آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » وفي شهر آذار نمتدّ في الأرض

وفي شهر آذار نمتدّ في الأرض

يمن سليمان عباس:

قد تكون ثقافة الخوف من الشتاء متوارثة مما في الأمثال الشعبية عن البرد والثلج, وما يتركه من أثر على العجزة والشيوخ, واليوم يضاف إليها الكثير من المعاناة, لكن شغف الحياة
ودورة الأرض وتفتح شرايين الماء في كل شيء تقلب المعادلة تماماً, تراثنا العربي ولا سيما في سورية الثر والغني بكل الثنائيات, كما هو ثر بالحديث عن الموت وما يفعله الشتاء, هو أكثر خصباً مع بدايات وطلائع فصل الربيع, واليوم ونحن نستعد للفصل مع بدايات آذار الذي يقول عنه القدماء؛ شهر الأمطار وتفتح الأزهار وقدرة الأرض على استعادة ما هطل من السماء, حري بنا أن نعيش الامل, في شهر الأعياد نحتفي بالخصب, واقعاً وحياة وأساطير جميلة, وطبيعة لابد أنها ستبوح بأسرارها كما قال محمود درويش:
وفي شهر آذار نمتدّ في الأرض
في شهر آذار تنتشرُ الأرض فينا
مواعيد غامضةً
واحتفالاً بسيطاً
ونكتشف البحر تحت النوافذ
والقمر الليلكي على السرو
في شهر آذار ندخلُ أوّل سجنٍ وندخلُ أوّل حبّ
وتنهمرُ الذكريات على قرية في السياج
وُلدنا هناك ولم نتجاوز ظلال السفرجل
كيف تفرّين من سُبُلي يا ظلال السفرجل؟
في شهر آذار ندخلُ أوّل حبٍّ
وندخلُ أوّل سجنٍ
وتنبلجُ الذكريات عشاءً من اللغة العربية:
قال لي الحبّ يوماً: دخلت إلى الحلم وحدي فضعتُ وضاع بي الحلم. قلت تكاثرْ!
تر النهر يمشي إليك.
وفي شهر آذار تكتشف الأرض أنهارها.
وفي شهر آذار، ربيع الأرض السورية وزهر اللوز , في آذار البساط الأبيض الذي يمتد من ثنايا القلب إلى القلب, ومن أعماق الأرض ليعانق نسمات السماء الزاخرة بأريج كل شجرة يقول درويش:
لوصفِ زهرِ اللوز، لا موسوعةُ الأزهارِ
تسعفني، ولا القاموسُ يسعفني…
سيخطفني الكلامُ إلى أحابيلِ البلاغةِ
والبلاغةُ تجرحُ المعنى وتمدحُ جرحه،
كمذكَّرٍ يملي على الأنثى مشاعرها
فكيفَ يشعُّ زهرُ اللوز في لغتي أنا
وأنا الصدى؟
وهو الشفيفُ كضحكةٍ مائيةٍ نبتتْ
على الأغصانِ من خفرِ النَّدى…
وهو الخفيفُ كجملةٍ بيضاءَ موسيقيةٍ…
وهو الضعيفُ كلمحِ خاطرةٍ
تطلُّ على أصابِعنا
ونكتبُها سُدى
وهو الكثيفُ كبيتِ شعرٍ لا يدوَّن
بالحروف
لوصفِ زهرِ اللوز تلزمني زياراتٌ إلى
الَّلاوعي ترشدني إلى أسماءِ عاطفةٍ
معلقةٍ على الجدران. ما اسمه؟
ما اسمُ هذا الشيء في شعريةِ الَّلاشيء؟
يلزمني اختراقُ الجاذبيةِ والكلام،
لكي أحسَّ بخفةِ الكلماتْ حين تصير
طيفاً هامساً فأكونها وتكونني
شفافةً بيضاء
لا وطنٌ ولا منفى هي الكلمات،
بل ولعُ البياضِ بوصفِ زهرِ الَّلوز
لا ثلجٌ ولا قطنٌ فما هو في
تعاليه على الألوان والكلمات
لو نجحَ المؤلف في كتابةِ مقطع ٍ
في وصفِ زهر اللوز، لانحسر الضباب
عن التلال، وقالَ شعبٌ كاملٌ:
هذا هوَ
هذا كلامُ نشيدنا الوطني!

 

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ندوة حوارية حول التراث الثقافي وحقوق الإنسان ضمن فعاليات مشروع الوردة الشامية في سانريمو 2024 بإيطاليا

أقيمت اليوم ندوة حوارية حول التراث الثقافي وحقوق الإنسان خلال عرض الفيلم الوثائقي “قسم سيرياكوس في أول أيام فعاليات “الوردة الشامية في سانريمو 2024” بإيطاليا، والتي ...