آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » عندما لايكون للحماقة حدود….

عندما لايكون للحماقة حدود….

بقلم:باسل الخطيب

لاأعرف أي نوع من الحمقى يحكم أغلب الدول الأوروبية، اعتقادي أنهم من نوع الأمعات الحمقى…. ليتوانيا دولة ضعيفة وصغيرة جداً، لاتكاد تزيد عن صالون وغرفتين ومنافعهما، وأكاد أجزم أن فرقة كشافة روسية قادرة على احتلالها خلال 24 ساعة…. ليتوانيا هذه تقوم بإغلاق ممر سوالكي الذي يربط مابين روسيا في الشرق وإقليم كالينغراد الروسي في الغرب . لاحظوا سخافة التبرير الذي قدمته ليتوانيا، أنها تفعل ذلك تنفيذاً للعقوبات الأوروبية ضد روسيا فيما خص توريد البضائع والسلع الروسية، وكان هذه البضائع تنتقل من دولة لأخرى…. تدرك روسيا أن هذا القرار ليس قراراً ذاتياً من ليتوانيا، وليس حتى قراراً اوروبياً، إنما هو قرار امريكي بحت، في سياق المسعى الأمريكي لاستنزاف روسيا عبر فتح جبهة جديدة عليها….. بالعودة إلى التاريخ، خضع إقليم كالينغراد قبل ثمان قرون لسيطرة القبائل البروسية الألمانية في القرن الثالث عشر، وذلك عندما وصل فرسان اخوية التيوتون الألمانية عام 1226 إلى أراضي جنوب شرق البلطيق، وقهروا السكان الأصليين، وبنوا قلعة على ضفة نهر بريجل ، أطلقوا عليها اسم كونيغسبورغ، أي جبل الملك، وتدريجياً ظهرت ثلاث مدن صغيرة اندمجت لاحقاً عام 1724 في مدينة واحدة تحمل اسم كونيغسبورغ…. في عام 1756 سيطرت القوات الروسية على المدينة خلال حرب السنوات السبع مع بروسيا، ولكنها عادت إلى التاج الألماني عام 1762، وصارت جزءًا مما كان يسمى بروسيا الشرقية…. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية سيطرت القوات السوفييتية على المدينة في نيسان 1945، ومن ثم أحيل القسم الشرقي من بروسيا الشرقية إلى سيطرة الاتحاد السوفييتي بموجب قرار من مؤتمر بوتسدام… غير السوفييت اسم المدينة إلى كالينغراد صيف عام 1946، وصارت جزءًا من روسيا، ومع استقلال دول البلطيق وتفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991 صارت مقاطعة كالينغراد وكأنها جزيرة معزولة يفصل بينها وبين روسيا جمهورية ليتوانيا…. لطالما شكلت كالينغراد حجر الزاوية في الاستراتيجية العسكرية السوفييتية والروسية على حد سواء في مواجهة حلف الناتو، كالينغراد بكل بساطة هي قاعدة عسكرية روسية عائمة، ومركز جيوسياسي يكاد يقارب راس حرب لروسيا في مواجهة الناتو، عدا عن ذلك هي الميناء الروسي الوحيد شمالاً الذي لايتجمد في الشتاء، ومنه تستطيع روسيا أن تسيطر على بحر البلطيق وصولاً إلى الدانمارك…. اتفاقية الشراكة والتعاون مابين روسيا والاتحاد الأوروبي لعام 1994 هي من نظمت العلاقة مابين روسيا وليتوانيا فيما خص الاقليم، وتقضي بإبقاء ممر سوالكي مفتوحاً مع عدم جواز حصار الاقليم. مع اشتداد المواجهة في أوكرانيا زادت أهمية الاقليم أكثر، لذلك قامت روسيا بنشر منظومات الدفاع الجوي S 400 وصواريخ اسكندر-ام الباليستية التي تطال كل أوروبا على أراضيه… نعود إلى ما قلناه أعلاه، أن قرار إغلاق المعبر هو قرار امريكي، وقد امهلت روسيا الغرب بعض الوقت لكي يجبر ليتوانيا لتعود عن قرارها، ومن جهة أخرى أطلقت روسيا وعلى أعلى المستويات تهديدات شديدة اللهجة پانه سيكون لها إجراءات رادعة غير متوقعة…. سؤالنا هو التالي، هل يذهب الروس إلى الحرب ضد ليتوانيا أن اضطروا لذلك؟