متفائلون يا كاظم الغيظ..!!!

مالك صقور

سألني من وراء المحيط وهو ينعم في إحدى ولايات أميركا عن حالنا ؟فقلت له : بغض النظر عما يتنبأ به المنجمون من الذكور والإناث على الفضائيات ، ووسائل التواصل الاجتماعي ..أنا متفائل جدا جدا بالمستقبل القريب والبعيد .حتى ًصفة المتشائل حذفتها من قاموسي ..وسأكون صريحا معك ..مذ أطلق فلان بن فلان مصطلح الخصحصة وبعدها أطلق مصطلح الحصحصة ، وبعدها حصل البيع والشراء ..واستفحل الفرز الطبقي : الغني يزداد غنى والفقير يزداد فقرا .

ومن يومها ونحن نتفاءل …ولا أكتمك أيضا ، جاءت الحرب ، وبقينا متفائلين رغم أنف تجار الأزمات ، ورغم أنف غول الغلاء الفاحش ، وسنستمر بهذا التفاؤل ..لأنها شدّة وستزول .ولا أعرف إن كنت تعرف أننا في “زمن” حدث فيه انقلاب في المواقف ، فتلونت النفوس ، وفسدت الطباع ، وتغيرت الأخلاق ، واختفت القيم ، والفضيلة تلاشت … بلى ياصاحبي ، أصبحنا في زمن استشرى فيه الزيف والنفاق والكذب واليباس، والحقد والكيد ..والانحطاط الأخلاقي اصبح يهيمن ويسود ، والانحطاط العربي الذي بدا منذ قرون ولا يزال مستمرا حتى هذه اللحظة . نعم ..أقول الانحطاط العربي بكل ما تعنيه كلمة انحطاط من معنى ، بكل ما يسود حياتنا الراهنة ، من خلل وتدهور وتدن وتشرذم وشراء ذمم ، وانزياح مرعب في المواقف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والفكرية ، فضلا عن تفشي روح اليأس و الإحباط واللامبالاة والهجرة والاغتراب وتغلغل الفساد ، وتفشي المحسوبيات وتوسع الإبتذال والإستهلاك الباذخ لفئة قليلة محددة ، سمتها الأنانية ، والبطر ، والإفراط في الإسراف مقابل الفقر المدقع والجوع والحرمان لأغلبية الشعب ..وصدقني : لأول مرة قي حياتي أسمع أنين الناس يشكون أوجاعهم ، وهم يتململون مهانين أمام معتمد الخبز، ومعتمد الغاز ، وفي محطات الوقود ، وفي عيادات الأطباء الجشعين وفي المشافي الخاصة التي بلا رحمة ..وفي وسائط النقل المذلة التي تسمى ” ميكرو باصات صغيرة – سرافيس “حيث يدخلها المواطن منحنيا ويخرج منحنيا .

اعترف لك الآن ، رغم تفاؤلي ، أنها المرة الأولى في حياتي ، بعد أن عبرت السبعين بسنوات أحٍسّ بالمرارة والمهانة وقد فهمت مضمون رواية دوستويفسكي ” مذلون مهانون ”

أتعتقد ، يا صديقي ، أن هذا كله بسبب الحرب ؟ ! أم الزمن ؟ أما سمعت الشاعر ماذا يقول :

نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا

وقد نهجو الزمان بغير جرم ولو نطق الزمان لنا هجانا

وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا

رحم الله الشافعي

(موقع سيرياهوم نيوز)