آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » وعي سياسي عالمي مناهض للاستعمار والإمبريالية: جيل Z ♥ المقاومة (اللبنانية)

وعي سياسي عالمي مناهض للاستعمار والإمبريالية: جيل Z ♥ المقاومة (اللبنانية)

علي عواد

 

برز جيل Z كأحد أكثر الأجيال وعياً سياسياً ودعماً للمظلومين. أسهم بشكل كبير في الترويج للقضية الفلسطينية عبر منصات التواصل الاجتماعي، داعياً إلى العدالة والمساواة. واليوم، يُظهر تعاطفاً مشابهاً مع المقاومة اللبنانية ضد إسرائيل، التي تحاول دفع لبنان والمنطقة نحو حرب شاملة بهدف تحويل الأنظار عن القضية الفلسطينية عبر الترويج لمفهوم «إعادة المستوطنين إلى الشمال». لكن هذا الجيل، كما فعل مع فلسطين، سيقف مجدداً إلى جانب المقاومة وحقوق الشعوب المضطهدة

 

حتى الساعة، ظهرت المقاومة اللبنانية على أنها «أعقل ضُبّاط المنطقة»، في حين صارت إسرائيل في نظر من يشاهد الشرق الأوسط من بعيد، قنبلةً موقوتةً يمكن أن تنفجر في أي لحظة. وما لا تفهمه إسرائيل بسبب قصر النظر الذي بدأ يطغى على سياساتها بعد 7 أكتوبر 2023، أنها تغامر بكل أوراقها دفعةً واحدةً على طاولة النظام الدولي الجديد. والأخطر من ذلك كله، بالنسبة إليها أنّها بأفعالها ضربت التعاطف العالمي مع الشعب اليهودي المُراكم منذ الحرب العالمية الثانية. بكلمات أخرى، إسرائيل التي تحولت إلى رأس حربة مشروع اليمين العالمي، أدخلت نفسها في خطر وجودي سيظهر بمجرّد بدء انحسار مدّ اليمين حول العالم وخسارة قادته الانتخابات المرتقبة. أما اعتقادها بأنّ الحرب مع لبنان يمكن أن تؤمن لها أوراق مساومة أفضل، فهي مغامرة خاسرة سلفاً.

 

تصميم عبر الذكاء الاصطناعي (بينغ إيمدج كريياتور)

 

دائماً ما كان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مادة للنشاط الدولي، لكن ظهور السوشال ميديا والنشاط الرقمي لجيل Z هو الذي أعاد صياغة السردية بشكل كبير. عبر إيصال الأصوات الفلسطينية ونشر مشاهد المجازر، نجح الجيل Z في تغيير الخطاب العالمي والكشف عن حياة ومعاناة الفلسطينيين في ظل كيان الفصل العنصري على عكس ما روّجت السردية الإسرائيلية طوال عشرات السنين. ولم تكتفِ هذه الحركة بإضفاء الطابع الإنساني على النضال الفلسطيني فقط، بل ربطته أيضاً بالقيم العالمية الأوسع لمناهضة الاستعمار والعدالة العرقية وحقوق الإنسان. وبدأ تفسير الأعمال العسكرية الإسرائيلية، والقمع الشديد للاحتجاجات، والانتهاكات للقانون الدولي عبر عدسة الظلم المنهجي هذه، فأصبحت القضية الفلسطينية في نظر عدد من الشباب رمزاً للمقاومة ضد الاضطهاد، وأصبح يُنظر إلى إسرائيل على نحو متزايد على أنّها قوى استعمارية معتدية، ولا سيما في أعقاب حرب الإبادة والتطهير العرقي المستمرة.

مع المحاولات الإسرائيلية المستمرة للتصعيد مع لبنان، تتجه إسرائيل لتجد نفسها مرة أخرى في دور المعتدي في نظر شباب العالم. ولهذا تحرك بعضهم في لبنان والخارج سريعاً لاستعادة السردية وتضخيمها حول دور المقاومة في القتال في سوريا. في حال أدخل العدو المنطقة في حرب كاملة الأوصاف، ستظهر المقاومة اللبنانية، وعلى رأسها «حزب الله»، داخل لبنان كخط دفاع ضد عمليات التوسع الإسرائيلية، وسيتحول «حزب الله» من لاعب إقليمي إلى لاعب دولي، تُرفع صور رموزه في عواصم العالم. بالنسبة إلى عدد من الناشطين من جيل Z، ولا سيما أولئك الذين يتناغمون مع المقاومة ضد الاستعمار والإمبريالية، سيبدو النضال اللبناني قضيتهم. إن اختلال توازن القوى، مع تفوّق القدرات العسكرية الإسرائيلية بشكل كبير واستمرار احتلالها للأراضي اللبنانية، يعكس الديناميكيات التي حفّزت التضامن الدولي مع الفلسطينيين. وإذا ما استهدفت الضربات العسكرية الإسرائيلية المدنيين اللبنانيين أو أسفرت عن نزوح كبير، فمن المرجّح أن يترسّخ هذا التصوّر أكثر فأكثر.

