*بقلم: المطران عطا الله حنا رئيس
لقد اعلنت الكنائس المسيحية في القدس عن الغاء كافة المظاهر الاحتفالية بعيد الميلاد المجيد ، وذلك حسب التقويم الغربي في 25/12 وحسب التقويم الشرقي يوم ال7 من يناير .
لقد تم الغاء المظاهر الاحتفالية ولكن رسالة العيد باقية ، وهي رسالة من نحتفي بمولده اعني السيد المسيح الذي اتى لكي ينشر قيم المحبة والاخوة والرحمة بين الانسان واخيه الانسان .
كم نحن بحاجة لهذه القيم في عالمنا اليوم حيث نشهد ازمة اخلاقية وانسانية غير مسبوقة حيث ان غزة تباد وتدمر عن بكرة ابيها وقادة العالم في الغرب يتفرجون علينا لا بل بعضهم شريك في الجريمة المرتكبة بحق هذا الشعب .
انهم يتغنون بحقوق الانسان ولكنهم يغضون الطرف عن الجرائم المرتكبة بحق اهلنا في غزة وكأن اولئك الذين يُقتلون بدم بارد ليسوا بشرا في حين اننا نرى من الواجب ان نذكر هؤلاء الحكام بأن اهل غزة هم بشر خلقهم الله كما خلق كل انسان وهم يستحقون ان يعيشوا في اوضاع افضل بعيدا عن الحروب والدمار والخراب والدماء والدموع والاحزان .
انها سادس حرب تتعرض لها غزة خلال 17 عاما وكأن غزة اصبحت واضحت حقل تجارب لكافة الصواريخ والقذائف المصنعة في الغرب دون الاخذ بعين الاعتبار بأن هنالك شعبا في غزة وهنالك مدنيين واطفال لا يستحقون ان يعاملوا بهذه القسوة .
اعياد الميلاد في هذا العام تمر علينا ونحن نشعر بالالم والحزن لان غزة تتعرض لهذا العدوان والمسيحيون في هذه الديار انما ينتمون لهذا الشعب ولهذه القضية الفلسطينية العادلة ونزيف غزة هو نزيفنا جميعا ، ومعاناة غزة هي معاناتنا جميعا.
ان اعلان الكنائس المسيحية في بلادنا عن الغاء المظاهر الاحتفالية بالعيد انما هي صرخة تطلقها هذه الكنائس بضرورة ان يتوقف هذا العدوان وبضرورة ان يتحدث العالم بشكل اكبر واوسع عن العدالة المغيبة في فلسطين وغياب العدالة هو الذي ابعدنا عن السلام الذي اصبح شعارا عند البعض يتغنون به .
ان القادة السياسيين في الغرب اشبعونا خطابات عن سلام مزعوم ولكنهم لم يفعلوا شيئا من اجل تحقيق العدالة فالاحتلال ما زال باقيا وسياساته العنصرية تزداد شراسة الى ان وصلنا الى ما يحدث اليوم في غزة من حرب همجية هدفها حرق الاخضر واليابس وهي تندرج في اطار التآمر على شعبنا وقضيته العادلة .
ان ما يحدث في غزة ليست حربا اعتيادية وليست عدوانا اعتياديا بل يمكن وصفها بأنها ابادة وتدمير ممنهج وتشريد لشعب اعزل لا سيما ان غالبية السكان في غزة هم لاجئون نكبوا عام 48 وها هم يتعرضون لنكبة جديدة وتشريد جديد .
الكنائس المسيحية وكافة المسيحيين في هذه الديار اطلقوا نداءهم لعل هذا النداء يصل الى كل مكان في هذا العالم بضرورة ان تتوقف هذه الحرب حقنا للدماء ووقفا للدمار.
لسنا دعاة حروب وموت ودمار وخراب وامتهان للكرامة الانسانية بل نحن دعاة حرية ودفاع عن الانسان المظلوم وشعبنا الفلسطيني تعرض للمظالم منذ عشرات السنين وهذا الشعب يستحق ان ينعم بالحياة الكريمة وبالحرية والسلام مثل باقي شعوب العالم .
نستقبل عاما جديدا والجديد الذي نريده في هذا العام هو ان تتوقف الحرب وان تكون هنالك خطوات عملية لحل عادل للقضية الفلسطينية وما هو مطلوب من الفلسطينيين هو ان يرتبوا اوضاعهم الداخلية فالبيت الفلسطيني يجب ان يتم ترتيبه بشكل افضل وبأياد فلسطينية بعيدا عن الاجندات الخارجية والتي لا تنسجم ولا تنصب بالضرورة مع مصلحة شعبنا .
نؤكد بأن رسالة كنائسنا في هذه الارض المقدسة كانت وستبقى دعوة الى تحقيق السلام العادل المبني على العدالة لان اي سلام لا يضمن ولا يعيد الحقوق لاصحابها لا يمكن اعتباره سلام بل استسلام وشعبنا الفلسطيني لن يرفع راية الاستسلام وهو متشبث بثوابته وحقوقه في هذه الارض المقدسة .
نداءنا ورسالتنا الى كل المسؤولين في هذا العالم بضرورة العمل الحثيث من اجل وقف هذا العدوان الذي خلف الكثير من المآسي الانسانية والتي لا يمكن وصفها بالكلمات .
*سيادة المطران عطا الله حنارئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس*
(سيرياهوم نيوز ٣-الحوار نيوز)