاءها مهنئون من المهاجرين والميدان والشاغور والعمارة وركن الدين، وفاحت روائح المسك والبخور في أرجاء الحارة، وتمنى كثيرون لو تبقى حارة المؤيد على هذه الحال أبد الدهر!

 

سيرياهوم نيوز3 – الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“فلسطين قضية وطنية”.. كتاب يصون ذاكرة المغاربة في دعم فلسطين

“دار الملتقى” في المغرب تصدر كتاب “فلسطين.. قضية وطنية”، الذي يوثّق كتابات ومواقف أعلام مغربية من فلسطين والقضية الفلسطينية.   صدر حديثاً عن “دار الملتقى” ...