….. جوابنا هو نعم، ويذهبون لهذه الحرب كالحرب الأوكرانية أنها حرب الإجبار وليست حرب الاختيار… لطالما تساءلنا لماذا وضعت روسيا قواتها النووية في حالة تأهب قصوى منذ الأيام الأولى للحرب في اوكرانيا، ولماذا ظهر الرئيس الروسي بوتين على التلفزيون وبجانبه الحقيبة النووية والزر النووي؟؟… مايحصل الان بين روسيا والغرب ليس معركة كسر عظم، إنما حرب كسر إرادات وفرض ارادات، وفي حروب الإرادات لايوجد تعادل، حروب الإرادات لاتنتهي بتبويس اللحى، يدرك الروس أن دول الناتو مجتمعة تتفوق عليهم في كل المجالات العسكرية والتعبوية، ويتفوق الروس في مجالين فقط، عدد الرؤوس النووية والقدرات الصاروخية، و يعي الروس جيداً أنهم لايمكن أن يخسروا هذا الصراع، هذا يعني بالنسبة لهم نهايتهم كدولة وكجغرافيا وكدور، وليس بعيداً إن خسر الروس هذه الحرب أن تتفكك الدولة الروسية، ويدرك الغرب جيداً خطورة بوادر خسارة روسيا للحرب، أنها لن تتردد في استعمال أقصى قوتها لكي لاتخسر، حتى ولو اضطرت لاستعمال السلاح النووي…. الصراع أبعد من أن يكون مجرد عض اصابع، الخاسر فيه هو من يصرخ اولاً، الجميع يصرخ الآن، وسيصرخون لاحقاً أكثر وبصوت أعلى، وبعض الصراخ يختلف عن بعضه، أكاد أجزم إن استمر حصار كالينغراد أن الروس سيجتاحون ليتوانيا، ولكن ليتوانيا دولة عضو في حلف الناتو، وحسب المادة الخامسة من ميثاق الحلف، فإن على دول الحلف كلها أن تهرع لحماية أي دولة ضمنه تتعرض للاعتداء، ولكني أعتقد جازماً أن دول الحلف الرئيسية أي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا أجبن من أن تتدخل لحماية ليتوانيا، وسيحكمون في ذلك بعض بقايا المنطق الذي يمتلكون، ولن يضحوا بجنودهم في سبيل دولة كليتوانيا، وهذا على فكرة سيكون القشة التي ستقصم ظهر الناتو…. لدينا في موروثنا الشعبي المثل التالي “على نفسها جنت براقش”، هذا ما قلناه عن أوكرانيا ، وقد نقوله عن ليتوانيا، وبراقش على فكرة لم تكن إلا كلبة، وهل ينظر ذاك الغرب العنصري إلى أوكرانيا و ليتوانيا بغير هذا الشكل، على فكرة هناك اغنية روسية شهيرة عنوانها إياكم أن تتحاربوا مع الروس، انصح أولئك الأمعات الذين يحكمون الدول الاوروبية، بدءًا من ماكرون وجونسون وصولاً لزيلينسكي و أن يستمعوا لها…. في الختام هل تعرفون ما معنى كلمة غراد باللغة الروسية؟.. ترجمة هذه الكلمة باللغة الروسية القديمة هو مدينة، ولطالما ارتبطت المعارك الفاصلة في تاريخ روسيا بأسماء مدن تنتهي باللاحقة غراد، في الحرب العالمية الثانية التي يسميها الروس الحرب الوطنية العظمى، كانت معركتي لينينغراد (سانت بطرسبورغ) وستالينغراد المعركتين الأكبر والفاصلتين في مواجهة القوات النازية الألمانىة الغازية، تعرضت لينينغراد لحصار دام أكثر من 1000يوم ولم تسقط ولم تستسلم،وقاتل الروس على خراب ستالينغراد بعد أن استحالت كلها خراباً ولم يستسلموا وانتصروا في النهاية. أنصحكم بالإستماع لأغنية لاتتحاربوا مع الروس…..

(سيرياهوم نيوز6-خاص بالموقع23-6-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا تصدّقوهم

محمود عبد الحكيم   أناس يظهرون على الشاشات لترديد محفوظات وقوالب عن دعم الفلسطينيين، ويشيرون عادةً إلى ثبات وتاريخية موقف مصر هذا، متشنّجين برفض أي ...