عاماً من الهند الحرة المليئة بالإنجازات الهائلة.. بات هذا الأمر ملحوظاً بشكل كبير وكان للبلاد موعد مع القدر لإخراج الإنسانية المستغلة من تقلبات نير الاستعمار وبرزت تحديات رئيسية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وبناء الدولة من خلال التعليم والتنمية الصناعية والقضاء على الفقر والاكتفاء الذاتي من الغذاء في حقبة ضرب فيها الجفاف البلاد لأمة مقسمة من قبل أسياد الاستعمار الذين أجبروا على رفع أغلالهم الاستعمارية من قبل حركات غاندي اللاعنفية.
وكان هذا الأمر صعباً مع تقسيم العالم إلى خصوم الحرب الباردة وتكتلات سياسية لم يكن بإمكان الهند المشاركة فيها ولم تقف الهند بل ساعدت في تحرير عدد كبير من الدول المستعمرة وخلقت طريقا ثالثاً بقوة أكثر إنصافاً بشكل “حركة عدم الانحياز” لخدمة المصلحة الوطنية وقضية السلام والتنمية خاصة للعالم النامي والمتخلف وأصبحت نصيرة لحقوق المظلومين في المحافل الدولية أثناء قيامها بالتزاماتها بصفتها جهة فاعلة دولية مسؤولة وصوتاً للعقل.
وساهمت الهند قبل ظهور القوى الاستعمارية في أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي الذي انخفض إلى أقل من 4 بالمئة عند المغادرة مع صناعة منهارة ونظام إداري كان موجهاً لخدمة مصالح السادة الاستعماريين.
وخلال العقود السبعة الماضية قامت الهند بترتيب ثورات خضراء وصفراء وبيضاء مع التحديث المستمر للتكنولوجيا في مجالات الزراعة والأغذية ليس فقط لتلبية طلب عدد السكان المتزايد بل ظهرت أيضاً كمصدر ومساعد للعالم.
وبرزت الهند أيضاً كقوة نووية وفضائية ذات مصداقية في العالم بوجود أدوات تستخدمها من أجل الصالح العالمي.
وأكد رئيس الوزراء ناريندرا مودي في حديث له أثناء افتتاح فعاليات رفع الستار عن مهرجان (ازادي كا امريت ماهوتساف) للاحتفال بمرور 75 عاماً على استقلال الهند مجدداً على الفخر بالدستور والتقاليد الديمقراطية.. الهند أم الديمقراطية ولا تزال تمضي قدماً بذلك من خلال تعزيز الديمقراطية.. والهند الغنية بالمعرفة والعلوم تترك بصماتها من المريخ إلى القمر.. واليوم بات النظام البيئي للشركات الناشئة في الهند مركزاً للجذب في العالم.. اليوم تخرج الهند من الظلام لتلبية تطلعات أكثر من 1.3 مليار شخص.
ولدى الهند أكبر عدد من الشباب الطموحين واقتصاد السوق الأسرع نمواً والمستعد لتلبية احتياجات الأشخاص الذين تجاوزوا المليار والذين يفخرون بالهند.
وكنتيجة لمبادرات لا حصر لها من قبل الحكومة الحالية تم الاستغناء عن مئات القوانين القديمة وارتفع تصنيف الهند العالمي لممارسة أعمال مع الهند بشكل ملحوظ مع وجود المزيد من الأعمال التي يتعين القيام بها.
وأصبحت الهند وجهة استثمارية مفضلة حيث حصلت على أعلى تدفق سنوي للاستثمار الأجنبي المباشر والذي بلغ 83.57 مليار دولار في السنة المالية 2021-2022 على الرغم من الوباء.
وأصبحت برامج الكمبيوتر والأجهزة هي القطاع المتلقي الأول لتدفق حقوق الملكية الأجنبية المباشرة بنسبة 25 بالمئة ما يشير إلى أن الهند تحتل مكانة بارزة بالنسبة للمستثمرين مع انتقال الثورة الصناعية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي إلى مدار أعلى.
كما تفتخر الهند أيضاً بنمو سريع في الشركات التي لا يقل رأسمالها عن المليار دولار عالمياً.
وارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة إلى قطاع التصنيع بنسبة 76 بالمئة خلال السنة المالية 2021-2022 بدعم جيد من إطار السياسة الهندية وخطط (صنع في الهند) والمبادرة المرتبطة بالأداء وهذا إنجاز رائع وشهادة حول المرونة الاقتصادية والسياسية الهندية.
ولأول مرة وصلت الصادرات الهندية من السلع والخدمات إلى أكثر من 600 مليار دولار خلال 2021-2022 على الرغم من المشاكل العالمية وقيود العرض بسبب الوباء والحرب الأوروبية الآسيوية المستثمرة.