أفعال الكيان الصهيوني ضربت التعاطف العالمي مع الشعب اليهودي المُراكم منذ الحرب العالمية الثانية

 

لا تزال وسائل التواصل الاجتماعي أداةً قوية لتشكيل السردية العالمية للصراع. وقد لعبت منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك» و«إكس» دوراً كبيراً في توجيه السردية حول فلسطين. ليس لأنّ منصات السوشال ميديا مع القضية فلسطين، طبعاً لا، لكن انتشار مقاطع فيديو للمباني التي تعرضت للقصف والضحايا المدنيين وشهادات الشباب الفلسطيني على نطاق واسع، أدى إلى حشد الدعم في جميع أنحاء العالم. وقد سمح هذا التفاعل الرقمي للقضية الفلسطينية باكتساب زخم كبير بين فئة الشباب من الجيل Z.

ويمكن أن تظهر موجة مماثلة بسهولة في لبنان، ولا سيما بالنظر إلى حالة الضعف التي تعاني منها البلاد بعد الانهيار الاقتصادي. وبالفعل، بدأت تُتداول مقاطع فيديو للغارات الجوية الإسرائيلية والدمار في جنوب لبنان والتقارير عن الضحايا المدنيين اللبنانيين على الإنترنت، ما يثير الغضب والتعاطف. بالنسبة إلى جيل Z، تثير هذه الصور الشعور نفسه بالظلم الذي شعروا به تجاه الفلسطينيين. ومع انقسام معظم العالم حول النزاعات الجيوسياسية، يمكن أن تصبح السوشال ميديا بسرعة أرضاً خصبة تروي قصة الظلم الذي لحق بلبنان أيضاً منذ أن زُرعت إسرائيل في أرض فلسطين.

إنّ موقف إسرائيل العدواني المتزايد في المنطقة يهدّد بخروج جيل أصبح أكثر وعياً عالمياً من أي وقت مضى. بالنسبة إلى عدد من الشباب، لا يتعلق الأمر بالمصالح الوطنية أو الجغرافيا السياسية فقط، بل يتعلق أيضاً بالشعور المشترك بالإنسانية والعدالة. إن التصور بأن إسرائيل تستخدم مرة أخرى القوة غير المتكافئة ضد جار «أصغر» وأقل تجهيزاً يمكن أن يرسّخ صورتها كمعتدٍ إقليمي عدواني بطبيعته. علاوةً على ذلك، يتشكل الوعي السياسي لجيل Z عبر التقاطعية النسوية، التي تربط مختلف أشكال الاضطهاد ـــ سواء كان عنصرياً أو اقتصادياً أو استعمارياً ــ في إطار عالمي أوسع من العدالة. قد يبدأ هذا الجيل في رؤية محنة لبنان كجزء من نمط أوسع من العدوان الإمبريالي، بالطريقة نفسها التي ينظرون بها إلى القضية الفلسطينية. ولن يكون من المستغرب أن تجد المقاومة اللبنانية، التي دائماً ما جرت شيطنتها في وسائل الإعلام السائدة، دعماً جديداً بين جيل الشباب الذين يتعاطفون مع أي حركة مقاومة مناهضة للإمبريالية.

 

Ad

Unmute

قد تباع ماكينة الطحن غير المباعة في المكسيك مجانًا تقريبًا!

ماكينة طحن

يتشكل وعيه عبر التقاطعية النسوية، التي تربط مختلف أشكال الاضطهاد والنضالات في إطار عالمي أوسع

 

بينما تضاعف إسرائيل من إستراتيجيتها العسكرية في لبنان، فإنها لا تخاطر فقط بإبعاد الحلفاء التقليديين، بل تخاطر أيضاً بخسارة معركة الرأي العام العالمي مجدداً. عملياً، يمكن تغيير العلاقات الديبلوماسية والإستراتيجيات السياسية، لكن خسارة الدعم الثقافي والمعنوي لجيل كامل ستكون له آثار دائمة. سيخرج من عباءة هذا الجيل القادة والمستهلكون وصانعو السياسات في المستقبل. وإذا ترسّخت وجهات نظرهم عن إسرائيل كدولة تستخدم العنف غير المتناسب باستمرار ضد جيرانها، فسيكون لذلك آثار عميقة على مكانة إسرائيل في العالم.

تواجه إسرائيل منعطفاً حاسماً في كيفية تعاملها مع لبنان. صحيح أنّ «جيشها» سيحاول عبثاً أن يضمن لها مكاسب إقليمية أو إستراتيجية على المدى القصير، إلا أن العواقب الطويلة الأجل المترتبة ستكون أكثر ضرراً بكثير. وبينما يراقب العالم التطوّرات، فإن الأمر لا يتعلق فقط بالدبابات والصواريخ والذكاء الاصطناعي والعمليات الاستخباراتية الإرهابية، بل بالروايات والقصة التي يمكن أن تتجاوز الحدود وتأسر المخيلة. إذا استمرت إسرائيل في مسارها الحالي، فإنها تخاطر بفقدان تعاطف جيل كامل لعقود من الزمن. فالنظرة التي يُلقيها الناس عليك وأنت في أوج قوتك تختلف تماماً عمّا تكون عليه حينما تكون أنتَ الضحية. في الواقع، لقد كانت صورة الضحية هي الأساس الذي بُنيت عليه إسرائيل.

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزراء في الكوما بعد شهرين على النزوح: المساعدات الخارجية تغطّي 20% من الاحتياجات

ندى أيوب         على مشارف انقضاء الشهر الثاني من النزوح الكبير، لم تشكّل المساعدات العينية التي وصلت إلى لبنان من مصادر مختلفة ...