الرئيسية » ثقافة وفن » «كونتراست» رحلة مع الضوء والروح والجسد … أدهم سفر: العرض تفاعلي ويعد الأول من نوعه في سورية وربما عربياً

«كونتراست» رحلة مع الضوء والروح والجسد … أدهم سفر: العرض تفاعلي ويعد الأول من نوعه في سورية وربما عربياً

مصعب أيوب

 

شعور من الدهشة ينتابك عند دخولك إلى القاعة المتعددة الاستعمالات في دار الأسد للثقافة والفنون لترى الامتزاج الساحر بين الضوء والصورة والموسيقا الذي يأسرك ويستحوذ على شعورك ويشد انتباهك في تراقص الأضواء مع الموسيقا وتموجاتها. «كونتراست» عرض مسرحي بصري سمعي حركي جديد من نوعه يقدمه المخرج أدهم سفر هذه الأيام، وهو الذي عودنا دائماً على التجديد والاختلاف والحداثة ليشكل بهذا العرض واحداً من مشاريعه المتعددة والمتنوعة التي تبشر بولادة فن جديد، ويغير نمط التعبير عن آلامنا والقضايا المحيطة بنا بأسلوب حركي ويبقيك متيقظاً طوال العرض.

 

تجانس فريد

 

يفتتح أدهم سفر حديثه عن «كونتراست» بأنه التضاد الذي نعيشه دائماً في حياتنا، فهناك تناقض بين المرئي واللامرئي يمسك بيدنا في جولة بين الخيال والواقع، وهو يعبر عما يرتبط بالظرف المعيشي والمادي، فالماء مثلاً هو حياة وموت ونحن نقع دائماً بين خيارين، وكثيراً ما نرى الأمور بشكل مختلف عما تصل به إلينا، فحاولنا إيصال فكرة رمزية تعبر عن كل ما نمر به في حياتنا بطريقة ضوئية سمعية بصرية وحركية، فالعنصر البصري يؤدي دوراً أساسياً في العرض ويشكل تجانساً فريداً مع النص والعناصر الأخرى، وبالتالي غياب هذه العناصر وتجانسها بين بعضها البعض يلغي موضوع العرض.

 

تحضيرات مسبقة

 

يدرك مخرج «كاستنج» أهمية عرضه بعد ما مرت به سورية خلال الأزمة بأنها لا تعد عائقاً في وجه الإبداع أو مسوغاً للتراخي أو التوقف عن العمل والتأجيل، فيجيب عن سؤالنا حول فكرة العرض والتحضيرات التي سبقته: المجموعة التي شاركت في العرض هي عدد من الأصدقاء من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية أو طلابه من جميع الأقسام ومنهم طلاب قسم التقنيات المسرحية وقسم الفنون السمعية البصرية أو الضوئية، الصوتية وقد اتفقنا وقررنا إجراء هذه التجربة وعملنا على التحضيرات وما إلى ذلك منذ قرابة الأربعة أشهر وخضنا تجارب كثيرة واختبارات عديدة لكي نصل إلى تقديم عرض بصورة مرضية.

 

عرض تفاعلي

 

وتابع: هذه التجربة فعلاً هي خلاصة مختبر بين مجموعة من الشباب الشغوفين بهذا النوع من الفن، الفنون السمعية البصرية الحركية « audio visual art performance» وهذه التسمية العالمية التي تطلق على هذا النوع من العروض، وأنا أتوقع أنه لم يطرح مثل عرض كهذا مسبقاً في سورية أو حتى عربياً، فهو عرض تفاعلي وكل عناصره متفاعلة بين بعضها البعض سواء مع الموسيقي أم الراقص أو المغني أو المؤدي بشكل مباشر، ليمثل الشغف الذي يحمله هؤلاء الشباب.

 

عرض فضائي

 

من ناحيته الفنان جهاد سعد أوضح أن هذا العمل يعد الأول من نوعه ليس في سورية فقط بل في الوطن العربي أيضاً، فهو عرض متميز وفريد من نوعه وبالطبع سيكون ذا حضور ساحر في أي مكان من العالم بحيادية وموضوعية، وهذا عرض بصري مستقبلي وفضائي يتجسد في علاقة الإنسان بالوجود والحرية والزمان والمكان وكيف فعلت الحرب بالأجساد وحولتها إلى شظايا مبعثرة ومتناثرة.