ولطالما كانت الهند دولة تجارية وتعمل جاهدة لاستعادة هذا الوضع مرة أخرى وإلى جانب ذلك تركز الهند أيضاً على الاعتماد على الذات مع وجود بصمة عالمية “اتمانيربار بهارات” الهند المعتمدة على نفسها ولا سيما في قطاع التصنيع وأن تكون جزءاً لا يتجزأ من سلاسل القيمة والتوريد البديلة التي تتسم بالمرونة والموثوقية للمصلحة الوطنية والصالح العالمي.
وفي هذا السياق تكتسب مشاركة الهند في مجموعة “I2U2” والرباعية “IPEF” وغيرها من الأطر الموجهة نحو الاتصال الإقليمي تركيزاً متجدداً.
كما أن التحرك القوي لتنفيذ “ممر النقل الشمالي الجنوبي” على وجه السرعة ومشاريع الاتصال الاستراتيجية مثل “شابهار” في إيران إلى أفغانستان وإلى آسيا الوسطى وأوروبا أو شمال شرق الهند إلى ممرات الآسيان وكلها تهدف إلى توفير روابط تجارية واقتصادية مهمة تبرز مركزية الهند في سلاسل التوريد العالمية.
ونظراً لأن الهند ترغب في قيادة الثورة الصناعية التي يقودها الذكاء الاصطناعي فقد أصبحت حملاتها هي السمة المميزة للبصمة الرقيمة الفريدة.. وبعض المبادرات مثل الوصول إلى الانترنت والخدمات المصرفية والدفع المباشر في حسابات لما يقرب من مليار هندي هي التي تغير قواعد اللعبة وتوفر موقع الريادة للهند بين الدول.
وذكر مودي مؤخراً أثناء حديثه في افتتاح أول بورصة للسبائك أن الهند تمثل بالفعل 40 بالمئة من المدفوعات الرقمية العالمية.
وأصبحت السياسة الخارجية للهند أكثر قوة وثقة مع أوراق اعتماد لا تشوبها شائبة حيث تنتهج الدولة سياسة خارجية مدفوعة باستقلالية استراتيجية لدعم مصالحها الوطنية الخاصة التي تتماشى مع الرفاهية العالمية كما أنها ظهرت كصوت للعقل على المسرح العالمي.
وتطالب الهند بمكان في مجلس الأمن الدولي بناء على أوراق اعتمادها وفي الوقت نفسه تواصل الهند لعب دور القيادة العالمية كصوت للبلدان النامية سواء كان ذلك حول حقوق الملكية الفكرية للقاحات أو في مفاوضات منظمة التجارة العالمية بشأن صيد الأسماك والزراعة وإصلاح المؤسسات متعددة الأطراف كما أن الهند تعد في صدارة الجهات التي تحارب تغير المناخ.. وكان “التحالف الدولي للطاقة الشمسية” و”ائتلاف البنية التحتية المقاومة للكوارث” و”صحة كوكب واحد” مبادرات أطلقتها الهند مع المجتمع العالمي ومن أجله حيث ظهرت كأول المستجيبين في حالات الأزمات من الكوارث الطبيعية إلى الجائحة.
ومن خلال التركيز الواضح على التعددية وأسبقية ميثاق الأمم المتحدة تتنقل الهند في سياستها الخارجية والأمنية بكرامة وثقة حيث تعمل مع شركاء متنوعين عبر مجموعات مختلفة مثل الرباعي ومجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة العشرين والإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ حيث باتت محوراً وتوفر لها سياسة الجوار وعلاقاتها نقطة ارتكاز فعالة للشراكات متبادلة المنفعة.
وتساعد الهند في بناء القدرات في إطار “التعاون التقني والاقتصادي الهندي” لأكثر من 160 دولة وشاركت بتوريد الأدوية الأساسية والإمدادات الطبية وإيفاد المهنيين والمسعفين أثناء الوباء ما منحها ثقلاً كقوة مركزية عالمية مسؤولة.
وبرزت الهند كأول مستجيب خلال الأزمات بموقف المشارك والمهتم ما أضاف إلى قوتها التي ترجمت إلى دعم غير مسبوق للهند في المحافل الدولية.
ومع ظهور نظام عالمي جديد من الاضطراب والانتقال فإن الهند أبدت استعدادها لتولي دور قيادي خلال الأعوام الـ 25 المقبلة مع نظام حكم قوي واقتصاد أقوى وسياسة خارجية فعالة تتسم بالقوة موجهة نحو تحقيق نتائج جيدة عالمياً.
سيرياهوم نيوز 1-سانا