آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » لا حرب في سوريا 

لا حرب في سوريا 

 

| نبيه البرجي

 

… الا اذا كان السوريون يريدون أن يأكلوا بعضهم البعض . نقول للذين ما زالوا يستعملون كلمة “ثورة” في وصفهم لما جرى . لا يمكن لثورة أن تقوم على 1200 فصيل مسلح ـ تبعاً لنائب مدير الاستخبارات في البنتاغون ديفيد شيلد ـ بولاءات خارجية شائكة , وفوارق ايديولوجية صارخة ؟ كيف للذي يتحدث عن دولة الحرية , والعدالة , والديمقراطية , أن يكون في خندق واحد مع حملة السواطير بثقافة تورا بورا ؟

من كانوا في الرقة , تحت سلطة مولانا الخليفة , يعرفون كيف كانت تباع المرأة , وهي الملهمة التي يتألق بها القلب البشري , والعقل البشري , في سوق النخاسة . أسوأ بكثير من العودة الى الجاهلية , هنا لا يئدون الأنثى تحت التراب بل يئدونها تحت … الزمن !

ضائقة اقتصادية , ومعيشية , هائلة , دون أن نعلم لماذا التريث قي ضرب مافيات الفساد , ومافيات العهر والقهر (هل حماتها أقوياء الى هذه الدرجة ؟) . بالتأكيد بين المتظاهرين في السويداء أصحاب الصرخات العارية . ولكن بالأسماء ثمة من يحاول , ومثلما حدث في سنوات الحرب , توظيف التظاهرات لأغراض أخرى . في درعا , يتردد علناً أن “الاخوان المسلمين” الذين خرجوا من تركيا وضعوا ظهورهم بتصرف ديفيد بارنياع , رئيس الموساد ..

أولئك الأغبياء الذين يراهنون على المليارات تتدفق عليهم من جديد , تغافلوا عن أن ظروف 2023 غير ظروف 2011 . أنذاك , من تصوروا أنهم بامكاناتهم الضاربة يستطيعون السيطرة على سوريا , بكل عنفوانها , وبكل تاريخها , لاحظوا , بعد كل تلك الدماء أن الصراع كان بين أن تكون سوريا محظية تركية أو محظية اسرائيلية .

معارضات رثة . كثيرون ممن تمرغوا بين قدمي السلطان العثماني , اشتكوا أنهم باتوا يعاملون كما أكياس القمامة على أرصفة اسطنبول .

الأميركيون الموزعون بين الصراع في الشرق الأوروبي والصراع في الشرق الآسيوي يريدون لسوريا البقاء على صفيح ساخن الى أن توضع خارطة الشرق الأوسط على المائدة . الاسرائيليون لا يدفعون سوى الفتات . رأينا كيف تركوا عملاءهم في جنوب لبنان (2000 ) يلهثون وراءهم كما القطط المذعورة , ليعودوا من اسرائيل جثة جثة !

بالرغم من ذلك , ما زال بعضنا على المنابر , يعدد الانتصارات على أميركا الى حد الايحاء بأنها على وشك االزوال , ونحن في الخطوات الأخيرة من الزوال . انتصرنا الى الحد الذي أصبحنا فيه ضيوف شرف على جهنم .

أزمة سوريا امتداد لأزمة لبنان , وأزمة لبنان امتداد لأزمة سوريا . المافيات اياها في البلدين . الناس ضاقت ذرعاً بالتعليب , ان كان بالعصا كما في سوريا , أو بالاثارة الطائفية كما في لبنان . في الحالتين , نحن من يقتل سوريا ومن يقتل لبنان .

نعلم أن بشار الأسد الذي تنسج حوله الشائعات المبرجة والى حد التشكيك بنزاهته (وهنا ذروة التفاهة) , هدف للمؤسسة اليهودية , بامتداداتها الأخطبوطية , التي كانت وراء ذلك الحصار الذي يطبق على أرواح السوريين , كما نعلم أن لبنان أستبقي هكذا , عالقاً بين الموت والحياة , لاحتواء , أو لتفكيك , المقاومة بشكل أو بآخر . هذا لا ينفي وجود مصاصي الدماء في كل من البلدين .

بين اللبنانيين , كما بين السوريين , من يرى أن الأوان آن لنرفع الصوت الى الله , لعله , بعد ذلك الغياب , يصغي الينا . عن أي انتصارات نتحدث كما لو أن الأولوية ليست للانتصار على النفس لا أن نغرز أظافرنا في جلد بعضنا البعض بعدما حوّلهم أولياء الأمر الى هياكل عظمية ؟

هكذا يتم اختراقنا , ان من الأجهزة الأجنبية , أو من برابرة الكهوف , لتبقى أبواب الخلاص موصدة في وجهنا .

تظاهرات السويداء (حدقوا ببعض الوجوه) تثير أسئلة كثيرة , وان كانت تعالج بحنكة , وبحكمة , تفادياً لأي نقطة دم قد تؤدي الى اضرام النار في المشهد المتهالك أساساً ..

أيها الرئيس بشار الأسد , سوريا تزخر بالرجال , حتى بين المعارضين الذي لم تتلوث أيديهم لا بالدم ولا بالمال . الآن أيام كبرى لاعادة النظر بسياسات كثيرة , وبشخصيات كثيرة . وكما كان حافظ الأسد باني الدولة الحديثة , ليكن بشار الأسد باني المجتمع الحديث !!

(سيرياهوم نيوز ٣-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بعد الفيتو الامريكي على وقف القتل: خطوتان مجديتان

  ا. د. جورج جبور       الخطوة الأولى: *انتقال صلاحيات مجلس الأمن الى الحمعية العامة بموحب قرار التوحد من أجل السلم. يتخذ قرار ...