 

كما أشار سعد إلى أنه دائماً بعد أي حرب هناك فن جديد ورؤى حديثة وفريدة وولادة من نوع آخر وطاقة متجددة ننتظرها دائماً بفارغ الصبر، والعرض الذي شاهدناه اليوم يؤكد أن الحرب القاسية على سورية فجرت طاقات شبابية متنوعة ومتعددة ومنها في الرقص والإضاءة والسينوغراف والكثير من الاختصاصات، فهذا فن معاصر يمكن أن يعرض في أي مكان من العالم بكل سهولة ويكون ذا طابع متميز وخاص.

 

ونوه بأنه من خلال أسفاره ورحلاته وتنقلاته في بلدان متفرقة حول العالم يشاهد عروضاً كثيرة متنوعة ومشابهة ومقاربة لهذا النوع من العروض، وهذا العرض اليوم يستمد خصوصيته من روحنا السورية ومن معاناتنا ومما عايشناه وعانيناه، مؤكداً أنه لم يأتِ من فراغ.

 

طاقات متفجرة

 

ولفت إلى أن العرض فيه جسد وفيه طاقة إنسانية تسعى من خلال الفراغ لإعطاء معنى للحياة لكون الرقص ليس رقصاً وحسب، إنما الرقص له لغة معينة والضوء له لغة والبعد الرابع الذي شاهدناه على المسرح هو الزمن الذي ينقلنا لأي زمان وأي مكان، فيقول: (أنا أعرف جيداً من يكون أدهم سفر وعلى اطلاع على أعماله ونشاطه وشاهدت الكثير منها، واللافت هذه المرة هو الطاقات المتفجرة التي أتمنى على جيل الشباب المبدع في سورية أن يخلق ويبدع كل ما هو جديد ويبتعد عن كل المعايير القديمة، لأن المسرح جنون، وجنون الفكرة هو الإبداع والمغامرة، واليوم شاهدنا مغامرة مسرحية محترمة مدروسة متقنة وبُذل من أجلها مجهود كبير جداً وإلا لما كنّا قد شاهدنا هذا العرض المبهر).

 

روح جديدة

 

وأفاد سعد بأنه من ناحية التقنيات نشاهد شيئاً حديثاً ومتطوراً وليس جديداً في سورية فقط إنما في الوطن العربي كله، وهو موازٍ لأي تجربة حديثة سمعية بصرية وحركية لأي مكان في العالم، متمنياً على فريق العمل التألق والمزيد من النجاح وحدوث مثل هذه الطفرات والروح الجديدة في المسرح لكي نخرج من دائرة النمطية والنموذج التقليدي والكلاسيكي العقيمة التي عانينا منها كثيراً لكي يبزغ نور الجيل الجديد والعطاء المتجدد، مبيناً أنه متفائل كثيراً بأن هذا الجيل من راقصين ومؤدي المشاهد وكل عناصر العرض المسرحي سيقدم الكثير والمذهل والفريد الذي سينال إعجاب معظم محبي ومتذوقي الفن.

 

تجربة ممتعة

 

طالبة السنة الرابعة في المعهد العالي للفنون المسرحية ماريا إسماعيل لفتت إلى أن مشاركتها في هذا العرض الذي هو الأول من نوعه والذي يستخدم تقنيات حديثة ومتميزة وساحرة يشكل لها سعادة كبيرة، ووصفت التعب والمجهود الكبير والتحضيرات التي استمرت لعدة أشهر والذي قدمته برفقة زملائها أثمر وبدت نتائجه واضحة من خلال ردّات أفعال الحضور، فكانت تجربة ممتعة بمساعدة فريق العمل الذين أتقدم لهم بالشكر الجزيل وعلى رأسهم المخرج أدهم سفر، فقدمنا ما بوسعنا ونأمل أن نحظى بقبول الجمهور الذي هو أساس النجاح.

 

ويستمر (كونتراست) حتى ٢٤ كانون الأول في عرض أول عند الخامسة والسابعة مساءً.

 

سيرياهوم نيوز1-الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مثّل سورية في عدد من المهرجانات الفنية … وضاح إسماعيل الصوت الأصيل لوّح مودعاً.. بعد صراع طويل مع المرض

مصعب أيوب   رحل عن عالمنا صباح يوم الخميس 16 أيار الجاري الفنان السوري وضاح إسماعيل بعد صراع مع المرض، وقد نعته نقابة الفنانين والأوساط ...